أحدث إعلان الرئيس الكوري الجنوبي "يون سوك يول" فرض الأحكام العرفية في بث مباشر لم يكن معلنا مسبقا تداعيات سياسية وأمنية غير مسبوقة، حيث برر الرئيس قراره بحماية الديمقراطية الليبرالية من المعارضة التي وصفها بـ"المناهضة للدولة"، دون تقديم تفاصيل واضحة حول التهديدات المزعومة، رغم إشارته إلى كوريا الشمالية ورئيسها "كيم جونغ أون" كخطر محتمل.
وتسارعت الأحداث الميدانية عقب الإعلان، حيث انتشرت قوات الأمن والجيش حول البرلمان في العاصمة سيول، وحاولت منع النواب من دخول مبنى البرلمان، قبل أن تتمكن أعداد كافية منهم من ولوجه وعقد جلسة تصويت ألغت القرار بالإجماع، مما شكل تحديا مباشرا للرئيس، ودفعه للتراجع لاحقا ورفع الأحكام العرفية تحت ضغط داخلي وخارجي متزايد، رغم رفض الجيش الانصياع للبرلمان في البداية.
وموازاتا مع ذلك، اندلعت مظاهرات حاشدة في سيول، خاصة أمام البرلمان، حيث استذكر المتظاهرون فترات الحكم العسكري القمعية التي شهدتها البلاد في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ورفعوا شعارات تعبر عن الرفض الشعبي الواسع لقرارات يون، وسط مطالب بضرورة الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بعد سنوات من النضال.
وتفاقمت الأزمة في ظل التوتر القائم بين الرئيس والبرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، حيث جاء قرار فرض الأحكام العرفية بعد تعثر التوصل إلى اتفاق حول ميزانية عام 2025، التي عمدت المعارضة إلى إدخال تعديلات فيها تنص على خفض ميزانيات حكومية رئيسية، مما أثار غضب الرئيس، الذي اتهم المعارضة المعارضة بالسعي إلى إسقاط النظام الديمقراطي الليبرالي، بينما وصف قادة المعارضة الرئيس بالمستبد.
ولم تقتصر تداعيات هذه الأحداث على الداخل الكوري؛ إذ أثارت قلقا دوليا واسعا، خاصة من الولايات المتحدة، التي تعتبر كوريا الجنوبية حليفا استراتيجيا لها في منطقة تشهد توترات متزايدة، حيث جاءت التصريحات الدولية مطالبة بضرورة التزام سيول بالديمقراطية والحريات، وسط مخاوف من تأثير هذه الأزمة على الاستقرار الإقليمي.
من جانب آخر، شهدت قرارات إضافية من قائد الجيش، شملت حظر النشاطات السياسية ووضع وسائل الإعلام تحت رقابة الحكومة، انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان والصحافة، مؤكدة أن هذه القرارات عززت من شعور الشارع بالخطر على الحريات العامة، مما زاد من حجم الاحتجاجات.
وأظهر استطلاع للرأي أقيم وسط هذه الأجواء المتوترة تراجع شعبية الرئيس إلى أدنى مستوياتها عند 19%، وهو انخفاض يعكس استياء واسعا من سوء إدارة الاقتصاد، فضلا عن الجدل الدائر حول زوجته ودورها في توجيه قراراته السياسية.
أخبار متعلقة :