أكد وزير الدفاع التركي يشار غولر أن بلاده مستعدة لتقديم الدعم للسلطات السورية الجديدة في المجال العسكري الدفاعي إذا طلبت دمشق ذلك. ونقلت قناة TRT التلفزيونية عن غولر قوله “أشارت الإدارة السورية الجديدة في بيانها الأول إلى أنها ستحترم جميع الوكالات الحكومية والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. كما ذكرت على وجه التحديد أنه إذا تم العثور على أسلحة كيميائية، فإنها ستبلغ علنا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالمعلومات التي تتلقاها. ونعتقد أنها ستفعل ذلك”.
وأضاف غولر: “نعتقد أنه من الضروري أن نرى ماذا ستفعل القيادة الجديدة لاحقا، و(لابد من) منحها فرصة. لدينا اتفاقيات قائمة بشأن التدريب العسكري والتعاون مع العديد من الدول، ونحن على استعداد لتقديم الدعم اللازم في هذا المجال إذا طلبت الإدارة السورية الجديدة ذلك”.
وضع القوات الروسية في سوريا
وبما خص التواجد الروسي في تركيا، قال غولر إن أنقرة لا ترى إشارات على سحب روسيا جميع قواتها من سوريا وتشك في احتمال حدوث ذلك الآن. وأوضح “لا توجد علامات واضحة على أن روسيا قد سحبت قواتها بالكامل من سوريا. قد ينقلون بعض السفن إلى روسيا للصيانة. ولا أعتقد أنهم سيغادرون الآن. سيبذلون كل ما في وسعهم للبقاء”.
وأضاف: “سبق أن أفاد مسؤول روسي بأنهم يتفاوضون حول هذا الموضوع مع السلطات السورية الجديدة وسيحافظون على وجودهم”.
وذكر الوزير التركي أن “روسيا نقلت قواتها بأعداد متفاوتة من نقاط مختلفة في سوريا، وجمعتها في طرطوس واللاذقية”، وتابع: “قلنا إننا نستطيع أن نقدم لهم الدعم اللازم في هذا الصدد، ولكننا لم نتلق أي طلبات حتى الآن. وبعد الأحداث الأخيرة في المنطقة، أصبح لكل دولة خططها الخاصة في هذه المنطقة. ونحن نراقب عن كثب كل التطورات في مجال الدفاع والأمن ونتخذ كافة الاحتياطات اللازمة”.
وفي وقت سابق أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن روسيا تعول على بقاء قواعدها العسكرية في سوريا، وأن تلعب دورا مهما في الحرب ضد الإرهاب.
سيطرة المعارضة على الحكم يفتح شهية التجار الأتراك
وفي ظل تلك التطورات، تشهد العلاقات السورية التركية تحولًا كبيراً، حيث تتجه الأنظار إلى عودة اللاجئين السوريين والتعاون الاقتصادي المتزايد بين البلدين، في ظل توقعات بطفرة اقتصادية كبرى تسهم في إعادة إعمار سوريا.
وأعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، عودة 7,621 لاجئًا سوريًا إلى بلادهم “بشكل طوعي وآمن ومشرف ومنتظم” خلال الفترة من 9 إلى 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري. وأوضح يرلي قايا أن أعداد العائدين ارتفعت بشكل ملحوظ بعد التحرير، حيث عاد 1,259 في 9 ديسمبر، و1,669 في 10 ديسمبر، و1,293 في 11 ديسمبر، و1,553 في 12 ديسمبر، و1,847 في 13 ديسمبر. وأكد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و936 ألف شخص.
فرص اقتصادية واعدة
وعلى الجانب الآخر، تفتح التطورات الأخيرة في سوريا شهية المصدرين والمستثمرين الأتراك، حيث ترى تركيا فرصًا اقتصادية غير مسبوقة لإعادة بناء سوريا وتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.
وقال رئيس اتحاد مصدري جنوب شرق الأناضول، فكرت كيلجي، إن انتهاء الحرب يمثل “خطوة حاسمة لتعزيز الأمن وفتح المجال لفرص اقتصادية جديدة”. وأكد أن مدينتي حلب السورية وغازي عنتاب التركية تشكلان نموذجًا للعلاقات التجارية والصناعية المتجذرة منذ عقود.
وأوضح كيلجي أن الخطة الأولية لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين تتمثل في رفع حجم الصادرات التركية إلى سوريا إلى أكثر من مليار دولار. وأضاف: “عودة السوريين إلى وطنهم والمشاركة في جهود إعادة البناء يمكن أن يعزز التعاون الثنائي ويزيد النشاط التجاري الإقليمي”.
قطاع المواد الغذائية والاستثمارات
من جانبه، أشار رئيس اتحاد مصدري الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية في تركيا، جلال قادو أوغلو، إلى أن قيمة صادراتهم إلى السوق السورية بلغت 250 مليون دولار خلال العام الجاري، مع توقعات بارتفاع الرقم إلى 600 مليون دولار في المستقبل القريب.
وأضاف قادو أوغلو أن المنتجات التركية تحظى بتقدير كبير في سوريا، بفضل جودتها وسهولة وصولها، مشيرًا إلى أن رجال الأعمال في هطاي وغازي عنتاب وشانلي أورفة يمتلكون الخبرات اللازمة لدعم جهود إعادة الإعمار.
وتأتي هذه التحولات بعد سيطرة الفصائل السورية على العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وتعتبر هذه التطورات بداية جديدة للعلاقات السورية التركية، في ظل التحديات التي تشهدها، خصوصاً على صعيد ملفات الأمن وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار.
“بيدرسون” في دمشق لأول مرة لبحث المرحلة الانتقالية بعد سيطرة المعارضة
هذا، ووصل “غير بيدرسون” المبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة إلى دمشق، في أول زيارة له بعد سيطرة المعارضة على مقاليد الحكم، حيث من المتوقع أن يلتقي في زيارته زعيم هيئة تحرير الشام “أبو محمد الجولاني”، ورئيس الحكومة الانتقالية “محمد البشير”.
وفي تصريحات نقلت عنه فور وصوله إلى دمشق، قال بيدرسون إن التغيير الذي نشهده كبير وهائل، مؤكداً العمل مع مختلف أطياف الشعب السوري، وأضاف: “نراقب الوضع ونتطلع قدما لما سيحصل بشأن الانتقال السياسي”.
وشدد “بيدرسون” على أن تبدأ مؤسسات الدولة بالعمل بشكل كامل مع ضمان الأمن لها، واعتبر ان التغيير السياسي سيقوم به السوريون وهو مسؤوليتهم، لافتاً إلى أن هناك أزمة إنسانية هائلة في سوريا ويجب ضمان زيادة المساعدات الإنسانية، وقال: “يجب أن نرى عدالة ومحاسبة لمرتكبي الجرائم.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن قد طالب عقب لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، القوى الخارجية على بذل الجهود لتجنب انهيار المؤسسات الحيوية السورية.
وعبر بيدرسن، على هامش اجتماعات حول سوريا تعقد في العقبة جنوبي الأردن بمشاركة وزراء عرب ومن الاتحاد الأوروبي وتركيا عن تأييده لعملية سياسية “موثوقة وشاملة” لتشكيل الحكومة المقبلة، وقال “يجب ضمان عدم انهيار مؤسسات الدولة، والحصول على المساعدات الإنسانية في أسرع وقت ممكن”، وأضاف “إذا تمكنا من تحقيق ذلك، فربما تكون هناك فرصة جديدة للشعب السوري”.
في السياق، دعا بلينكن خلال جولته في المنطقة والتي التقى خلالها زعماء الأردن وتركيا والعراق، إلى عملية سياسية “شاملة” تعكس تطلعات جميع المكونات في سوريا، وقال بلينكن إن الأمم المتحدة “تؤدي دورا حاسما” في المساعدات الإنسانية وحماية الأقليات في سوريا.
وسبق أن قال “بيدرسن”، إنّ هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم العسكري الخاطف، ينبغي أن تقرن بالأفعال “الرسائل الإيجابية” التي أرسلتها حتى الآن إلى الشعب السوري، وأكّد الذي عيّن مبعوثا خاصا لسوريا في 2018 أن “الاختبار الأهمّ سيبقى طريقة تنظيم الترتيبات الانتقالية في دمشق وتنفيذها”.
وأقرّ “بيدرسن” بـ”احتمال بداية جديدة… إذا شملوا كلّ المجموعات والفئات الأخرى”، إذ عندها “يمكن الأسرة الدولية أن تعيد النظر في إدراج هيئة تحرير الشام في قائمة المنظمات الإرهابية”.
وسبق أن قال “غير بيدرسون” المبعوث الأممي إلى سوريا، إن سوريا أمام مفترق طرق الآن، معبراً عن القلق من الغارات الإسرائيلية في سوريا، لافتاً إلى أن هناك رسائل إيجايبة من الفصائل في سوريا، وأن المجتمع الدولي سيعيد النظر في تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية.
وأضاف: “نرى تحركات إسرائيلية على الأراضي السورية ويجب أن يتوقف ذلك”، وشدد بيدرسون – الذي فشل طيلة سنوات في التواصل لحل سياسي في سوريا – على ضرورة أن نركز على الحاجة لترتيبات انتقالية موثوقة في دمشق وحولها تضمن الأمن والنظام، وقال إن الفصائل المسلحة تنسق فيما بينها بشكل جيد حاليا ومن المهم ألا نشهد صراعا بينها.
المصدر: موقع المنار +مواقع
أخبار متعلقة :