نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بيت الرواية تونس يحتفي بتجارب الرواية الجزائرية وأسئلتها المتجددة, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 08:19 مساءً
نشر في باب نات يوم 27 - 04 - 2025
احتضنت مدينة الثقافة الشاذلي القليبي على مدى يومي 26 و27 أفريل الجاري ندوة علمية بعنوان "الرواية الجزائرية: في المشترك والتجديد..."، نظمها بيت الرواية تونس بمشاركة نخبة من النقاد والأكاديميين والروائيين من تونس والجزائر.
واختُتمت الندوة اليوم الأحد بجلستين علميتين حملت الأولى عنوان "مباحث في الرواية الجزائرية". وتناولت الثانية "نماذج من الرواية الجزائرية"، حيث تمّت مقاربة نصوص روائية عبر مداخلات تحليلية ونقدية.
استهل الأستاذ مصطفى الكيلاني مداخلاته "الرغبة ونقائضها: تجربة وتجريب في روايات جزائرية ثلاث"، باستعراض مسألة التجريب في الرواية العربية عامة والجزائرية خاصة، ملاحظا أن التجريب ميزة ملازمة منذ نشأة الرواية العربية. وذهب بالقول إن الرواية العربية "وُلدت تجريبية"، لكنه تساءل: "ما المقصود بالتجريب؟ وهل حققت الرواية العربية ما تصبو إليه؟". كما واعتبر أن الرواية الجزائرية ما زالت تعيد إنتاج أسئلة الذاكرة الدموية كالعشرية السوداء، مما يجعلها حبيسة الحوار اللاواعي بين الشخصيات.
كما توقّف عند مفاهيم الرغبة والإنية والغيرية، حيث شدد على أن الرواية العربية والجزائرية خصوصا لم تتجاوز بعد إشكالية الفقدان الذي يشكل أهم محرّك درامي للرواية كما لاحظه في أعمال كبرى مثل روايات ديستويفسكي.
وفي تحليله، انطلق الكيلاني من نصوص جزائرية حديثة منها رواية "السماء الثامنة" لأمين الزاوي، و"مذنبون لون دمهم في كفي" لحبيب السائح، مشددًا على أن هذه الروايات تجسد أزمة الذاكرة الجزائرية التي لم تتجاوز بعد جراح العشرية السوداء والاستعمار الاستيطاني.
من جهتها، حلّلت الأستاذة سعدية بن سالم رواية "السيرة" لمحمد ساري، مشيرة إلى براعة الكاتب في توظيف تعدد الرواة لسدّ فجوات الذاكرة الطفولية، حيث تتداخل أصوات الأب والأم وابن العم لسرد حدث واحد. كما أبرزت حضور العوالم الأسطورية (كبحيرة تاموسي) التي تعكس وعي الطفل بالتاريخ والهجرة القسرية، مؤكدة أن الرواية تقدم نقدا خفيا لمرحلة ما بعد الاستقلال دون انفعال.
وقالت إن الرواية تُظهر أن الجزائر بعد التحرير ورثت "أخطاء السلطة الاستعمارية ذاتها" خاصة في تعامل النخب مع الشعب. كما اعتبرت أن أعمال محمد ساري تتسم بالهدوء السردي رغم تناولها للعنف (مشاهد القنابل والتهجير)، إلا أن الرواية تقدمه ب "لغة هادئة" كأنها تشير إلى استيعاب الجزائريين للألم كجزء من هويتهم.
أما الأستاذ الجزائري فيصل الأحمر، فقدم قراءة في مشروعه النقدي "خرائط العوالم الممكنة"، الذي يدرس تجارب الخيال العلمي العربي، معرّجًا على إشكالية تلقي الناشرين الغربيين للأدب العربي، الذين يبحثون عن "الإكزوتيكا" بدلًا من العمق الفكري. وأكد أن الخيال العلمي ليس هروبا من الواقع وإنما هو أداة لاستشراف أزمات المستقبل (كأخلاقيات الذكاء الاصطناعي)، مستشهدا بروايته "أحفاد المعري" التي تطرح أسئلة فلسفية حول دور النخب في التاريخ.
وفي الجلسة الرابعة، ناقشت الأستاذة هيام الفرشيشي "التخييل التاريخي في الرواية الجزائرية". واستعرضت من خلالها كيفية توظيف الروائيين الجزائريين للتاريخ كمصدر رئيس للإبداع، مؤكدة أن جيل المؤسسين من محمد ديب إلى مولود فرعون قد تعاملوا مع الواقع الاجتماعي والسياسي للجزائر خصوصا خلال الحقبة الاستعمارية. كما أشارت إلى استمرار استلهام التاريخ عبر الأجيال مع روائيين من أمثال كاتب ياسين وعبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار وصولا إلى أحلام مستغانمي ووسيني الأعرج.
وأكدت الفرشيشي أن الرواية الجزائرية لم تكتف باستعادة الوثائق والأحداث بل عملت على إعادة تخييل الهوامش المنسية والشخصيات المهمشة مثل الحركي والعملاء والمناضلين بما يعبر عن ألم ما زال يسكن الذاكرة الوطنية.
وأشارت إلى أن الرواية لم تقف عند التاريخ الاستعماري فقط وإنما امتدت إلى أحداث العشرية السوداء، وهو ما يدل، وفق تحليلها على أن الرواية الجزائرية تواصل ربط الحاضر بالماضي لتعبّر عن جراح متجددة.
من جهته، تناول الأستاذ مصطفى بوقطف في مداخلته "التخييلي والتشكيلي في رواية (حائط المبكى) لعزالدين جلاوجي"، كيفية انفتاح الرواية الجزائرية على الفنون البصرية مثل الرسم والمسرح والسينما واستدعاء هذه التقنيات ضمن البناء السردي. وأكد بوقطف أن الرواية الجزائرية منذ نشأتها لم تتوقف عن مساءلة ذاتها. وفي حديثه عن رواية "حائط المبكى"، أشار إلى أن عز الدين جلاوجي اعتمد تقنية الكولاج الروائي حيث دمج النصوص والمشاهد المتعددة (الصحفية والسينمائية والتشكيلية...) لبناء نص سردي متعدد الأبعاد.
كما أبرز بوقطف أن الرواية استعارت تقنيات الضوء والظل والتعتيم والتنوير لتصنع مشاهد سردية غنية بالألوان والإيحاءات في محاكاة للتقنيات التشكيلية. وخلص إلى أن الرواية الجزائرية، من خلال هذا الانفتاح تؤسس لعلاقة تفاعلية مع العالم المعاصر محافظة على جذورها الواقعية في الوقت الذي تطور فيه أدواتها السردية.
وكانت هذه الندوة العلمية "الرواية الجزائرية: في المشترك والتجديد..."، افتتحت أمس السبت بمجموعة من المداخلات العلمية هي "الرواية الجزائريّة من التّأسيس إلى التّكريس: 1950/2020" لمحمد ساري و"الرّواية الجزائريّة من أبوليوس إلى اليوم" لفيروز رشام.
وتطرق مراد الخضراوي في مداخلته إلى "الرّواية الجزائريّة : مسار الالتزام ومسيرة التّطوير"، بينما اهتمت مداخلة أمال مختارب "الرّواية الجزائريّة قديما وحديثا: قدرها المقاومة". وتناول وحيد بن بوعزيز في مداخلته "مسائل الذّاكرة والاعتراف في الرّواية الجزائريّة، تنويعات ما بعد استعمارية". أما ابتسام الوسلاتي فقد تحدّثت عن "الهويّة النّسوية والوصم الاجتماعيّ: حضور المرأة في الرّوايّة النّسوية الجزائريّة".
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
0 تعليق