نفذت القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد، المعروف إسرائيليًا بمطار بن غوريون، في منطقة يافا المحتلة، وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي، بحسب ما أعلنت القوات المسلحة اليمنية في بيان.
وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أن العملية حققت هدفها بنجاح بفضل الله، وتسببت في هروع ملايين الصهاينة الغاصبين إلى الملاجئ، وتوقف حركة المطار.
وأكد العميد سريع استمرار القوات المسلحة اليمنية في فرض حظر على حركة الملاحة الجوية من وإلى مطار اللد، مشيرًا إلى استجابة معظم الشركات خلال الأيام الماضية لهذا القرار، ما أثّر بشكل كبير على حركة المطار المذكور.
وقال العميد سريع: “إن المجازر اليومية المرتكبة بحق إخواننا في قطاع غزة تدفع اليمن، شعبًا أبيًا وقيادة مؤمنة وجيشًا مجاهدًا، إلى بذل المزيد من الجهد والعمل في تصعيد العمليات العسكرية، بهدف وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها”.
محللون ومسؤولون صهاينة يقرّون بالعجز: لا قدرة على وقف الصواريخ اليمنية ما دام الحصار مفروضًا على غزة
هذا، وأجمع محللون ومسؤولون صهاينة على أن “إسرائيل” تقف عاجزة أمام الصواريخ والمسيّرات اليمنية، مؤكدين أن استمرار العمليات اليمنية مرتبط مباشرة باستمرار العدوان على قطاع غزة والحصار المفروض عليه.
وفي تقرير بثته القناة الثانية عشرة العبرية، أقرّ مسؤول عسكري رفيع برتبة لواء – شغل سابقًا منصب رئيس قسم العمليات في جيش الاحتلال – بأن كيان العدو يواجه وضعًا “بالغ التعقيد لا يمكن السيطرة عليه”، مشيرًا إلى امتلاك القوات المسلحة اليمنية “مئات الصواريخ الباليستية”، وتوقع تصعيدًا متواصلًا على جبهة الجنوب.
وأضاف المسؤول: “علينا أن ننتظر كيف سيتصرف اليمنيون، فكل أسبوع قد نشهد إطلاق صاروخ أو أكثر”، في اعتراف واضح بعدم قدرة جيش الاحتلال على إيجاد حلول فعّالة للتعامل مع التهديدات المتواصلة.
وفي السياق ذاته، أكد المحلل العسكري للقناة أن استهداف البنية التحتية في اليمن “لن يؤدي إلى وقف الهجمات”، كاشفًا أن سلاح الجو اضطر مؤخرًا لقصف أهداف ثانوية، منها مصنع للخرسانة في محافظة الحُديدة، بعد أن استُنفدت الأهداف العسكرية ذات القيمة.
وعبّر المحلل عن خيبة أمل واضحة بعد انسحاب القوات الأمريكية من البحر الأحمر، معتبرًا أن “اليمنيين تلقّوا دفعة قوية بعد هذا الانسحاب”، مضيفًا: “من المحزن أن الرئيس ترامب أغمض عينيه عن كل ما يجري”.
كما أشار تقرير القناة العبرية إلى أن القوات اليمنية كثّفت عملياتها عقب توقف العدوان على اليمن، موضحًا أن “خلال الأسبوعين والنصف الماضيين، أطلق اليمنيون 12 صاروخًا باتجاه إسرائيل”.
بدوره، صرّح مراسل القناة العسكري بأن الصواريخ اليمنية أحدثت تأثيرًا نفسيًا كبيرًا لدى المستوطنين، وعطّلت مظاهر الحياة اليومية في مناطق واسعة من الكيان، لافتًا إلى أن “اليمن يسعى لترسيخ معادلة واضحة: ما دامت الحرب مستمرة في غزة، فإسرائيل ستظل تحت القصف”.
وتتزامن هذه التصريحات مع تصاعد القلق داخل الكيان من تهديدات يمنية باستهداف ميناء حيفا الاستراتيجي، في ظل عجز حكومة بنيامين نتنياهو عن إيجاد مخرج أمني دون التراجع عن عدوانها المستمر على غزة.
ورقة ميناء حيفا: معادلة ردع جديدة تضع “إسرائيل” أمام تهديد شامل وطويل الأمد
وفي السياق، تضع التهديدات المتصاعدة التي تلوّح باستهداف ميناء حيفا الاستراتيجي كيان العدو الصهيوني أمام معادلة ردع غير مسبوقة، قد تعيد رسم خارطة الصراع في المنطقة وتفرض عليه أعباء اقتصادية وأمنية طويلة المدى.
يُعد ميناء حيفا من أكثر المنشآت حساسية في بنية الكيان، حيث يضم مرافق نفطية وغازية ومصانع للبتروكيماويات وخزانات للأمونيا، وهي مواد شديدة القابلية للاشتعال والانفجار. أي استهداف مباشر لهذه البنية قد يتسبب بكارثة كبرى تطال مفاصل الإنتاج والنقل والطاقة، وتهدد أمن مئات آلاف المستوطنين في الشمال المحتل.
هذا الواقع المعقّد دفع دوائر القرار في الكيان إلى رفع مستوى التأهب الأمني حول الميناء، الذي لطالما اعتُبر “برميل بارود” يُرعب المؤسسة العسكرية والسياسية، لا سيما خلال الحروب الماضية مع حزب الله، واليوم مع تصاعد التهديد اليمني.
الأهمية الاقتصادية لميناء حيفا تضاعفت بعد تعطيل ميناء أم الرشراش (إيلات)، إذ بات الميناء الواقع على المتوسط شريانًا حيويًا لحركة الواردات والصادرات الصهيونية، خصوصاً تلك القادمة من أوروبا وأمريكا. وهذا ما جعله عُرضةً لضغوط استراتيجية في سياق الردع.
بحسب التقديرات، فإن الميناء يؤمن نحو 60% من احتياجات الكيان من المشتقات النفطية والغاز، ويغذي شبكة المصانع ومحطات الطاقة المحيطة به. أي تعطيل أو حظر عليه، ولو جزئي، من شأنه أن يسبب أزمة تموينية خانقة، ويشلّ قطاعات الإنتاج ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، في ظل اعتماد الكيان على الاستيراد الزراعي والغذائي من الخارج.
ولم تتوقف المخاوف الإسرائيلية عند البعد الاقتصادي، بل تعدّته إلى تأثيرات بنيوية تتصل بسوق العمل والناتج المحلي. إذ من المتوقع أن يؤدي تعطيل الميناء إلى تسريح آلاف العمال، وانكماش في القطاع الصناعي، إلى جانب انهيار تدريجي في الثقة بالاستثمار الأجنبي، وتراجع حجم صفقات التسلح التي ترتبط بعمليات التصدير والاستيراد من خلال الميناء ذاته.
وفي البعد الاستراتيجي، فإن التهديد باستهداف حيفا يرقى إلى مستوى إعادة صياغة معادلة الاشتباك، خاصة في ظل عجز حكومة العدو عن فك الحصار المفروض على غزة، أو تقديم حلول توقف موجة الردع المتصاعدة من أكثر من جبهة.
هذه المعطيات مجتمعة تضع العدو أمام مأزق وجودي مفتوح: فإما التراجع عن العدوان والحصار، أو الدخول في نفق استنزاف طويل الأمد تتقاطع فيه الجبهات الاقتصادية والعسكرية والنفسية. وفي كلا السيناريوهين، تكون رسالة الردع قد وصلت، وتحوّلت من تهديد إلى واقع يُحسب له ألف حساب.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق