اليوم الجديد

الذكاء الاصطناعى يعيد تشكيل سوق وظائف التكنولوجيا فى مصر ويهدد فرص المبتدئين

كشف خبراء الاقتصاد، أن قطاع تكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات يشهد تحولًا جذريًا فى نوعية المهارات المطلوبة، بفعل التقدم الهائل فى قدرات الذكاء الاصطناعي، ما يعيد تشكيل الطلب فى سوق العمل المصرى خلال السنوات المقبلة.

وجاء ذلك خلال ندوة عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أمس الأربعاء تحت عنوان “تحليل الطلب فى سوق العمل المصرى الربع الأول لعام 2025″، ركزت على تطورات الطلب فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات.

وكشف التحليل عن زيادة عامة بنسبة 4% فى عدد الوظائف مقارنة بالربع السابق، مع استمرار تمركز غالبية الفرص فى إقليم العاصمة، مقابل ضعف ملحوظ فى مناطق الوجه البحرى والقبلى رغم أنها تضم نحو 61% من السكان، ما يعكس فجوة جغرافية مثيرة للقلق فى توزيع فرص العمل.

وأكد المركز، أن وظائف المبيعات وخدمة العملاء وتكنولوجيا المعلومات مازالت تتصدر الطلب، بينما يشترط معظم أصحاب العمل حصول المتقدمين على درجة البكالوريوس، دون تمييز بين الذكور والإناث فى وظائف ذوى الياقات البيضاء.

وأشار التقرير إلى أن نحو 60% من الوظائف تتطلب خبرة متوسطة إلى متقدمة، مع تراجع ملحوظ فى الطلب على حديثى التخرج، تماشيًا مع تفضيل السوق للكفاءات ذات الخبرة، خاصة فى التخصصات التقنية.

ولفت المركز إلى خطورة الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعى فى المهام البسيطة، خاصة تلك الموجهة للمبتدئين والمتدربين، وهو ما قد يؤدى إلى “اختفاء الطبقة الوسطى من الخبرات”، ويفاقم أزمة بناء كوادر مؤهلة على المدى الطويل.

من جانبه، شدد الدكتور السيد يوسف القاضي، عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا بجامعة بدر ورئيس جامعة بنها الأسبق، على ضرورة بناء قاعدة بيانات شاملة تغطى المهارات والخبرات المتاحة فى سوق العمل.

كما حذر من أن غيابها يؤثر سلبًا على دقة دراسات الجدوى والتخطيط الفعال للاحتياجات المستقبلية، خصوصًا فى ظل توقعات دولية باختفاء 85 مليون وظيفة بحلول 2025 مقابل خلق 97 مليون وظيفة جديدة.

وانتقد القاضى اعتماد الجامعات على أساليب التلقين، داعيًا إلى تطوير مناهج التعليم لتشمل التعلم الذاتى وتفعيل المهارات والربط المباشر بسوق العمل، مع تحديث اللوائح الدراسية بشكل دورى لتتواكب مع الإطار المرجعى للمجلس الأعلى للجامعات، مشيرًا إلى أن بعض الجامعات ما زالت تعمل وفق لوائح تعود إلى عام 2018.

هنو: مطالب بإعادة النظر فى نماذج التعليم الجامعى التقليدية الممتد لأربع أو خمس سنوات

وفى السياق ذاته، حذر محمد هنو، رئيس جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية والعضو المنتدب للشركة العربية للحاسبات، من أن تسارع الاعتماد على الذكاء الاصطناعى يعيد رسم هيكل سوق العمل التكنولوجي، موضحًا أن القطاع بات يضم نوعين رئيسيين من الوظائف: وظائف البرمجيات مثل تطوير البرمجيات وهندسة البيانات، ووظائف البنية التحتية مثل الشبكات والأمن السيبراني.

ودعا هنو إلى إعادة النظر فى نماذج التعليم الجامعى التقليدية، مشيرًا إلى أن نظام الدراسة الممتد لأربع أو خمس سنوات لم يعد مناسبًا لتسارع التغيرات، مطالبًا باعتماد أنظمة تعليم مرنة تتراوح من 6 أشهر إلى 3 سنوات، مع تطبيق مبدأ “التعلم أثناء العمل”.

وسلط الضوء على تجربة الهند التى فرضت على الشركات توظيف نسبة من المتدربين ضمن هيكلها، مع تقديم الدولة حوافز مالية تغطى جزءًا من رواتبهم، داعيًا الحكومة المصرية لتبنى نموذج مشابه لتحفيز القطاع الخاص على استيعاب حديثى التخرج.

حمزة: التحول الرقمى سيعيد تشكيل المهارات المطلوبة ولن يقضى على الوظائف دفعة واحدة

بدوره، أكد هيثم حمزة، القائم بأعمال رئيس مركز تقييم واعتماد البرمجيات بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، أن التحول الرقمى لن يقضى على الوظائف التقنية دفعة واحدة، بل سيعيد تشكيل المهارات المطلوبة.

وأوضح أن الوزارة تمتلك أذرعًا تدريبية مثل معهد تكنولوجيا المعلومات والمعهد القومى للاتصالات، إلى جانب إيتيدا، للمساهمة فى سد فجوة المهارات بين التعليم الجامعى واحتياجات السوق.

وأشار حمزة إلى أن التحديات التى تواجه مطورى البرمجيات ليست تقنية فقط، بل تشمل ضعف المهارات اللغوية والقدرة على التوثيق وكتابة المستندات الفنية، ما يعيق تصدير الأعمال المصرية للخارج.

وأكد أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يساعد فى تقليص هذه الفجوة جزئيًا، لكن الحل الأهم يكمن فى تبنى نهج التعلم مدى الحياة، لأن الجامعات وحدها لا تكفى لتأهيل الخريجين لسوق سريع التحول.

وأشارت عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أن “الوضع الحالى فى سوق العمل محزن للغاية”، ويستلزم تحركًا عاجلًا من جميع الأطراف المعنية لضمان تكيف مصر مع مستقبل الوظائف فى ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.

أخبار متعلقة :