تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة الناشطة السورية طل الملوحي اليوم الثلاثاء، وهي ترتدي علم الثورة السورية في أحد شوارع سوريا، مما أثار موجة من التعاطف والفرح بين السوريين.
تأتي هذه الصورة للملوحي بعد أكثر من 14 عامًا من السجن والتعذيب في سجون النظام السوري، حيث تم اعتقال طل الملوحي في عام 2010 بتهمة "التجسس" على النظام لصالح جهات خارجية.
وقد تعرضت لعدة انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء فترة احتجازها، مما جعل قضيتها واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام السوري والدولي خلال أكثر من عقد، لاسيما وانه تم اعتقالها قبل اندلاع الثورة السورية.
من هي طل الملوحي؟
طل الملوحي، مدوّنة سورية، من مواليد عام 1991 في مدينة حمص، وقد اعتقلها جهاز أمن الدولة، وهو أحد أجهزة استخبارات النظام قبل نهاية عام 2009، قبل تحويلها إلى محكمة أمن الدولة العليا، التي كان يُحوّل إليها في العادة معتقلو الرأي في سورية.
حكمت عليها المحكمة هناك بالسجن خمس سنوات، بتهمة "التجسس لصالح دولة أجنبية"، علماً أن عمر طل لم يكن يتجاوز الـ19 عاماً وقت صدور الحكم بحقها.
وكانت الملوحي قد اشتهرت عام 2006 بعد نشرها مواد تدعو إلى الإصلاح والانتقال إلى الديمقراطية في سورية، على الإنترنت، فاستدعتها أجهزة الأمن للتحقيق في العام نفسه، بسبب مناشدة وجّهتها عبر موقع "النادي السوري" إلى رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، داعية إياه، للإسراع في عملية التحوّل الديمقراطي بالبلاد.
وذكرت حينها في الرسالة أنه "كونه رئيساً يحتم عليه منصبه وقف الفساد المستشري"، مذكرةً إياه "بما قطعه من وعود"، واستخدمت طل اسمها الثلاثي في هذه المناشدة، التي حُذفت فيما بعد من أرشيف الموقع.
وفي العام التالي تكرّر استدعاء أجهزة الأمن السورية لطل ثلاث مرات على الأقل، قبل أن تنتقل مع أسرتها للسكن في القاهرة، لكن العائلة عادت إلى سورية في صيف عام 2009، قبل اعتقال طل بأشهر قليلة.
وافقت محكمة الجنايات بحمص في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2013، على إطلاق سراحها، ولكن إدارة سجن عدرا أذعنت لقرار السلطات الأمنية القاضي باستمرار اعتقالها من دون أي مذكرة قضائية.
واعتبر توقيفها وسجنها وقتها ضمن استراتيجية النظام السوري لإسكات أي معارضة أو دعوة للتغيير، في ظل ارتفاع الأصوات المعبّرة عن امتعاضها من الفساد والفقر في تلك المرحلة، وبروز فضاءات لا رقابة عليها على شبكة الإنترنت.
الاعتقال والتعذيب
لم تكن ظروف احتجاز طل الملوحي واضحة لسنوات، لكن تقارير حقوقية أشارت إلى تعرضها للتعذيب وسوء المعاملة في السجون السورية، ولم يُسمح لعائلتها بزيارتها لفترات طويلة، ما زاد من الغموض حول وضعها الصحي والنفسي، حتى خرجت أخبار عن موتها داخل السجن والاحتفاظ بجثّتها.
تحولت قضية طل إلى رمز عالمي للمطالبة بالعدالة والحرية، خاصة في أوساط الناشطين والمدافعين عن حرية التعبير. وباتت قصتها تمهيداً لحملة القمع الشرسة التي شنها النظام السوري على المعارضين بعد اندلاع الاحتجاجات عام 2011.
الحملات الدولية للمطالبة بالإفراج عنها
في ظل الغموض الذي أحاط بقضيتها، تصاعدت الحملات الدولية المطالبة بالإفراج عنها. شارك ناشطون حقوقيون وصحافيون من مختلف أنحاء العالم في هذه الحملات التي شددت على ضرورة الإفراج عنها. في عام 2010، وقع أكثر من 4000 شخص على بيان طالبوا فيه بحريتها، وكانت هذه الخطوة جزءاً من سلسلة جهود منسقة للضغط على النظام السوري. انضمت منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الدولية إلى هذه الجهود، مما ساهم في تسليط الضوء على قضيتها عالمياً.
صحافيون معتقلون
منذ بدء الثورة السورية دخل إلى سجون النظام مئات الصحافيين والمدوّنين، وقد تواصلت هذه الوتيرة حتى في السنوات التي خفتت فيها التحركات الشعبية. ففي فبراير/شباط الماضي، اعتقل النظام السوري صحافياً يعمل في صحيفة الثورة، التابعة للنظام السوري، في مدينة طرطوس إثر تسليم نفسه بعد ملاحقته لشهور، عقب تأييده الحراك الشعبي في محافظة السويداء ضد النظام.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقتها إن أمن النظام السوري اعتقل الصحافي محمود إبراهيم العامل في مكتب صحيفة الثورة في مدينة طرطوس بعد استدعائه إلى القصر العدلي في مدينة طرطوس. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتقلت أفرع النظام السوري الأمنية، ناشطاً صحافياً من أبناء الساحل، عمل سابقاً لدى قناة الميادين الموالية، وذلك بسبب منشورات له على "فيسبوك" انتقد فيها الوضع الراهن في مناطق سيطرة النظام.
وقال وقتها الصحافي السوري كنان وقاف، عبر حسابه الشخصي في "فيسبوك"، إن "الناشط الإعلامي بشار نجلا، الذي عمل معداً لأحد البرامج في قناة الميادين، تم استدعاؤه ظهر يوم الخميس إلى إدارة مصفاة بانياس، ليتم اعتقاله على يد دورية تابعة لفرع الأمن الجنائي"، مشيراً إلى أن نجلا ترك المجال الإعلامي بعد تعرضه لحادث تسبب بشلل في رجله اليسرى، وانتقل إلى العمل في مصفاة بانياس لتكرير النفط.
0 تعليق