مع حلول شم النسيم، تتجدد العادات والتقاليد المصرية المرتبطة بهذا اليوم التاريخى، ويأتى على رأسها تناول الفسيخ والرنجة باعتبارهما من أبرز مظاهر الاحتفال، ورغم التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، شهدت الأسواق المصرية هذا العام إقبالًا ملحوظًا من المواطنين على شراء هذه الأسماك المملحة، التى ارتبطت بثقافة المصريين منذ عهد الفراعنة وحتى اليوم.
رصدت "الزمان" حركة الأسواق فى عدد من المناطق بالقاهرة الكبرى، حيث لوحظ توافد المواطنين بكثافة لشراء الفسيخ الرنجة.
أم أحمد، ربة منزل، قالت: كل سنة بنشترى فسيخ ورنجة، بس السنة دى الأسعار نار. كيلو الفسيخ بـ300 جنيه! اشتريت نص كيلو بس عشان نفرح الأولاد.
محمد عبدالله، موظف من الجيزة، علّق قائلًا: أنا بحب الفسيخ جدًا، بس مقدرتش أشتريه السنة دى. اكتفيت بالرنجة، وسعرها برضه غالى، وصلت لـ150 جنيه للكيلو. بس قولنا نعيش الجو.
أما مدام ناهد، معلمة، فقالت: اشتريت من مكان موثوق فى المعادى، الأسعار غالية فعلاً، بس بضحى شوية عشان نتجنب اللى بيتباع فى السوق ومش مضمون.
طارق منصور، شاب ثلاثينى، عبّر عن استيائه: بصراحة الأسعار مبالغ فيها. كيلو فسيخ بـ350 جنيه؟ ده بقى أكل أغنياء. أهو جبنا رنجة وكيلو بصل وليمون وخلصنا.
بينما كانت فاطمة محمود، ربة منزل، أكثر تفاؤلًا: أنا شايفة أن دى مناسبة ما ينفعش نفوّتها، حتى لو اشترينا حاجات بسيطة. مش لازم نبالغ، بس نعيش روح شم النسيم.
وفى هذا السياق، صرح محمد حليم، نائب رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن أسعار الفسيخ والرنجة شهدت ارتفاعًا هذا العام بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20%، نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأسماك الخام قبل التمليح.
وأوضح حليم أن الإقبال هذا العام كان جيدًا نسبيًا رغم الظروف الاقتصادية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المواطنين اتجهوا إلى شراء كميات أقل أو البحث عن بدائل أرخص مثل الرنجة، التى ما زالت تُعد فى متناول الشريحة الأكبر من المستهلكين مقارنة بالفسيخ.
وأضاف أن الشعبة كثّفت من حملات التوعية بشأن ضرورة شراء المنتجات من منافذ موثوقة ومعروفة لضمان السلامة الغذائية، بالتنسيق مع الجهات الرقابية ووزارة التموين.
أما عن أسعار الفسيخ والرنجة هذا العام، فقد تفاوتت بشكل ملحوظ حسب المنطقة ونوعية الأسماك وجودتها. وقد جاءت الأسعار كالتالى:
سعر كيلو الفسيخ: تراوح بين 350 إلى 500 جنيهًا حسب الحجم وطريقة التمليح.
سعر كيلو الرنجة: تراوح بين 90 إلى 150 جنيهًا، وبلغ سعر الرنجة المدخنة عالية الجودة نحو 180 جنيهًا فى بعض المناطق الراقية.
كما ارتفعت أسعار البصل والليمون، المكملين الأساسيين لهذه الوجبة، حيث بلغ سعر كيلو الليمون نحو 100 جنيهًا، والبصل الأحمر حوالى 30 جنيهًا.
ورغم هذه الزيادات، أصر كثير من المواطنين على شراء كميات مناسبة للاحتفال، مبررين ذلك بأن "شم النسيم لا يحلو بدون فسيخ ورنجة".
من جانبها، أطلقت وزارة الصحة والسكان تحذيرات للمواطنين من تناول الفسيخ غير المُعد بطرق آمنة، ونصحت بشرائه من مصادر موثوقة وتجنب الأنواع مجهولة المصدر، لما قد تحمله من بكتيريا سامة تُشكل خطرًا على الصحة، خاصة للأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
ورغم الغلاء والتحذيرات الصحية، لا تزال أجواء شم النسيم تملأ البيوت المصرية بروائح الفسيخ والرنجة، فى مشهد متكرر سنويًا يعكس مدى ارتباط المصريين بعاداتهم المتوارثة، وقدرتهم على خلق البهجة رغم التحديات.