نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: هجوم واشنطن.. هل يصنع نتنياهو رواية جديدة عن معاداة السامية؟, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 04:52 صباحاً لم يكد العالم يلتقط أنفاسه بعد دعوات استدعاء السفراء الإسرائيليين من عدة عواصم أوروبية، حتى جاء الهجوم المسلح أمام المتحف اليهودي في قلب العاصمة الأميركية ليفتح الباب أمام سؤال سياسي-إعلامي أكثر عمقاً: من المسؤول؟ وهل يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توظيف الدم الإسرائيلي مجدداً لبناء خطاب تعبوي بشأن معاداة السامية؟ تصعيد أوروبي واتهامات مضادة الهجوم الذي قُتل فيه موظفان إسرائيليان واعتُقل منفذه وهو يردد شعارات مؤيدة لفلسطين، أعاد تشكيل المشهد الدبلوماسي. أوروبا، التي تعيش انقسامًا سياسيًا وأخلاقيًا حادًا بشأن الحرب على غزة، دانت الهجوم فورًا. وزراء خارجية بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا وصفوا الهجوم بأنه "جريمة بشعة معادية للسامية". لكن التصعيد لم يتوقف هنا، إذ اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أوروبا بأنها تتحمل مسؤولية غير مباشرة عما حدث، مشيراً إلى أن التحريض المتنامي ضد إسرائيل بسبب عدوانها في غزة هو ما غذّى الهجوم. سارع الفرنسيون إلى الرد: "تصريح مشين ولا يعكس الحقيقة"، وفق ما نقل مراسل سكاي نيوز عربية عن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية. إسرائيل تعيش اختناقاً داخلياً وتبحث عن سردية مريحة شدد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية نائل الزعبي خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" أن الحادث يمثل أزمة أخلاقية داخل إسرائيل بقدر ما هو مأساة دبلوماسية. يقول الزعبي: "نعم هناك مناهضة للسامية في العالم، ولكن إسرائيل تُخفق مراراً في معالجة أسباب الكراهية بسبب سياساتها في غزة والضفة، والإصرار على عسكرة كل خلاف". يرى الزعبي أن توجيه الاتهامات لأوروبا يهدف لتخفيف الضغط الداخلي على الحكومة، خصوصًا مع تزايد الانتقادات داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. ويضيف: "إسرائيل في لحظة اختناق داخلي وتبحث عن خطاب يُوحّد الصف ويُقصي المعارضة، ومعاداة السامية هي الرواية الأكثر جهوزية لذلك". الداخل الإسرائيلي: انقسام وصدام على خلفية دموية بينما يسوّق نتنياهو ووزراؤه للهجوم على أنه نتيجة "تحريض أوروبي"، يتصاعد داخل إسرائيل انقسام سياسي غير مسبوق. قناة "كان" العبرية نقلت عن مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "صور الأطفال القتلى في غزة تُفقد إسرائيل تعاطف العالم". هذا التصريح يلخّص صدمة داخلية لدى الإسرائيليين الذين يرون أن حكومتهم لم تنجح فقط في عزلهم دبلوماسياً، بل تسببت في اهتزاز صورتهم الأخلاقية أمام العالم. يتهم قادة في المعارضة، وعلى رأسهم يائير لابيد وبيني غانتس، حكومة نتنياهو بتعريض سمعة إسرائيل للخطر عبر السياسات الدموية التي تُفقدها شرعية أخلاقية في المحافل الدولية. هل قتل موظفي السفارة صدفة أم توقيت مدروس؟ ليس من السهل فصل التوقيت. الهجوم جاء بعد ساعات فقط من تصعيد دبلوماسي أوروبي على خلفية حرب غزة. فهل يمكن فصل الدم عن السياسة؟ أم أن نتنياهو سيُحاول تحويل الهجوم إلى نقطة ارتكاز لإعادة إنتاج خطاب الدولة الضحية؟ يقول نائل الزعبي: "في إسرائيل، كل رصاصة تُستثمر سياسياً. نتنياهو يدرك أن اللحظة حرجة، وهو يحاول تحويل المأساة إلى فرصة للضغط على أوروبا وشيطنة كل نقد على أنه تحريض ضد اليهود". معادلة غزة-الشتات: من يخسر المعركة الأخلاقية؟ يرى مراقبون أن إسرائيل تحصد الآن نتائج حرب إعلامية خاسرة، إذ تتسبب صور المجازر اليومية في غزة في تآكل التأييد الشعبي في أوروبا، خاصة بين الشباب والتيارات التقدمية. ووفق تقرير لمركز الدراسات الأوروبية في بروكسل، فإن أكثر من 62 بالمئة من الشباب الأوروبي يرون أن "إسرائيل تجاوزت حدود الدفاع المشروع". في هذا السياق، يصبح استدعاء معاداة السامية وسيلة لردع هذه الموجة الأخلاقية. لكنها، وفقًا للدكتور الزعبي، "وصفة قديمة لا تعالج عمق المأساة بقدر ما تعيد تدويرها في عناوين سياسية تكتيكية". المشهد مركب: دماء في واشنطن، صور مروعة من غزة، تصعيد دبلوماسي في أوروبا، وحكومة إسرائيلية محاصرة داخليًا وخارجيًا تبحث عن مخرج. في هذا السياق، يبدو أن بنيامين نتنياهو يُراهن على سردية "معاداة السامية" لوقف نزيف الشرعية الدولية. لكن السؤال الأهم، بحسب الزعبي، هو: هل يمكن لهذه السردية أن تصمد أمام سيل الحقائق، وأمام جيل أوروبي جديد يرى في التضامن مع غزة واجبًا أخلاقيًا، لا عداءً للسامية؟