اليوم الجديد

الأقاليم والمدن الجديدة تجذب المستثمرين العقاريين

شهدت مصر على مدار السنوات القليلة الماضية، تحوّلاً ملحوظاً في خريطة الاستثمار العقاري، بالتوجه نحو الأقاليم والمدن الجديدة خارج نطاق القاهرة الكبرى.

يعود هذا التوجه إلى عوامل عدّة متداخلة، من بينها ضغوط السوق في العاصمة، وسياسات الدولة التنموية، والتغيرات الديموغرافية، إضافة إلى آفاق الربحية المستقبلية وفقا لما قاله خبراء التطوير العقاري.

أشار الخبراء، إلى أن الأقاليم المصرية أصبحت اليوم ملعباً رئيسياً للمستثمرين العقاريين الباحثين عن فرص جديدة بعوائد مرتفعة وتكاليف معقولة، بدعم من استراتيجيات الدولة التنموية، وروح المبادرة لدى القطاع الخاص، مضيفا أنه رغم بعض التحديات التمويلية واللوجستية، فإن الإطار التنفيذي القوي ومشروعات البنية التحتية الطموحة يضمنان استمرار زخم النمو العقاري خارج العاصمة خلال السنوات المقبلة.

وأوضح الخبراء، أن توسع الدولة في إنشاء المدن الجديدة كان بمثابة الانطلاق للمطورين والمستثمرين في الأقاليم حتى في المجال الصناعي، معتبرين أن المشروعات العقارية لا تكفي 10% من احتياجات تلك المناطق، لذلك واجب على الدولة أن تقوم بعمل مزيد من التسهيلات لإنعاش السوق العقاري داخل الأقاليم.

قال المهندس فتح الله فوزي رئيس مجلس إدارة شركة مينا للاستشارات والتطوير العقاري، ورئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن توجه جزء كبير من المطورين العقاريين إلى الأقاليم نتيجة وجود سعر منخفض للأراضي المتاحة للبناء، وتقديم الدولة حوافز ضريبية وتسهيلات في إجراءات التراخيص للمستثمرين في المدن الجديدة، خاصة في المناطق الصناعية والسياحية، خفّض التكاليف الإدارية والمالية.

اقرأ أيضا: عروض “الكاش باك” تجدد الجدل في السوق العقاري

وأضاف أن السوق العقاري في الأقاليم سوق جديد وواعد وفي حاجة إلى مزيد من الاستثمارات و المطورين نظرا لتوافر العديد من المميزات، مثل سعر الأرض المنخفض ووجود حيز عمراني كبير متاح للمطورين لخلق مدن جديدة تحتاج إليها تلك المناطق.

وأوضح فوزي، أن التوسعات العمرانية الجديدة في الأقاليم مثل إنشاء المدن الجديدة، جعل من المحافظات والأقاليم بيئة جديدة لفتح سوق واعد ومميز وآمن للمستثمرين في القطاع الخاص العقاري ، مشيرا إلى أن هناك مناطق كانت عامل جذب كبير للمستثمرين والمطورين مثل الشيخ زايد وأكتوبر، وهذا مثال رائع على النجاح.

وتابع :” قبل سنوات كانت هناك ندرة في الأراضي المتاحة للبناء .. لكن مع توسع الدولة في إنشاء المدن الجديدة كان ذلك بمثابة إنطلاقة للمطورين والمستثمرين في الأقاليم حتى في المجال الصناعي”، لافتا إلى أن نمو الطلب وندرة الأراضي مع تزايد سكان القاهرة الكبرى وارتفاع مستوى المعيشة، تقلصت المساحات المتاحة للبناء، ما رفع أسعار الأراضي والعقارات بصورة تجاوزت قدرة المستثمر الصغير والمتوسط.

وأشار إلى ارتفاع تكلفة تنفيذ المشروعات في القاهرة بسبب ارتفاع أسعار المواد والعوائد المطلوبة من العمالة، مقابل توافر خدمات أقل كفاءة مقارنةً بالمدن الجديدة في الأقاليم، مضيفا أن اطلاق الدولة العديد من المشروعات مثل تطوير محور قناة السويس، والعلمين الجديدة، و المنصورة الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وفّر بنية تحتية متكاملة (طرق، مياه، كهرباء، مرافق ذكية) خلال فترة زمنية قصيرة في جميع أنحاء الجمهورية وكان ذلك حافزا كبيرًا للمستثمرين.

القاضي: المشروعات العقارية في الأقاليم لا تكفي 10% من الاحتياج الفعلي

واكد الدكتور محمد مصطفى القاضي، خبير التخطيط العمراني وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن الدولة شهدت خلال السنوات الماضية تركيزا من المطورين على القاهرة فقط .. لكن مع رؤية الدولة الجديدة لتوسيع الحيز العمراني وإقامة المدن الجديدة، كان ذلك عامل جذب للمطورين للتوجه نحو الأقاليم.

أضاف أن القدرة الشرائية العالية للمواطنين في الأقاليم جعلت المطورين يتخذون خطوات جادة لسد العجز أو تلبية احتياجات تلك الأماكن من الوحدات السكنية سواء فاخرة أو إسكان اجتماعي، لافتا إلى أن عدد الوحدات المنفذة في المحافظات خلال 2019 كان “مخجلا” .. ومثال على ذلك بني سويف في 2019 تم تنفيذ 4 آلاف وحدة فقط و في المنيا 4120 وحدة وفي الدقهلية 2000 وحدة مقارنة بالاحتياجات الفعلية لتلك المناطق والتي تحتاج إلى 60 ألف وحدة سنويًا،

وتابع القاضي، أنه مع تزايد توجه المطورين نحو الأقاليم، ما زالت المشروعات العقارية لا تكفي 10% من احتياجات تلك المناطق. وواجب على الدولة أن تقدم مزيدا من التسهيلات لإنعاش السوق العقاري داخل الأقاليم و المحافظات بما في ذلك المناطق البدائية، مشيرا إلى أن المدن الجديدة والمشروعات العمرانية التي قامت بها الدولة جعلت المستثمر يشعر بالأمان تجاه الاستثمار في الأقاليم.

وأوضح أن حجم المشروعات والأراضي التي طرحتها الدولة على المستثمرين كان له دور عظيم في نقل الاستثمار إلى تلك المناطق والأقاليم، لافتا إلى أن الأقاليم نجحت في استقطاب شرائح مستأجرين من الباحثين عن الإقامة المؤقتة قرب مواقع عملهم الجديدة (على سبيل المثال العمال والموظفين في العاصمة الإدارية أو المدن الصناعية)، مما ضاعف الطلب على الوحدات السكنية القريبة من هذه المشروعات.

وأضاف أن الندرة في الأراضي داخل القاهرة، جعلت المطورين يستغلون الفرصة لإحياء سوق عقاري جديد في الأقاليم، لافتا إلى أن كل القدرة الإنشائية للسوق العقاري المصري سواء داخل أو خارج القاهرة لا تتعدى 25% من الاحتياج الفعلى للمواطنين والمستثمرين.

همام: مكاسب كبيرة عند إعادة البيع مقارنةً بعوائد متواضعة نسبياً في القاهرة

وقال الدكتور مختار همام عضو شعبة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، إن سعي الأسر نحو جودة حياة أفضل بعيدا عن ازدحام القاهرة المروري وتلوث الهواء والضوضاء ، دفع عدداً متزايداً للبحث عن خيارات سكنية أكثر هدوءاً ومساحات أوسع، وهذا متوافر غالباً في المناطق الإقليمية.

وأضاف أنه بسبب بداية حلقات النمو العقاري في الأقاليم، استطاع المستثمرون وقتها تحقيق مكاسب رأسمالية كبيرة عند إعادة البيع خلال فترات قصيرة (سنتين إلى ثلاث سنوات)، مقارنةً بالعوائد المتواضعة نسبياً في القاهرة.

وتابع همام، أن الأقاليم المصرية أصبحت اليوم ملعباً رئيسياً للمستثمرين العقاريين الباحثين عن فرص جديدة بعوائد مرتفعة وتكاليف معقولة، بدعم من استراتيجيات الدولة التنموية، وروح المبادرة لدى القطاع الخاص، مضيفا أنه رغم بعض التحديات التمويلية واللوجستية، فإن الإطار التنفيذي القوي ومشروعات البنية التحتية الطموحة يضمنان استمرار زخم النمو العقاري خارج العاصمة خلال السنوات المقبلة.

أخبار متعلقة :