استهلت الأسواق المالية في الولايات المتحدة هذا العام بتحديات جديدة، على رأسها مخاوف الركود الاقتصادي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وموعد انتهاء دورة التشديد النقدي، فضلًا عن الانتخابات الرئاسية.

 ودفعت العقبات المحللين والمستثمرين لاستبعاد تكرار سيناريو العام الماضي، حين تغلب سوق الأسهم الأمريكية على الاضطرابات المصرفية وأزمة سقف الديون، لينهي مؤشر "إس آند بي 500" عام 2023 مرتفعًا بنحو 24%.

ومع اقتراب العام الجديد، يبدو أن سيناريو الهبوط الناعم ما زال حاضرًا بقوة، حيث يمكن للاحتياطي الفيدرالي استكمال دورة التيسير النقدي، مع تراجع التضخم نحو مستهدفه البالغ 2%، في ظل مرونة سوق العمل، وتعافي الإنفاق الاستهلاكي.

الأسواق تشهد أوقاتاً عصيبة

- كانت أكبر موجة بيعية هذا العام في بداية أغسطس، والتي انتقلت تداعياتها إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، بسبب ضعف بيانات التصنيع والوظائف، وسط مخاوف من استمرار تشديد الفيدرالي للسياسة النقدية، وصدور نتائج أعمال من شركات التكنولوجيا الكبرى لم تحظ بقبول جيد.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

- تزامن ذلك مع تصفية المستثمرين لمراكزهم المرتبطة بـ "الكاري تريد" بعد رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة، وكانت النتيجة انخفاض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 8.5% من الذروة إلى القاع واتساع فروق العائد على السندات الأمريكية، بحسب "دويتشه بنك".

- جاءت هذه الاضطرابات بعدما شهد شهر أبريل موجة بيعية مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث تجاوز خام "برنت" 90 دولارًا للبرميل وهبطت الأسهم الأمريكية بأكثر من 5%.

- سبق ذلك أيضًا، تنامي مخاوف التضخم خلال الربع الأول من العام، مع تسجيل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في الولايات المتحدة زيادة بنسبة 0.4% لمدة ثلاثة أشهر متتالية، مما دفع المعدل السنوي إلى زيادة بنسبة 4.5%.

الأسواق تتجاوز الصعاب

- مع ذلك، حقق مؤشر "إس آند بي 500" منذ بداية العام 57 إغلاقًا قياسيًا (حتى 6 ديسمبر)، ليرتفع بنحو 27% خلال الفترة، متجاوزًا أفضل التوقعات في مطلع العام، والتي رجحت زيادته بنسبة 17% عند 5400 نقطة.

- سجل "داو جونز" خلال الفترة 48 مستوى قياسيًا جديدًا، تجاوز خلالها 45 ألف نقطة، مضيفًا نحو 18% مقارنة بمكاسب العام السابق البالغة 14% تقريبًا.

- ارتفع "ناسداك" المركب بأكثر من 31% منذ بداية العام، بدعم من تحقيقه 36 إغلاقًا قياسيًا، ومقارنة بمكاسب تجاوزت 43% في عام 2023.

طفرة الذكاء الاصطناعي تقود الأسواق

- كان الابتكار التكنولوجي محركًا رئيسيًا للنمو في سوق الأسهم، حيث ساهمت طفرة الذكاء الاصطناعي في تعزيز أسعار أسهم شركات على رأسها "إنفيديا"، والتي زاد سهمها بنسبة تتجاوز 176% منذ بداية العام.

- دفع ذلك معهد الاستثمار التابع لـ "بلاك روك" لزيادة وزن الأسهم الأمريكية في محافظه الاستثماريه للعام المقبل، وعزا ذلك لاتساع نطاق أعمال الذكاء الاصطناعي.

- رغم ذلك، كان القطاع المالي هو الأفضل أداءً حتى الآن هذا العام، حيث ارتفع بنسبة 35%، يليه قطاع المرافق، الذي اكتسب 28%، فيما صعدت أسهم شركات التكنولوجيا بنحو 22%.

الفرص والمخاطر في عام 2025 

- تتوقع شركة الأبحاث السوقية "آي دي سي" تضاعف الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي بين عامي 2024 و2028، بمعدل نمو سنوي مركب 29%.

- تتوقع "وود ماكنزي" نمو أرباح شركات الرعاية الصحية بمعدل نمو سنوي مركب 7% بين عامي 2022 و2027.

- فيما قدر معهد أبحاث الطاقة الكهربائية أن روبوتات الدردشة الذكية مثل "شات جي بي تي" تستخدم 10 أمثال الكهرباء المستخدمة في البحث على الإنترنت، مما يعني استمرار الطلب على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجات الأسواق.       

- كما عدّل المحللون توقعاتهم في ظل الأداء القوي للأسواق هذا العام، وعقب فوز الرئيس "دونالد ترامب" بالانتخابات الرئاسية، لتشير تقديراتهم إلى ارتفاع "إس آند بي 500" بنسبة 20% عند 7 آلاف نقطة العام المقبل.

- سيتابع المستثمرون آفاق الدين العام الأمريكي خلال العام المقبل، بعدما تجاوز 36 تريليون دولار، فضلًا عن مخاوف تجدد الضغوط التضخمية مع فرض "ترامب" المحتمل لرسوم جمركية مرتفعة على الواردات الأمريكية.

- على أي حال، تسود توقعات متفائلة لعام 2025 يشوبها الحذر، حيث من المتوقع استمرار الزخم في الابتكار التكنولوجي وانخفاض أسعار الفائدة، ولكن التقييمات المرتفعة والتوترات الجيوسياسية العالمية قد تدعو لتنويع الاستثمارات عبر أسهم النمو والقيمة، للحد من المخاطر.

المصدر: أرقام – رويترز – سي إن إن - بلومبرج – ماركت ووتش – بيزنس إنسايدر - فوربس