زيارة بوريطة المفاجئة لمدريد.. هل تدق الرباط طبول الحسم في نزاع الصحراء؟

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في توقيت بالغ الحساسية، ودون أي إعلان مسبق، حلّ وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بالعاصمة الإسبانية مدريد، في زيارة خاطفة ومفاجئة تزامنت مع "الخميس المقدس" الذي يرمز في العقيدة المسيحية إلى المحبة الأخوية، غير أن دلالات هذه الزيارة، وحرص الوزيرين المغربي والإسباني على عقد اجتماع عاجل، توحي بأن الأمر يتجاوز المجاملات الدبلوماسية أو التقاليد البروتوكولية.

فما الذي لا يمكن حله عبر الهاتف؟ ولماذا هذا الاستعجال؟ أسئلة كثيرة يطرحها المراقبون، خاصة بعدما حرص بوريطة، في تصريحاته، على التذكير بالأوضاع الإنسانية القاتمة في مخيمات تندوف، والجمود الذي يعرفه ملف الصحراء منذ نصف قرن، قبل أن يتساءل بنبرة حادة: "هل نحتاج خمسين سنة أخرى؟".

مصادر دبلوماسية أوروبية لم تستبعد أن تكون الرباط بصدد إبلاغ حلفائها بقرار استراتيجي يتعلق بإعادة ترتيب الأوراق في الميدان، خصوصاً بعد الهجوم الأخير الذي استهدف مركبة تابعة لبعثة "المينورسو"، والذي وُجهت فيه أصابع الاتهام لعناصر من جبهة البوليساريو. هذا التطور أعاد إلى الواجهة الجدل حول فعالية البعثة الأممية، وسط تحركات مغربية دؤوبة لانتزاع تصنيف "الإرهاب" في حق البوليساريو داخل المحافل الدولية.

وتذهب التكهنات إلى أن المملكة قد تدرس تحريك الوضع في "المنطقة العازلة" فيما وراء الجدار الأمني، في خطوة عسكرية محدودة لكن محسوبة، يتم التحضير لها في سرية تامة.

غير أن ملف الصحراء لم يكن وحده على طاولة المحادثات، إذ تشير المعطيات إلى أن بوريطة بحث أيضاً مع نظيره الإسباني ملف ترسيم الحدود البحرية قبالة سواحل الصحراء، وتحديداً في منطقة جبل "تروبيك"، الغني بالمعادن الاستراتيجية مثل الكوبالت والليثيوم والتيتلوريوم.

هذا الجبل البركاني الغارق في أعماق المحيط، يشكل محور نزاع صامت بين مدريد والرباط، خاصة بعدما تسلّمت هذه الأخيرة خرائط بحرية مفصلة من فرنسا، وُصفت بأنها خطوة تقنية لتعزيز قدرات البحرية الملكية، لكنها تحمل في طيّاتها أبعاداً جيواستراتيجية لا تخطئها العين.

وفي الوقت ذاته، أعاد بوريطة إثارة ملف الجمارك التجارية بين سبتة ومليلية والمغرب، وهو الورش الذي تعثّر طويلاً لأسباب سياسية واقتصادية معقدة.

مصادر إسبانية كشفت أن الرباط اقترحت بشكل أولي إنشاء شركة مشتركة مع مدريد لاستغلال جبل "تروبيك"، لكن هذه المبادرة لا تزال رهينة مفاوضات صعبة، بسبب تضارب المصالح والمواقف السيادية.

هكذا إذن، وفي قلب عطلة دينية مفصلية في أوروبا، اختارت الرباط بعناية توقيت رسائلها، لتُعلن دون أن تقولها صراحة: الصحراء ليست بضاعة تفاوض، والأمن الاستراتيجي للمغرب يبدأ من البحر، ولا ينتهي عند حدود الجدار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق