قالت رشا عبد العال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، إن المصلحة تنتهج حاليًا سياسة إصلاح ضريبي شاملة، تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية، وتعزيز الامتثال الطوعي، وبناء الثقة مع مجتمع الأعمال، إلى جانب تحفيز التحول نحو الاقتصاد الرسمي، وتهيئة بيئة استثمارية عادلة وجاذبة.
جاء ذلك خلال مشاركتها في الحلقة الثامنة من سلسلة “سيمنار الثلاثاء” للعام الأكاديمي 2024–2025، التي ينظمها معهد التخطيط القومي تحت عنوان: “مصر ما بعد 2025.. رؤية تنموية طويلة الأجل”، والتي تناولت محور “الإصلاحات الضريبية وتأثيرها على بيئة الأعمال والاستثمار”.
وأضافت أن المصلحة قطعت شوطًا كبيرًا في التحول الرقمي، من خلال تطبيق منظومات متكاملة مثل: الفاتورة الإلكترونية، والإيصال الإلكتروني، ومنظومة المرتبات، وتقديم الإقرارات إلكترونيًا، فضلًا عن الربط الإلكتروني مع 27 جهة حكومية، ما مكّن المصلحة من الوصول إلى قاعدة بيانات دقيقة، أسهمت في كشف حجم الاقتصاد غير الرسمي ودمجه في المنظومة الضريبية. كما تنفذ المصلحة حملات ميدانية بالتعاون مع العديد من الجهات، لضمان تحقيق العدالة الضريبية.
وفي إطار الحرص على تيسير الإجراءات وتحقيق شراكة حقيقية مع الممولين، أشارت رئيس المصلحة إلى أن حزمة التسهيلات الضريبية التي تم إطلاقها، تضمنت نظامًا ضريبيًا مبسطًا للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها 20 مليون جنيه سنويًا، وذلك بموجب القانون رقم 6 لسنة 2025.
وقد تضمن هذا النظام إعفاءات من العديد من الضرائب والرسوم، وإلغاء الفحص الضريبي لمدة خمس سنوات من تاريخ الانضمام إليه.
وأضافت أنه لا يتم المطالبة بأي مستحقات ضريبية عن الفترات السابقة على التسجيل، بما يعكس تطبيق مبدأ “عفا الله عما سلف” دعمًا للمنضمين الجدد وتشجيعًا على الالتزام الطوعي.
وتابعت: كما تُقدَّم إقرارات ضريبة الدخل وفقًا لنسبة ثابتة تتراوح بين 0.4% و1.5% من رقم الأعمال السنوي، وهو ما أسهم في تغيير الصورة الذهنية عن المنظومة الضريبية، وفتح الباب أمام انضمام آلاف الكيانات التي كانت خارج النظام.
وشددت على أن المصلحة تستهدف بوضوح دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من خلال برامج للتوعية والتدريب بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات، إلى جانب توفير نظام ضريبي سهل وواضح يشجع على الانضمام للاقتصاد الرسمي، بما يتيح لها الاستفادة من التمويل، والدعم الفني، والبرامج الحكومية.
وأضافت أن وزارة المالية ومصلحة الضرائب تقدمان كل أوجه الدعم لهذه الفئة من الممولين، من خلال تسهيل انضمامهم لمنظومتي الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني، وتقديم المساعدة في استخراج التوقيع الإلكتروني، وتخصيص فرق دعم للتواصل المباشر معهم، لتيسير انضمامهم للمنظومات الرقمية دون تحميلهم أعباء مالية أو إدارية، بما يضمن دمجهم بسلاسة في المنظومة الضريبية الإلكترونية.
وأكدت أن هذه الإصلاحات ساعدت في استعادة ثقة مجتمع الأعمال، مشيرة إلى أنه تم عقد العديد من اللقاءات الدورية مع ممثلي القطاعات المختلفة، وإصدار قرارات تنفيذية تغلق فجوات التطبيق وتضمن وضوح الإجراءات. كما تم التعاقد مع جهات متخصصة لقياس رضا المتعاملين، ونُشرت الأدلة الإرشادية على الموقع الإلكتروني للمصلحة، إلى جانب إصدار التعليمات الدورية وشرح التشريعات الجديدة بلغة مبسطة.
كما تطرقت إلى جهود تحسين مناخ الاستثمار، مشيرة إلى صدور القانون رقم 159 لسنة 2023، الذي ألغى الإعفاءات الضريبية لبعض الكيانات، وكرّس مبدأ الحياد التنافسي بين مختلف الأنشطة الاقتصادية، بما يضمن العدالة في تحمل الأعباء الضريبية.
وأكدت وجود تنسيق دائم مع الهيئة العامة للاستثمار وهيئة التنمية الصناعية، لتسهيل إجراءات تأسيس الشركات والتصفية عبر منظومة “الشباك الواحد”، وضمان سرعة تقديم الخدمات.
ولفتت إلى أن نشاط التجارة الإلكترونية يُعد من أبرز الملفات التي حققت نجاحًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، وأسهم في تحقيق فارق ملموس في الحصيلة الضريبية. وتمكنت مصلحة الضرائب من خلاله من ضم قطاع عريض من الاقتصاد غير الرسمي إلى المنظومة الرسمية.
وأوضحت أنه تم إنشاء وحدة متخصصة للتجارة الإلكترونية داخل المصلحة، بذلت جهودًا كبيرة في دمج مزاولي الأنشطة التجارية والمهنية عبر الإنترنت، سواء من صناع المحتوى (Influencers وYoutubers) أو البائعين من خلال المنصات الإلكترونية.
وأضافت أن المصلحة اعتمدت في تعاملها مع هذا الملف على منهج التوعية والإقناع، من خلال حملات توعوية لفهم طبيعة هذه الأنشطة، وتقديم الدعم اللازم لمزاوليها عبر وحدة التجارة الإلكترونية، مما شجع أعدادًا كبيرة منهم على التسجيل الطوعي والانضمام إلى المنظومة الضريبية بسلاسة ومرونة.
كما أشارت إلى أنه تم التعامل باحترافية مع المنصات العالمية، من خلال إنشاء نظام تسجيل ضريبي مبسط، والتوصل إلى اتفاق واضح يقضي بأن كل من يتعامل مع هذه المنصات يجب أن يكون مسجلًا ضريبيًا لدى المصلحة، ما مكّنها من متابعة هذا النشاط بشفافية، وضمان إدراجه ضمن الاقتصاد الرسمي، بما يعزز مبدأ العدالة الضريبية وتكافؤ الفرص.
0 تعليق