نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: الحوثي يستنجد بطهران.. هل تفتح إيران خزائنها مجددا؟, اليوم الاثنين 9 يونيو 2025 10:16 صباحاً هذا الواقع الجديد دفع الحوثيين إلى إرسال طلب صريح إلى السفير الإيراني في صنعاء، علي محمد رمضاني، لزيادة الدعم المالي والعسكري بشكل عاجل، في مسعى لتغطية عجز كارثي في الموازنة التشغيلية للجماعة، خاصة ما يتعلق برواتب المقاتلين ونفقات الجبهات الداخلية. لكن السؤال الأبرز الآن: هل تستطيع إيران، في ظل أزمتها الاقتصادية وضغوطها الإقليمية والدولية، الاستجابة لهذا النداء؟ وما هي السيناريوهات المحتملة إذا تجاهلت طهران نداء حلفائها في صنعاء؟ نزيف اقتصادي يتوسع.. عجز غير مسبوق في موازنة الحوثيين بحسب ما نقلته مصادر يمنية، تراجعت موازنة الحوثيين إلى ما يقارب النصف خلال الأشهر الأخيرة، خصوصا فيما يتعلق برواتب العسكريين ونفقات الجبهات الداخلية. هذا الانهيار المالي يعود إلى عدة أسباب متراكبة، أبرزها العقوبات الأميركية الأخيرة على الكيانات الحوثية المالية، وتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى الضربات الجوية المركزة التي نفذتها إسرائيل مؤخرا ضد منشآت اقتصادية حيوية تقع تحت سيطرة الجماعة، كميناء الحديدة ومخازن النفط ومصانع الإسمنت في باجل وعمران، بل وحتى مطار صنعاء ومحطات الكهرباء. فواز منصر، محرر الشؤون اليمنية في "سكاي نيوز عربية"، وصف هذه المرحلة بـ"الخانقة اقتصاديا" لجماعة الحوثي، موضحا أن "هناك تراجعا كبيرا في مصادر الدخل التي كانت تعتمد عليها الجماعة، خاصة السوق السوداء ونشاط الموانئ والضرائب المفروضة على التجار". وأضاف: "الغارات الإسرائيلية لم تقتصر على مواقع عسكرية بل طالت منشآت اقتصادية حيوية، ما أدى إلى تجفيف موارد الحوثيين". القيادات تهرب الأموال.. والبنوك تهرب من صنعاء أزمة الحوثيين لا تقتصر فقط على الاستهداف الخارجي، بل تتفاقم أيضا بفعل هروب المؤسسات المالية والتجارية من صنعاء إلى عدن، تحت ضغط العقوبات والخوف من التصنيف الإرهابي. ويؤكد منصر أن "عددا من البنوك نقلت مقراتها إلى عدن، بما في ذلك الجمعية اليمنية للبنوك، ما يضعف القدرة المالية للجماعة على التحكم بالسوق المحلي". منصر أشار كذلك إلى أن "الجماعة لجأت إلى فرض ضرائب مزدوجة على البضائع الواصلة إلى مناطق سيطرتها، إذ يُدفع للجمارك في ميناء عدن، ثم تُفرض جمارك أخرى عند دخول نفس البضائع إلى مناطق الحوثيين، ما أدى إلى استياء واسع بين التجار وانكماش اقتصادي حاد". القوة الصاروخية.. بند مستقل في الموازنة تموله طهران رغم العجز في تمويل الجبهات الداخلية، ما زالت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر لجماعة الحوثي تعمل بكفاءة، وتنفذ عمليات عسكرية ضد السفن في البحر الأحمر وضد إسرائيل. فكيف تستمر هذه العمليات رغم الانهيار المالي؟. يوضح فواز منصر أن "هذه القوة النوعية ممولة بالكامل من إيران، حيث تتولى طهران تمويل تهريب الأسلحة، تشغيل الورش، صيانة الصواريخ، ودفع رواتب الفرق الفنية التي يشرف عليها خبراء من فيلق القدس"، مضيفًا: "الميزانية التشغيلية لهذا القطاع مفصولة تماما عن باقي موازنات الجماعة". هذا يفسر كيف أن الحوثيين ما زالوا قادرين على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة رغم عجزهم عن دفع رواتب المقاتلين في الجبهات الداخلية. يقول منصر: "طهران تموّل ما تعتبره استثمارا استراتيجيا في ساحة قتال بعيدة عن حدودها، لكن فعالة في الردع". إيران والاختبار الصعب طلب الحوثيين الأخير برفع الدعم المالي والعسكري إلى مستويات جديدة وضع طهران أمام معادلة معقدة. فمن جهة، تعتبر إيران الحوثيين أحد أبرز أذرعها الخارجية، ومن جهة أخرى، تواجه الجمهورية الإسلامية ضغوطا اقتصادية متصاعدة، وتتعرض لاحتمالات مواجهة عسكرية مع إسرائيل أو الولايات المتحدة في أي لحظة. لكنّ منصر يعتقد أن إيران لن تتخلى عن حلفائها في اليمن: "الجماعة أثبتت لطهران أنها صامدة، ومخلصة، ومتهورة بالقدر الكافي لتنفيذ أجندة الحرس الثوري في المنطقة. ولهذا قد يعاد توجيه بعض التمويل الذي كان يذهب لحزب الله إلى اليمن"، مضيفا: "الحوثيون الآن هم الذراع التي تدافع عن إيران خارج حدودها... طهران تلعب ورقة اليمن كلما شعرت بتهديد مباشر". صنعاء تحت حكم السوق السوداء المشهد الاقتصادي في صنعاء يكتنفه واقع مقلق يتمثل في هيمنة السوق السوداء التي تديرها قيادات حوثية من الصف الأول، أبرزهم محمد عبدالسلام، الناطق باسم الجماعة، والذي يدير أكبر شركة نفط في صنعاء. ويصف فواز منصر هذه الحالة قائلا: "كل شيء تحول إلى تجارة في السوق السوداء، من الوقود إلى الغذاء، والمستفيد الأول هم قيادات الحوثيين". ويتابع: "منذ سيطرة الجماعة على صنعاء، لم ينفذ مشروع تنموي واحد. كل الإيرادات تسخر للمجهود الحربي، في حين أن المدنيين في مناطق الحوثيين يعانون من انقطاع كامل للرواتب، واتساع رقعة الفقر". المقاتلون في الجبهات.. بين التعطيل والانهاك رغم التوقف النسبي للمواجهات العسكرية داخل اليمن، إلا أن الجبهات لا تزال نشطة لوجستيا. يوضح منصر أن "هناك نحو 400 ألف مقاتل في صفوف الحوثيين، يتم نقلهم بين الجبهات المختلفة بحسب الحاجة، مما يزيد من أعباء الإنفاق والتجهيز، في وقت تتآكل فيه موارد الجماعة". كما أن القوات الموجودة على خطوط التماس مع القوات الحكومية اليمنية لا تزال بحاجة إلى تجهيزات، تموين، ومرتبات، وهو ما لم تعد الجماعة قادرة على تغطيته من دون دعم خارجي. بين الولاء والتمويل.. لحظة الحقيقة تقترب طلب الحوثيين العاجل من إيران ليس مجرد نداء لدعم مالي؛ بل هو إنذار استراتيجي يعكس حجم الضغط العسكري والاقتصادي الذي يواجه الجماعة. إيران، وإن كانت لا تزال متمسكة بحلفائها في اليمن، تقف اليوم أمام اختبار واقعي: هل تواصل الاستثمار في الحوثيين كورقة ضغط إقليمية؟ أم تراجع حساباتها وسط تزايد التهديدات على حدودها؟. الإجابة على هذا السؤال ستحدد ليس فقط مستقبل الحوثيين، بل أيضًا معادلة الصراع الإقليمي برمّته. والأكيد أن القادم، كما تشير كل المؤشرات، سيكون أكثر اضطرابًا من الحاضر.