التوازن بين الملاك والمستأجرين شرط البرلمان والأحزاب لتمرير القانون
جلسة استماع برلمانية لـ4 محافظين.. رئيس النواب: النقاش لا يزال مفتوحًا بشفافية لبلورة رؤية تشريعية متكاملة تضمن السلم المجتمعي
مطالبات حزبية بالتصدي للقيمة الإيجارية فقط وتأجيل حسم إنهاء العلاقة التعاقدية ومدة الـ 5 سنوات للدورة البرلمانية الجديدة
فيما واصلت اللجنة البرلمانية المشتركة، الاستماع لوجهات النظر المختلفة بشأن مشروع قانون الإيجار القديم، ظهر تباين واضح في أراء كلاً من ممثلي الملاك والمستأجرين، وعدم وضوح الرؤية لدى أيا منهما بشأن التعديلات المطلوب إدخالها على المشروع، فظهرت مداخلاتهم داخل البرلمان بالعمومية، وهو ما دفع النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب إلى مطالبة ممثلى المستأجرين والملاك خاصة من المحامين تقديم مقترحات ونصوص لتعديل قوانين الايجار القديم.
وتستكمل اللجنة الحوار، الأسبوع الجارى باستضافة عدد من المحافظين، خاصة المحافظات التي تشهد اعداداً كبيرة في العقارات والوحدات المؤجرة "قانون قديم"، وقال النائب محمد عطية الفيومى، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، إنه سيتم عقد اجتماع بمثابة جلسة استماع المحافظين بشأن الإيجار القديم، يوم 25 مايو الجاري، موضحا أن محافظي المحافظات التي تشهد أعلى نسبة من الوحدات الخاضعة لنظام الإيجار القديم، هم من سيحضرون جلسة الاستماع، مشيراً إلى أن 82% من وحدات الإيجار القديم في 4 محافظات وهم القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والقليوبية.
ورغم تباين الأراء، الا أن عدداً من الأحزاب، دخلت بمقترحاتها، وأبرزها حزب "الجبهة الوطنية" الذى طالب بالتصدي للقيمة الإيجارية فقط بمشروع قانون "الإيجار القديم" وإرجاء التطرق لإنهاء العلاقة التعاقدية للدورة البرلمانية المقبلة لحين توافر بيانات شاملة ودقيقة، وقال الحزب إنه تابع باهتمام وتقدير مشروع قانون الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإيجار القديم، استجابةً لحكم المحكمة الدستورية العليا الأخير، نظرًا لما يمثله هذا القانون من أهمية تمس مصالح ملايين المواطنين، سواء من المستأجرين أو الملاك، وارتباطه المباشر بالسلم الاجتماعي وضرورة مراعاة الأبعاد الاقتصادية والإنسانية، معرباً عن تقديره البالغ للحكومة على شجاعتها في التصدي لهذه المشكلة المزمنة، واستجابتها لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، الذي ألزم بإقرار التعديلات قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية، لكنه في الوقت ذاته، دعا إلى الاكتفاء في المرحلة الحالية بمعالجة الأثر المباشر للحكم، والمتمثل في تعديل القيمة الإيجارية فقط، بناءً على مؤشرات ومرجعيات حقيقية، مع تأجيل النظر في المرحلة الانتقالية أو ما بعدها لحين انعقاد البرلمان المقبل وتوافر البيانات الدقيقة اللازمة.
وأشار الحزب إلى ضرورة توافر بيانات إحصائية حديثة عن الوحدات السكنية الخاضعة للقانون، بما في ذلك الوحدات المغلقة، أو التي تغير نشاطها بالمخالفة لعقد الإيجار، أو تلك التي تم التصرف فيها لأطراف ثالثة، كما شدد على أهمية تحديد هوية المستأجرين، سواء من الجيل الأول كما حدده حكم المحكمة عام 2002، أو الأجيال اللاحقة، وبيان أوضاعهم الاجتماعية وأعمارهم، وأكد الحزب أن مشروع القانون المطروح حاليًا لم يتضمن آليات واضحة لمعالجة الأوضاع بعد انتهاء الفترة الانتقالية، محذرًا من احتمال تشرد بعض الفئات الضعيفة، لا سيما كبار السن وأصحاب المعاشات، مطالبًا بدراسة توفير سكن بديل مناسب لهم.
وأوصى الحزب بتقسيم معالجة الأزمة إلى مرحلتين، الأولى تتعلق بتحريك القيمة الإيجارية حاليًا وفق ضوابط محددة، مع إعطاء الأولوية للحالات المخالفة المشار إليها، والثانية بعد توافر بيانات محدثة ودراسة نتائج المرحلة الأولى، على أن يُعد مشروع قانون متكامل يحقق التوازن بين أطراف التعاقد ويحفز الاستثمار في السوق العقارية.
وسبق أن طالب حزب مستقبل وطن، من خلال أغلبيته البرلمانية بمجلس النواب، بضرورة إعادة النظر في مشروع قانون الإيجار القديم، انطلاقًا من المسؤولية الاجتماعية للحزب تجاه المواطنين، وخاصة الأسر المتضررة حال الموافقة على مشروع القانون بصيغته الحالية، وعبرت الأغلبية البرلمانية عن موقف الحزب بضرورة إعادة النظر في مشروع قانون الإيجار القديم، وخاصة ما ورد بشأن الزيادات المقررة على القيمة الإيجارية للوحدات السكنية، وكذلك مدة الـ 5 سنوات المحددة لتحرير العقود الإيجارية.
كما قالت النائبة مارسيل سمير عضو مجلس النواب، إن حزب التجمع يرفض مشروع قانون الإيجار القديم، لأنه يهدد السلم والأمن الاجتماعي، موضحة أن الحزب لم يعترض على أن القيمة الإيجارية تتحرك ولكن بشكل عادل وفقا للمناطق الجغرافية وتكون متدرجة، وأن اعتراض الحزب على المادة الخامسة من القانون.
وخلال الجلسة العامة لمجلس النواب، الاحد الماضى، ألقى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، بياناً، أشار خلاله إلى متابعة الرأي العام المصري باهتمام متزايد مجريات المناقشات تحت قبة البرلمان بشأن قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، المعروفة إعلامياً بـ"الإيجار القديم"، لما لهذا الملف من خصوصية شديدة وتشابكات اجتماعية واقتصادية متراكمة عبر عقود، وقال: إذ يُدرك مجلس النواب حساسية هذا الملف، فإنه يتعامل معه واضعًا نصب عينيه مسؤولياته الدستورية تجاه الوطن والمواطن على حد سواء. وقد برهن المجلس، منذ انطلاق فصله التشريعي الحالي، على إرادة واضحة للتعامل مع القضايا الشائكة بمنهجية تقوم على الحوار والشراكة والتوافق، مجسدًا التزامه العميق بأحكام القضاء، وعلى رأسها أحكام المحكمة الدستورية العليا، وساعيًا إلى ترسيخ توازن دقيق بين حق الملكية والحق في السكن الملائم.
وأضاف جبالى: إذ يثمّن المجلس ما قدمته الحكومة من مشروعي قانونين تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية، فإنه يؤكد أن النقاش لا يزال مفتوحًا، وأن جلسات الاستماع - التي تُعقد بشفافية غير مسبوقة - مستمرة حتى تتبلور رؤية تشريعية متكاملة تضمن السلم المجتمعي وتُحقق العدالة بين جميع الأطراف دون انحياز، وبما يحقق الصالح العام ويُرضي ضمير الوطن والمواطن.
ما قاله رئيس البرلمان أمام الجلسة العامة، بث الطمأنينية في قلوب الكثيرين، خاصة في تأكيده أن القانون لن يخرج القانون إلا متوازنا لكلا الطرفين، وبشكل يضمن حقوق المالك والمستأجر فيما يخص هذا الأمر، لأننا نتحدث عن وضع قد طال لسنوات عديدة.
وخلال مناقشات اللجنة المشترك بالمجلس، أعلن مصطفى عبد الرحمن عطية، رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة، رفض مشروع القانون فيما يتعلق بزيادة الأجرة، وكذلك مدة تحرير العلاقة الإيجارية، واقترح أن يكون الحد الأدنى للمناطق الشعبية ألفين جنيه، و4 آلاف للمناطق المتوسطة، بينما 8 آلاف للأماكن الراقية، كما اقترح أن تكون فترة توفيق الأوضاع 3 سنوات وبعدها تحرير العلاقة الإيجارية.
وخلال الأجتماع الذى عقدته اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والمرافق العامة، والإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، الأحد، بحضور ممثلي الملاك، قال أحمد شحاتة، المحامي ومؤسس "عايز حقي"، للدفاع عن حقوق ملاك الإيجارات القديمة، إن قانون الإيجارات القديمة، ولد استثنائيا، بضغط من الظروف، وفرضته الحاجة إليه في ذلك الوقت، لكنه لم يعد مناسبا للوقت الراهن، موضحا أن صدور العديد من الأحكام التي قضت بعدم دستورية النصوص، والتي كان أخرها حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في عام 2024، دليلا على أن القانون الذي حكم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، الذي يشوبه العوار الدستوري منذ نشأته، وبات الأمر أننا أمام قانون غير قابل للتطبيق، كما أنه لابد من التدخل وإصدار تشريع جديد، ينصف ملاك الوحدات السكنية والتجارية للإيجار القديم، ويعيد إليهم حقوقهم المهدرة.
وأكد مؤسس رابطة عايز حقي، أن حقوق الملاك يتم توريثها بين أجيال المستأجرين، لذا كان حكم المحكمة الدستورية، منصفا، ونسف في مضمونة قانون الإيجار القديم، في ظل أجرة غير عادلة يتحصل عليها الملاك، والتي يجب أن تزداد بقيمة مقطوعة، ولفترة محددة، وتنتهي بإنهاء العلاقة الإيجارية بين الطرفين، لافتا أنه على البرلمان عدم رفض القانون الجديد المقدم من الحكومة، وإلا فهو يعتبر انحيازا ضد حقوق الملاك التاريخية والقانونية، معتبرا أن المشروع الذي يتم مناقشته حاليا، وهو موقف داعم من الحكومة حتى يحصل أصحاب العقارات المظلومين، على حقوقهم، خاصة أنهم يعيشون في معاناة رغم أنهم ملاكا لا يملكون
ورفض شحاتة، موقف البرلمان الرافض لتحرير العلاقة الإيجارية الوارد في المادة الخامسة من مشروع قانون الحكومة، وأكد على ضرورة تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، خلال 3 سنوات على الأكثر، بالنسبة للوحدات السكنية، وسنة واحدة فقط، للوحدات ذات الطابع التجاري، كما طالب بتسليم الشقق للملاك بشكل فوري، من دون أي تسويف، وتطبيق أحكام القانون المدني بعد كل هذه التجاوزات التي حدثت بحق الملاك استمرت لعقود طويلة، موضحا أنه حان الوقت لإنهاء هذا الملف بما يحقق العدالة والتوازن ورد الحقوق لأصحابها.
وفي نفس السياق، أوضح مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة، أن تعديل مشروع القانون المقدم من الحكومة، هو بمثابة إعادة الحق لأصحابه، مشيرا إلى أن الملاك قد ظلموا كثيرا، وحان الوقت لاتخاذ خطوات جادة في تعديل قانون الإيجار القديم، حيث أن استمرار القانون الحالي، يضيع على الدولة فرصة تحصيل الضرائب العقارية، بسبب عدم دفع المستأجر، إيجارا، لاسيما وأن تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، يوفر للدولة ما لا يقل عن 200 مليار جنيه، من الضرائب العقارية.
واعترض عبد الرحمن، على مشروع تعديل قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة، فيما يخص بند زيادة الأجرة، الذي حدده المشروع بـ 20 ضعف الإيجار الحالي، بما لا يقل عن 1000 جنيه، معتبرا إياه أنه رقم ضئيل للغاية ولا يعبر عن حقيقة الواقع ولا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وطالب بأن يكون الحد الأدنى في المناطق الشعبية 2000 جنيه، بينما يصل إلى 4 آلاف، للمناطق المتوسطة، و8000 جنيه للأماكن الراقية.
في المقابل، أكد ميشيل حليم، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين السكني والتجاري، أن الدولة ملزمة بمراجعة الإجراءات الحكومية، التي يتم اتخاذها بشأن قوانين الإيجارات القديمة، بما يضمن عدم تضرر الفئات الأكثر احتياجا، لافتا إلى ضرورة أن تكون المراجعة دقيقة وواقعية، من أجل ضمان عدم تفاقم الأعباء على المستأجرين محدودي الدخل، الذين يعيشون نمطا معيشيا ارتبط بشكل وثيق بعقود الإيجار القديم، مشيرا أن تحقيق العدالة الاجتماعية هو أحد الركائز الأساسية التي يجب أن تستند إليها أي تعديلات قانونية جديدة، مع توفير حلولا واقعية، تتناسب والأوضاع الاقتصادية الراهنة، للبلاد، خاصة أن الحفاظ على التوازن بين حقوق المالك ومصالح المستأجر، أمر لا يقبل المساومة في ظل الظروف المعيشية الضاغطة، التي تواجه شريحة ضخمة من المجتمع.
وأوضح أن فكرة فسخ أو إنهاء العقود التي نص عليها مشروع القانون المقدم من الحكومة، في المادة الخامسة، أمر مرفوض ومخالف لأحكام دستورية سابقة، الصادرة في ذات الملف، وطالب ميشيل حليم، بتغيير القيمة الإيجارية، أسوة بما حدث في القانون رقم 10 لسنة 2022، الخاص بالشخصيات الاعتبارية، وزيادة القيمة إلى 5 أضعاف القيمة الحالية للوحدة، في أول تحريك، بالإضافة إلى وضع زيادة سنوية بعد ذلك، مشدد على التمسك الكامل بحقوق ومكتسبات المستأجرين.
وقال الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بمجلس النواب، إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن ملف الإيجار القديم كان الدافع الأساسي للحكومة لتقديم مشروع القانون، مشيرًا إلى أن جميع المحاولات السابقة لصياغة قانون جديد لم تكتمل، بينما تغير الوضع الآن نتيجة إلزام هذا الحكم، والذي سيصبح واجب التطبيق مع بداية الدورة البرلمانية المقبلة، مشدداً على ضرورة عدم ترك مشروع القانون للبرلمان القادم، مؤكدًا أن تأجيل حسمه قد يؤدي إلى ازدحام المحاكم بقضايا متعلقة بالإيجارات.
وأوضح الفيومى أن صدور القانون يصب في مصلحة المستأجر، خاصة في ظل سعي البرلمان لتحقيق العدالة في التشريع، وأكد أن الدولة تمتلك قاعدة بيانات دقيقة عن المستحقين ومحدودي الدخل، وسيتم توظيفها في تطبيق القانون المنتظر بشكل عادل، مشيرًا إلى أن رئيس مجلس النواب، الذي كان رئيسًا سابقًا للمحكمة الدستورية، لن يسمح بتمرير قانون يخالف الدستور.
وكشف رئيس لجنة الإسكان أن هناك مقترحات داخل المجلس بتطبيق قيمة إيجارية جديدة وفق شرائح زمنية، بحيث لا تتساوى عقود الإيجار المبرمة في الخمسينيات مع تلك التي أُبرمت في الثمانينيات، مشيرًا إلى أن مشروع القانون القديم كان يقتصر على تعديل القيمة الإيجارية وبند الامتداد لسنوات، وهو ما رفضه قطاع من المستأجرين، مؤكداً في الوقت نفسه أن الحكومة متعاونة مع البرلمان في هذا الملف، لكنها لا تستطيع سحب مشروع القانون نظرًا لأن حكم المحكمة الدستورية مُلزم للجميع، مضيفًا أن من بين المقترحات المطروحة أن تتحمل الدولة مسئولية تدبير مساكن بديلة لبعض سكان الإيجار القديم ممن قد يتأثرون بالقانون الجديد.
وقال المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إن الحكومة تقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف فى مشروع قانون الإيجار القديم، مضيفاً: المستأجر مصري، والمؤجر مصري، والحكومة ليست طرفا، الحكومة ترغب في احتواء الأضرار الجانبية من تعديل قانون الإيجار القديم، وفقا لما ورد في المادة 7 من مشروع القانون، والتي تقضي بمنح المستأجرين المضارين الأولوية.
وأشار فوزى إلى أن الحكومة مستعدة للاستماع لكافة وجهات النظر من أجل بلورة رؤية متكاملة حول التعديلات المقترحة في قانون الإيجار القديم، بما يحقق مصلحة جميع الأطراف، مشددا على أهمية منح المشاركين الوقت الكافي لعرض رؤيتهم، وموقفهم من المشروع المقدم.
0 تعليق