عقد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، يوم أمس الثلاثاء، اجتماعه الدوري الذي خُصص لمناقشة الأوضاع العامة على المستويين الوطني والدولي، حيث وجّه الحزب انتقادات حادة للحكومة، متهماً إياها بـ"الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
وأعرب حزب "بنعبد الله" في بلاغه عن استغرابه مما وصفه بـ"استمرار الحكومة، برئيسها والحزب الذي يقودها، في ترويج خطاب استعلاء ورضى مفرط عن الذات"، مشيراً إلى أن هذا الخطاب "يتناقض مع الواقع" و"تكذبه الأرقام والمعطيات الصادرة عن مؤسسات وطنية رسمية". واعتبر أن هذا الخطاب "مستفز لأوسع فئات المجتمع" التي تعاني من تداعيات الغلاء، والبطالة، وإفلاس المقاولات، وضعف الولوج إلى الخدمات الاجتماعية.
وهاجم حزب التقدم والاشتراكية ما وصفه بـ"إنكار الحكومة للانتقادات المعارضة"، مندداً بما اعتبره "تهجماً مرفوضاً واتهامات غير مسؤولة" صادرة عن رئيس الحكومة وبعض أعضاء حزبه ضد "أصوات معارضة بارزة"، اتُّهِمَت بالكذب. وأوضح الحزب أن المعطيات التي استند إليها في انتقاد سياسة استيراد المواشي "واردة في وثيقة رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية"، وليست من صنعه.
وأكد الحزب عزمه مواصلة ما وصفه بـ"الترافع الجريء والمسؤول"، في إطار الدستور والديمقراطية، لكشف اختلالات الأداء الحكومي، والتباين بين الوعود المعلنة والحصيلة الفعلية "المتواضعة بل والسلبية في كثير من الأحيان"، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أعلن المكتب السياسي لحزب "الكتاب" أنه أخذ علماً بالاتصالات الجارية بين مكونات المعارضة داخل مجلس النواب من أجل تقديم ملتمس للرقابة، معبراً عن أمله في توفر شروط نجاح هذه المبادرة الدستورية. كما ندد بما وصفه بـ"مناورات الحكومة وأغلبيتها لإفشال مشروع تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استيراد المواشي"، معتبراً أن الحكومة "تستغل أغلبيتها العددية بشكل منهجي لرفض الخضوع لأي شكل من أشكال الرقابة".
يأتي هذا البلاغ في ظرفية سياسية دقيقة تتسم بتصاعد حدة التوتر بين الحكومة والمعارضة، لا سيما بعد إخفاق مبادرات رقابية سابقة، من قبيل طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول استيراد المواشي. ويبدو أن حزب التقدم والاشتراكية، من موقعه المعارض، يسعى إلى إعادة طرح النقاش العمومي حول فاعلية السياسات العمومية، واستقلالية المؤسسات الرقابية، وحدود السلطة التنفيذية في التعامل مع النقد السياسي.
ويعكس البلاغ أيضاً ملامح تصعيد جديد في الخطاب السياسي، حيث لا يكتفي الحزب بتشخيص الوضع، بل ينتقل إلى تحميل الحكومة مسؤولية مباشرة في ما يصفه بـ"التدهور المعيشي" لفئات واسعة من المواطنين. وهو ما قد يُمهّد لخطوات أكثر صرامة في المستقبل، على غرار ملتمس الرقابة الذي لوّحت به المعارضة البرلمانية، في محاولة لإحداث توازن سياسي داخل المؤسسة التشريعية.
بهذا المعطى، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة المعارضة على تنسيق صفوفها واستثمار هذا المنعطف السياسي، في ظل سيطرة أغلبية مريحة للحكومة، لكنها باتت تواجه انتقادات متزايدة من داخل البرلمان وخارجه.
0 تعليق