استحوذ القطاع الخاص، على مساحة كبيرة في الخطاب الرسمي للدولة، طوال الأسبوع الماضي.
فقد وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بتمكين القطاع الخاص ومواصلة العمل المكثف على توفير الظروف الملائمة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وخلال اجتماع عقده مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبدالله، طلب الرئيس، تهيئة البنية التشريعية والرقابية الملائمة، وطرح المبادرات التحفيزية، مع الحفاظ على التحسن الذي تشهده مؤشرات الاقتصاد الكلي، بما يضمن التنفيذ الفعال لبرامج التنمية.
كما أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، في المائدة المستديرة لمحافظي البنك أن الاستقرار الاقتصادي الكلي شرط أساسي للانطلاق نحو النمو، لكنه لا يكفي بمفرده دون إصلاحات هيكلية تُفعّل مشاركة القطاع الخاص وتعزز قدراته في مسيرة التنمية.
وشددت المشاط، على ضرورة بلورة رؤى وطنية واضحة لكيفية إشراك القطاع الخاص، بما يضمن الخروج من التحديات المرتبطة بتقلبات الاقتصاد العالمي إلى مسار تنموي مستدام.
وأكد صندوق النقد الدولي خلال مراجعته الخامسة للاقتصاد المصري، على ضرورة تسريع وتيرة تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية، وتمكين القطاع الخاص بدلًا منها، لتقليل عجز الموازنة وخفض الدين العام.
وفي وقت سابق تبنت الدولة حزمة من الإصلاحات الهيكلية والتشريعية، شملت إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتوسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص في مختلف القطاعات الحيوية، بهدف رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة حجم الاستثمارات وفرص العمل.
وارتفعت مساهمة القطاع الخاص إلى نحو 77.1% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي المنتهي في يونيو 2024، مقابل 74.8% خلال العام المالي السابق 2022/ 2023، وفقًا لبيانات صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
كما بلغت نسبة العاملين في القطاع الخاص نحو 82.3% من إجمالي العمالة في مصر بنهاية 2024، وفقًا لبيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتستهدف الاستراتيجية الوطنية رفع مساهمة القطاع الخاص في التشغيل إلى 90% بحلول 2030.
من جانبهم، أكد محللو الاقتصاد الكلي لـ”البورصة”، أن تسريع التخارج من الأنشطة الاقتصادية لصالح القطاع الخاص يعد دافعًا حقيقًا لمزيد من الانخفاض في معدلات البطالة، نظرًا لقدرته على التوسع الاستثماري الذي يتطلب مزيدا من العمالة والتوظيف.
عبدالحكيم: تخارج الدولة من المشروعات يخلق منافسة استثمارية قوية داخل السوق
قال محمد عبد الحكيم العضو المنتدب ورئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن تمكين القطاع الخاص في مختلف القطاعات الاقتصادية من شأنه تعزيز العمالة وخفض معدلات البطالة.
وأوضح أن تخارج الدولة من المشروعات يخلق منافسة استثمارية قوية داخل السوق تدعم مزيدا من التوسعات وتجذب استثمارات جديدة، مؤكدًا على ضرورة التحرك الحاسم والواضح لتسريع وتيرة التنفيذ.
وبلغت حصة القطاع الخاص في الاستثمار نحو 37% العام المالي الماضي 2023/ 2024، بقيمة 700 مليار جنيه، ومستهدف أن تصل إلى 50% العام المالي الحالي 2024/ 2025.
أضاف عبد الحكيم، أن شركات القطاع الخاص تعمل على دعم نمو الاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أن القطاع الخاص يعمل على تشغيل عدد كبير من الباحثين عن فرص عمل، ويستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالي العمالة.
وأوضح أن قطاعي الزراعة والعقارات يضمان كثافة تشغيلية قوية، ومن غير المرجح تخارج كلي للدولة منهما نظرًا لأهميتهما.
حمدي: القطاع يتمتع بكفاءة عالية لإدارة رأس المال والتوسع الاستثماري والتوظيف
وأكد هشام حمدي محلل الاقتصاد الكلي، أن اتباع سياسة الخصخصة وتنفيذ وثيقة ملكية الدولة يسهم في خفض معدلات البطالة ولكن على المدى الطويل.
وأرجع ذلك إلى مرونة القطاع الخاص في التوظيف والتشغيل مقارنة بالقطاعات التابعة للحكومة، مضيفا أنه يتمتع بكفاءة عالية في إدارة رأس المال والتوسع الاستثماري واتخاذ قرارات التوظيف، ما يتيح له التحرك بشكل أسرع واستيعاب عدد أكبر من العمالة لمختلف الفئات العمرية والعلمية، ما يدفع عجلة النمو الاقتصادي.
وتراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.3% خلال الربع الأول من العام الحالي، مقابل 6.4% بنهاية 2024، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
قال حمدي، إن قطاعات اللوجستيات، والملابس الجاهزة، والسيارات، العقارات، والنقل تحتاج إلى عمالة كثيفة بشكل دوري، وبالتالي قد تصبح أحد أكبر المستفيدين من سياسة الخصخصة.
عبدالنبي: يجب تسريع وتيرة تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة
وقال أحمد عبدالنبي، رئيس قسم البحوث بشركة مباشر كابيتال، إن القطاع الخاص يعد المحرك الرئيس لخلق فرص العمل في مختلف دول العالم.
ويستحوذ القطاع الخاص عالميًا على نحو 81% من إجمالي القوى العاملة، بحوالي 2.95 مليار فرد، من إجمالي 3.63 مليار فرد عامل، وفقًا لأحدث إحصائيات صادرة عن منظمة العمل الدولية عن عام 2023.
أكد عبد النبي، أن تعاظم نشاط القطاع الخاص في مصر، يُسهم بشكل فعّال في خفض معدلات البطالة، لافتًا إلى أن دور الدولة يفترض أن يكون قاصرًا على التنظيم والرقابة لضمان سلامة السوق.
وتابع: “تسريع وتيرة تنفيذ ما جاء في وثيقة سياسة ملكية الدولة يخلق مناخا استثماريا تنافسيا عادلا يُزيد من إنشاء المصانع والشركات بشكل يوسع القاعدة التشغيلية، مما يدفع عجلة الاقتصاد والإنتاج المحلي”.
وأشار إلى ضرورة ضخ استثمارات جديدة في قطاعات المواد الغذائية، والحديد والصلب، نظرًا للكثافة التشغيلية التي تتطلبها تلك الصناعات، مما ينعكس في الأخير على معدلات البطالة.
شفيع: فرص واعدة في الأسمدة والبتروكيماويات والمواد الغذائية والقطاع المصرفي
وقال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن تخارج الحكومة من بعض الاستثمارات، خاصة المجالات التي يمكن للقطاع الخاص إدارتها بالكامل، يمثل خطوة إيجابية لدعم الاقتصاد.
وأشار إلى أن قطاعات الأسمدة والبتروكيماويات، وصناعة المواد الغذائية، والقطاع المصرفي، تعد من القطاعات التي يمكن التخارج منها لصالح القطاع الخاص، وتحقيق عوائد قياسية منها تنعكس على إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، فيما توجد قطاعات يصعب على القطاع الخاص إدارتها بشكل كلي.
ويرى شفيع، أن عمليات الاستحواذ بين الكيانات الاقتصادية وبعضها دون توسع استثماري حقيقي قد يقود إلى تسريح عمالة، وهذا ما يتطلب رقابة من الدولة، لضمان تحجيم معدل البطالة.
أخبار متعلقة :