نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
واشنطن تراهن على إمكانية تفعيل دور مباشر في التسوية.. الكرملين بين رغبة الحل الدبلوماسي وإستراتيجية الحرب الطويلة, اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 02:52 صباحاً
نشر في البلاد يوم 20 - 05 - 2025
يبدو من سياق تصريح الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن روسيا تفضّل الحل الدبلوماسي لتسوية الحرب في أوكرانيا، ليشكل عنصرًا محوريًا في الخطاب الرسمي الروسي المتكرر، لكنه لا يخلو من دلالات استراتيجية أعمق، لاسيما في ظل المعطيات الميدانية والسياسية التي تحيط بالأزمة الأوكرانية.
وعلى الرغم من أن موسكو تعلن تفضيلها للحلول السلمية، إلا أن هذا الموقف يبدو مشروطًا بجملة من الوقائع التي تصبّ في مصلحة روسيا، أو على الأقل لا تتعارض مع أهدافها المعلنة، وهي "تحقيق الأهداف الميدانية للعملية العسكرية الخاصة". ما يعني فعليًا أن الكرملين يستخدم لغة الدبلوماسية كأداة سياسية لتعزيز موقعه التفاوضي، دون التخلي عن خيار الحرب كوسيلة ضغط أو حتى كمسار استراتيجي مستمر.
تصريحات بيسكوف، التي جاءت في سياق الحديث عن الاتصال الهاتفي المرتقب بين الرئيسين بوتين وترامب، تعكس محاولة روسية لإحياء المسار التفاوضي من بوابة أمريكية، لكنها أيضًا تراهن على تغيير في ميزان القوى الدولي، خصوصًا في ظل مؤشرات إلى فتور في الدعم الغربي لكييف وتصاعد الأصوات الداعية لتسوية سياسية.
الكرملين لم يخفِ انفتاحه على وساطة أمريكية "فعّالة"، لكنه يدرك في الوقت ذاته أن انخراط واشنطن لا يمكن أن يكون محايدًا، بل مشروطًا بالمصالح الجيوسياسية الأمريكية، وعلى رأسها احتواء النفوذ الروسي. ومع ذلك، فإن القبول بمحادثة مباشرة بين بوتين وترامب (أو الدعوة لها على الأقل) يشير إلى رغبة روسية في اختبار حدود الدور الأمريكي الجديد، خصوصًا في ظل التباينات داخل الإدارة الأمريكية والمواقف المختلفة في الكونغرس حيال دعم أوكرانيا.
وتكشف التسريبات من داخل دوائر صنع القرار في موسكو – كما نقلتها "بلومبيرغ" – عن قناعة روسية بأن الحسم العسكري لا يزال ممكنًا، وبأن اختراق الدفاعات الأوكرانية والسيطرة على المناطق الأربع المعلنة جزءًا من روسيا هو مسألة وقت. هذه القناعة تعني أن الكرملين مستعد لتحمّل تكلفة الحرب لفترة أطول، حتى وإن كانت باهظة اقتصاديًا وعسكريًا، ما يعزز من فكرة أن الحديث عن "الحل السلمي" لا يخرج عن كونه تكتيكًا سياسيًا مرحليًا.
اللافت أن بوتين، بحسب نفس المصادر، لا ينظر إلى العقوبات الأمريكية الجديدة كعامل ضغط حاسم، بل يتعامل معها كأداة مستهلكة فقدت فعاليتها، وهو ما يعكس تحوّلاً في عقلية الحكم الروسي تجاه الغرب، حيث أصبح التعاطي مع العقوبات والتصعيد السياسي جزءًا من "الوضع الطبيعي" وليس استثناءً.
الجولة الأخيرة من المفاوضات في إسطنبول، رغم رمزيتها كونها الأولى منذ ثلاث سنوات، لم تسفر عن اختراق حقيقي، باستثناء الاتفاق على تبادل أسرى. وهذا بحد ذاته مؤشر على أن الطرفين – موسكو وكييف – لا يزالان بعيدين عن الاتفاق على القضايا الجوهرية، مثل وضع المناطق المحتلة وترتيبات الأمن وضمانات السيادة.
رفض بوتين لقاء زيلينسكي مباشرة يشير إلى أن روسيا لا ترى في القيادة الأوكرانية الحالية شريكًا متكافئًا في التفاوض، بل أداة للضغط الغربي، وهو ما يفسّر تمسّك موسكو بالتفاوض عبر الوفود لا القادة، ما لم تضمن نتائج قريبة من مطالبها الاستراتيجية.
ويبدو أن موسكو تدير المعركة على مستويين: ميدانيًا، عبر تثبيت وقائع على الأرض تؤسس لمرحلة تفاوض جديدة أكثر ملاءمة، وسياسيًا، من خلال الإبقاء على "نافذة دبلوماسية" مفتوحة تُستخدم لتخفيف الضغوط أو إعادة ضبط الإيقاع الدولي. وفي المقابل، لا تزال واشنطن تراهن على إمكانية تفعيل دور مباشر في التسوية، ما يجعل الفترة المقبلة مرشحة لاختبارات جدية في ميزان القوة والقرار، سواء في ساحات القتال أو طاولات التفاوض.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :