اليوم الجديد

مع الشروق ..سوريا... الصراع الذي بدأ لتوّه

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق ..سوريا... الصراع الذي بدأ لتوّه, اليوم الاثنين 9 ديسمبر 2024 10:51 مساءً

مع الشروق ..سوريا... الصراع الذي بدأ لتوّه

نشر في الشروق يوم 09 - 12 - 2024


بانتهاء حكم حزب البعث الممتدّ من السبعينات طوت سوريا صفحة طويلة بما لها وعليها ودخلت مرحلة جديدة من الصّعب التكهّن بمآلاتها سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى ارتداداتها على المنطقة ككل.
ما حدث في الأسبوع الأخير ورغم صدمة سرعته، فإنّه نتيجة حتمية طويلة لطريقة حكم القيادة السورية أوّلا ولأحداث 2011 وما تلاها ثانيا، فمنذ ذلك الحين ومع الحصار الاقتصادي الخانق وإنهاك الدولة مع المتغيّرات الاقليمية والدولية ، كان السقوط أمرا لا مفرّ منه.
مع دولة محورية في الشرق الأوسط بسبب التاريخ والجغرافيا، فإن الصراع في سوريا لم ولن ينتهي بسقوط حكم الرئيس بشّار الأسد، بل إنه بدأ لتوّه سواء على المستوى الداخلي او على المستوى الاقليمي.
وبعد انقشاع ضباب النشوة بإسقاط النظام، ستكون سوريا أمام حقيقة وواقع جديد يملؤه الغموض، بسبب التناقضات الموجودة وعمق التدخّل الخارجي الذي سيلعب دورا بارزا في تحديد أمنها وسيادتها وموقعها الجديد في نظام الشرق الأوسط.
في هذا الصراع الجديد الذي سيطول كثيرا، ستلعب عديد الأطراف والتطوّرات والأحداث دورا كبيرا في رسم مستقبل سوريا، التي تقع ضمن مشروعين متناقضين تماما في الشرق الاوسط.
نبدأ من تركيا اللاعب الرئيسي في سوريا من 2011 والى الآن، فأنقرة التي لا تخفى أطماعها على أحد ستكون محدّدا كبيرا في الصراع السوري، من حيث شكل الدولة ونظام حكمها و تموقعها ضمن الصراع في الشرق الأوسط.
والأكيد أن أنقرة ستسعى بكل جهدها أن يكون الحكام الجدد في دمشق حلفاء أو الأصح تابعين لها، مستغلّة في ذلك تأثيرها العميق المباشر على "الثوّار الجدد" والمدد الذي قدّمته لهم طيلة السنوات الماضية وخاصّة في الهجوم الأخير.
ومهمّة تبعيّة سوريا لها، لن تكون مهمّة سهلة حيث ستصطدم بالمصالح الأمريكية أين هناك تناقض حاد في رؤية الملف الكردي، فبينما تدعم واشنطن الأكراد وقضيّتهم، تعتبرهم أنقرة خطرا وجوديا وتسعى جاهدة لتحجيمهم تماما خاصّة في سوريا.
الطرف الثاني في صناعة مستقبل سوريا هو الغرب والكيان الصهيوني، وإن كان ممّا لا شكّ فيه أن مصالحهم مشتركة دائما، لكن رغبة الصهاينة في الذهاب الى أقصى حد في سوريا جديدة مطبّعة ولا حول ولا قوّة لها ستصطدم ربّما برغبة الحكام الجدد الذين لن يكشفوا عن وجههم الحقيقي مبكّرا.
أما الطرف الثالث والأقلّ تأثيرا الآن حقيقة فهو روسيا، فموسكو التي تمتلك قواعد عسكرية مهمّة في الساحل السوري و لم تتدخّل بقوّتها العسكرية الضاربة في الأحداث الأخيرة، قد تكون لاعبا لا بأس به في سوريا الجديدة خاصة أن مسألة بقائها العسكري في البلاد مسألة حياة او موت، لكونه بوابتها الوحيدة للبقاء في الشرق الاوسط.
أما الطرف الأخير فهو الأطراف الدولية ككل والمجتمع الدولي، ففي بلد تقطنه الكثير من الطوائف ستكون الحرب الأهلية دائما على الأبواب إذا لم يحسن الجميع التصرّف في الوضع.
يبقى السؤال في الأخير هو هل أن جميع الأطراف المتدخّلة في الشأن السوري الآن ستفكّر بمنطق مصلحة الشعب السوري ووحدة وسيادة بلاده؟ أم بمنطق تقسيم الكعكة وجعل البلاد مجرّد كانتونات متناثرة؟
بدرالدّين السّيّاري

.




أخبار متعلقة :