تأثير تلوث المحيطات على الحياة البحرية
تلوث المحيطات هو تحدٍ بيئي خطير يهدد النظم البيئية البحرية والحياة البحرية على مستوى العالم، إذ يتسبب النشاط البشري في تراكم كميات هائلة من النفايات، مثل البلاستيك والمواد الكيميائية في المحيطات، مما يؤدي إلى تغييرات جذرية في طبيعة هذه النظم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تغيير الحالة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للمحيطات والمناطق الساحلية، مما يشكل تهديدًا للحياة البرية والنظم الإيكولوجية البحرية، كما تتركز المواد الكيميائية السامة في سلسلة الغذاء التي يمكن أن تصل إلى العديد من الكائنات البحرية.
1. الشعاب المرجانية
إنّ الشعاب المرجانية واحدة من أكثر النظم البيئية تنوعًا في العالم، حيث تتواجد آلاف الأنواع البحرية منها، ولكنها معرضة للخطر بشكل متزايد بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وتحمض المحيطات، وتلوثها، حيث يؤدي تراكم المواد الكيميائية الناتجة عن الزراعة والصناعة، وتغير المناخ وارتفاع درجة حرارة البحار والمحيطات إلى تدهور الشعاب المرجانية من خلال عملية تُعرف بـ"تبييض الشعاب المرجانية"، مما يؤثر على نموها واستدامتها، ويضر بالكائنات البحرية التي تعتمد على هذه البيئات كموائل، الأمر الذي يسبب تراجعًا كبيرًا في التنوع البيولوجي.
2. النظم الساحلية
تعد النظم الساحلية مثل المستنقعات ومصبات الأنهار مناطق غنية بالتنوع البيولوجي، ولكن تسرب المواد النفطية والجريان السطحي الزراعي يؤدي إلى إضافة كميات هائلة من المغذيات إلى المياه، مما يُحفز نمو الطحالب السامة فيما يُعرف بظاهرة "الإثراء الغذائي"، والتي تُسبب انخفاض مستويات الأكسجين في الماء، مما يؤدي إلى خلق "مناطق ميتة" تفتقر إلى الكائنات الحية.
3. غابات المنغروف
إنّ أشجار المانجروف في الحواجز الساحلية والخلجان والبحيرات الضحلة، تلعب دورًا مهمًا في المناطق الساحلية من حيث توفير أماكن للتغذية للعديد من الكائنات المائية، بما في ذلك أنواع مختلفة من الأسماك، وأنواع القشريات ذات القيمة الاقتصادية مثل الروبيان وبعض أنواع السلطعون، لكنّ التلوث الناجم عن تصريف النفايات المنزلية والصناعية والزراعية يؤثر سلبًا على توازن النظام البيئي.
4. المحيطات المفتوحة
تمثل المحيطات المفتوحة أكبر موطن بحري يعيش فيه العديد من الكائنات والأنواع المختلفة من الأسماك والثدييات وغيرها من الكائنات، ولكنها تتعرض للتلوث بالبلاستيك والمواد الكيميائية السامة، التي تُبتلع من قِبل الكائنات البحرية الصغيرة، مثل العوالق، مما يؤدي إلى انتقال هذه الملوثات عبر السلاسل الغذائية إلى أجساد الحيوانات الكبيرة، مما يُعرض الأنواع المهددة بالانقراض لخطر أكبر.
5. قاع المحيط
تُعتبر النظم البيئية في قاع المحيط من بين أكثر النظم استقرارًا، إلا أنها تتعرض لخطر شديد بسبب تراكم النفايات الثقيلة التي تصل إلى قاع المحيط نتيجة تيارات المياه والجاذبية، مما يُسبب تدمير الموائل التي تعتمد عليها الكائنات القاعية، كما يمكن أن تبقى المواد البلاستيكية والكيماويات مستقرة في هذه البيئات لقرون.
تأثير تلوث المحيطات على المناخ العالمي
يؤدي تلوث المحيطات دورًا كبيرًا في تفاقم أزمة تغير المناخ، لأنّ للمحيطات دور في امتصاص نحو 30% من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية، فتراكم الملوثات، مثل البلاستيك والنفايات الكيميائية، يعيق قدرة المحيطات على أداء هذا الدور، مما يضرّ بالكائنات الدقيقة مثل العوالق النباتية، التي تُسهم بشكل كبير في عملية امتصاص الكربون وإطلاق الأكسجين.
كما أن ارتفاع نسبة الملوثات في المياه يزيد من حموضة المحيطات، وهي عملية تُعرف بـ"تحمض المحيطات" التي تساهم في حدوث اختلال في التوازن البيئي، مما يؤثر سلبًا على القشريات البحرية، مثل الشعاب المرجانية والمحار، التي تُعتبر ضرورية لدورة الكربون في الطبيعة، ويسرع من ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستويات سطح البحر، وهو ما يؤثر على المناخ العالمي بشكل مباشر.
تأثير تلوث المحيطات على صحة الإنسان
تؤثر ظاهرة تلوّث المحيطات بشكل كبير على المجتمعات التي تعتمد على المحيطات في غذائها، حيث تساهم المواد البلاستيكية والمعادن السامة والمواد الكيميائية المصنعة والمبيدات الحشرية ومياه الصرف الصحي والجريان الزراعي وغيرها في تلويث الأسماك، فتنقل الملوثات السامة إلى السلسلة الغذائية مما يؤدي إلى تعرض الإنسان لهذه السموم من خلال استهلاك المأكولات البحرية، كما أنّ تلوث المياه الساحلية بالمواد الكيميائية والمخلفات العضوية يؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة عن طريق الماء، مثل الكوليرا والتهابات الجهاز التنفسي.
0 تعليق