"ما عيدنا ما رخاص اللحم ما حمينا قطيع".. هاشتاغ يجتاح منصات التواصل قبل العيد

أخبارنا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

"ما عيدنا ما رخاص اللحم ما حمينا قطيع".. هي ليست مجرد جملة عابرة، بل كانت صرخة غضب صادقة ومرارة اختزلت كل ما يشعر به المغاربة اليوم، وهم يرون أسعار اللحوم والدوارة ترتفع بشكل صاروخي قبيل عيد الأضحى، رغم أن لا عيد رسميًا، ولا شعيرة ذبح هذه السنة بقرار ملكي واضح وصريح!

القرار، في خلفيته، لم يكن عبثيًا ولا اعتباطيًا. بل جاء في سياق دقيق وحرج، راعى الوضعية المناخية القاسية التي تعيشها المملكة منذ سنوات، نتيجة توالي سنوات الجفاف وتدهور وضعية القطيع الوطني. كانت رسالة واضحة: فلنُضحِّ قليلاً لنحمي مستقبلنا الغذائي. لكن للأسف، الرسالة لم تجد آذانًا صاغية.

مشاهد الطوابير أمام محلات الجزارة، وتزاحم العربات في الأسواق الممتازة، والاندفاع المحموم نحو اقتناء اللحوم وكأننا مقبلون على مجاعة لا عيد، كل هذا يعكس جشعًا جماعيًا غير مبرر، واستهلاكًا فوضويًا يستحق أن يُلام ويُدان.

أي معنى لهذا التهافت؟ هل هو عبادة اللحم؟ هل فقدنا القدرة على ضبط النفس، ولو لمرة واحدة، في لحظة تستدعي الحكمة والتعقل؟ من الذي استفاد من هذا المشهد؟ لا أحد سوى المضاربين والوسطاء والتجار الجشعين الذين يعرفون تمامًا كيف يعزفون على أوتار الازمات.

نشطاء كثر على مواقع التواصل الاجتماعي عبّروا عن غضبهم الصريح، لا من الحكومة وحدها، بل من عموم المواطنين الذين يشتكون من الغلاء صباح مساء، ثم يهرولون بجنون إلى شراء ما لا قدرة لهم عليه، متناسين أن سلوكهم هذا هو الوقود الحقيقي لآلة الغلاء. قالها أحدهم بمرارة: "أنتم تستحقون الغلاء.. لأنكم تشجعونه بتهافتكم غير المفهوم!"

نعم، نحن نتحمل مسؤولية هذا الواقع. تكرار نفس السلوك الاستهلاكي، كل عام، بنفس الحدة، رغم كل النداءات والدروس، يعني شيئًا واحدًا: نحن لا نتعلم. نشتكي من الأسعار، ثم نخلق نحن الطلب المتزايد. نلعن المضاربين، ثم نمنحهم الفرض في طبق من ذهب. نندب حال القطيع الوطني، ثم نذبح ما تبقى منه باسم العادة والعناد.

إن استمرارنا في هذا الطريق ليس فقط تهورًا اقتصاديًا، بل هو انتحار جماعي بطيء. الغلاء لن يزول طالما نحن أول من يغذيه. القطيع لن يُحمى طالما نذبحه ونحن نعلم أنه في خطر. والأسعار لن تعود إلى رشدها طالما جنون الشراء أسبق من صوت العقل.

فليكن واضحًا: لا تغيير ممكن دون صدمة في الوعي. والصحوة تبدأ حين ندرك أن سلوك المستهلك أهم من كل خطاب حكومي أو مخطط اقتصادي. إما أن نرتقي، أو نستمر في الشكوى والندم والذل.

أخبار ذات صلة

0 تعليق