نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحذير صارم.. لماذا صعّدت واشنطن لهجتها ضد هواوي؟, اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 02:28 مساءً
ففي خطوة تصعيدية، حذّرت أميركا منذ أيام أي شركة أو مؤسسة في العالم، من استخدام الرقائق الإلكترونية التي تنتجها شركة هواوي، ملوّحة بعقوبات جنائية تطال من يخرق هذا الحظر.
وأكد مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأميركية، أن إصدارات 910B و 910C و 910D من شرائح Ascend المتطورة التي تنتجها هواوي، تخضع لقواعد التصدير المُشددة بسبب احتوائها، على الأرجح على تكنولوجيا أميركية، أو اعتمادها في مراحل تصنيعها على أدوات ومعدات مصدرها الولايات المتحدة.
وأوضح المكتب أن مجرد استخدام أي جهة في أي مكان في العالم لهذه الإصدارات من الشرائح، يُعد انتهاكاً لقوانين التصدير الأميركية ويعرّض الجهة المُستخدمة للملاحقة.
في المقابل رأت وزارة التجارة الصينية أن التوجيهات الأميركية بحق شرائح هواوي، تهدد استقرار سلاسل توريد أشباه الموصلات العالمية، مشيرة إلى أن السلطات الصينية ستتخذ خطوات للدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة لشركاتها المحلية، حسبما نقلت "رويترز".
أسباب الحملة الأميركية الجديدة
وتُعيد الحملة الأميركية المتجددة ضد هواوي طرح تساؤلات ملحّة حول خلفيات هذا التصعيد وتوقيته، غير أن ما يبدو واضحاً هو أن واشنطن تتحرك مدفوعةً بقلق متزايد، من الطفرة التي تُحققها هواوي في مجال إنتاج شرائح الذكاء الاصطناعي، وسط اعتقاد أميركي بأن هذا التقدم يستند إلى تكنولوجيا أميركية محظورة، يجري تهريبها إلى الصين بطرق غير مشروعة، وذلك في تحدٍ مباشر للقيود التي فرضتها لحماية تقنياتها المتقدمة.
وبالفعل فقد بدأت هواوي بتزويد عملائها في السوق المحلية بمنظومة رقاقات جديدة للذكاء الاصطناعي، حيث تقول الشركة الصينية إن هذه المنظومة تتفوّق على رقاقات إنفيديا الأميركية في مجالات مثل القدرة الحوسبية وحجم الذاكرة. وذكرت مصادر مطلعة على تصميم رقائق هواوي لوكالة رويترز، أن ما حققته الشركة الصينية يُمثل أكثر من طفرة تكنولوجية صينية، كون هذه الشرائح توفّر أداءً يضاهي أداء شرائح "إتش 100"، التي طورتها شركة إنفيديا الأميركية.
شركة لم تسقط بالعقوبات
وبحسب تقرير أعدته "بلومبرغ" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فقد برزت شركة هواوي تكنولوجيز عالمياً، كشركة رائدة في مجال شبكات الجيل الخامس اللاسلكية والهواتف الذكية، قبل أن تتجه لاحقاً نحو مجال تصميم الرقائق والذكاء الاصطناعي.
وفي عام 2019، أصبحت هواوي هدفاً للولايات المتحدة، عندما أدرجتها إدارة ترامب في القائمة السوداء، وضغطت على حلفائها لحظر معداتها، بسبب مخاوف تتعلق بالتجسس على مستخدمي شبكات الاتصالات والهواتف المحمولة. وكادت العقوبات أن تقضي على أعمال هواوي في مجال الهواتف، ولكن الشركة استعادت عافيتها وهي الآن في صميم الجهود الوطنية الصينية، لتحقيق الاستقلال التكنولوجي عن الغرب في صناعات مستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي.
ما الذي تفعله هواوي ويُثير القلق؟
تُثير الحملة الأميركية الحالية ضد هواوي، تساؤلاتٍ حول مدى فعالية الجهود التي اتخذتها الإدارات الأميركية المتلاحقة، لاحتواء صعود نجم الشركة الصينية التي يبدو أنها نجحت في 2025 بترسيخ نفسها كمورد رئيسي للرقائق في السوق المحلية.
وتُعدّ هواوي حالياً، أهم سلاح لبكين في معركة أشباه الموصلات التي من المُتوقع أن تُشكّل عصب الاقتصاد العالمي لعقود قادمة، فطموحات الشركة الصينية تتجاوز الآن مجرد إنتاج هواتف أو معدات اتصالات أو أنظمة تشغيلية للأجهزة، حيث أن أعمال هواوي توسعت، لتشمل إنشاء شبكة من المصانع لتصنيع رقائقها الخاصة، وهو ما أشادت به وسائل الإعلام الحكومية الصينية باعتباره انتصاراً على العقوبات.
ولكن ورغم التقدم الذي حققته هواوي، تبقى الحقيقة أن الإجراءات الأميركية كبحت نمو أعمالها خارج الصين، ما جعل هيمنة الشركة محصورة بشكل متزايد في سوقها المحلية الواسعة.
ماذا تقول هواوي؟
لطالما نفت هواوي بشدة الاتهامات الأميركية التي تزعم تعاونها مع حكومة بكين، في عمليات تجسس على حكومات أو شركات أو أفراد. ولكن في الفترة الأخيرة، اتبعت الشركة نهجاً أكثر تحفظاً في الإفصاح عن تفاصيل معينة تتعلق بعمليات إنتاجها للرقائق، الأمر الذي عزّز الشكوك الأميركية بأن هذه الرقائق قد تعتمد، بشكل غير مباشر، على تكنولوجيا أميركية محظورة.
لماذا عاد الصراع إلى الواجهة؟
وتقول أخصائية التقنية والتسويق الرقمي دادي جعجع، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الصراع بين الولايات المتحدة وهواوي دخل في مرحلة من الهدوء النسبي خلال السنوات الماضية، وتحديداً بعد انتهاء الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرةً إلى أن ما نشهده اليوم هو عودة للصراع المباشر والعلني بين الطرفين، ولكن هذه المرة ضمن سياق أكثر حساسية، وهو سباق الهيمنة على الذكاء الاصطناعي.
وبحسب جعجع فإن الولايات المتحدة ترى أن التقدم الذي تحرزه هواوي في مجال تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي، لا يمكن أن يتحقق دون استخدام تقنيات أو أدوات أميركية محظورة على الشركات الصينية، ولذلك عمدت إلى رفع السقف عالياً، عبر التهديد بفرض عقوبات جنائية ضد أي جهة تتعامل مع رقائق هواوي المتطورة، مشددةً على أن التهديد بعقوبات جنائية هو أسلوب أميركي حاد ومحاولة لخلق "طوق عازل" حول المنظومة التكنولوجية التي تبنيها الشركة الصينية.
سقف قدرات هواوي
وشددت جعجع على أنه بعيداً عن منطق توجيه الاتهامات، إلا أنه من شبه المستحيل على هواوي تصميم رقائق للذكاء الاصطناعي، تنافس فيها أداء رقائق إنفيديا الأميركية، إلا في حالة واحدة وهي استخدام التكنولوجيا نفسها التي تستخدمها الشركة الأميركية، وهو ما لا يمكن حصوله بطريقة شرعية على اعتبار أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قامت خلال السنوات الأربع الماضية، بحرمان الشركات الصينية من الوصول إلى رقائق إنفيديا المتطورة، إضافة إلى حرمانها من الحصول على آلات تصنيع هذه الرقائق التي تنتجها شركة ASML الهولندية.
شكوك واشنطن تتعمق
وتكشف جعجع أن الولايات المتحدة ومنذ تشديدها للقيود على تصدير الرقائق والتقنيات المرتبطة بها إلى الصين، بدأت بتعقّب شبكات غير رسمية تعمل على تهريب هذه المكونات إلى الداخل الصيني، عبر أطراف ثالثة، سواء من خلال شركات واجهة متمركزة في جنوب شرق آسيا، أو عبر دول وسيطة لا تشملها قيود الحظر المباشر، مؤكدةً أنه حتى الساعة لا توجد أدلة قاطعة تُثبت أن هواوي، تتلقى الرقائق المهرّبة بشكل مباشر، إلا أن إحجام الشركة عن الكشف عن تفاصيل سلسلة التوريد الخاصة بها في مجال أشباه الموصلات، يُثير الكثير من الريبة، لا سيّما في ظل تقديرات تُرجّح أنها قد تكون استطاعت الوصول إلى تقنيات محظورة عبر تحليل واستنساخ رقائق أميركية، تم الحصول عليها بطرق غير قانونية.
كيف تخطت هواوي قدرات إنفيديا؟
من جهته يقول المطور التقني فادي حيمور، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هواوي بدأت مؤخراً بتسليم منظومة الذكاء الاصطناعي المتقدمة CloudMatrix 384 لعدد من عملائها المحليين، حيث توفّر هذه المنظومة نظاماً متكاملاً يضم 384 رقاقة من رقاقات Ascend 910C، لافتاً إلى أن الشركة الصينية لجأت إلى ما يمكن تسميته بـ "الهندسة التعويضية"، عبر تطوير بنية ضخمة، تعتمد على تكامل مئات الرقائق لخلق قدرة معالجة جماعية عالية، وهذا ما جعلها تتفوق في عدة مؤشرات مقارنةً بمنظومة NVL72 من إنفيديا للذكاء الاصطناعي، وتحديداً من حيث القدرة الحوسبية الأعلى والسعة الإجمالية الأكبر للذاكرة.
تقدم غير مستدام
وشدد حيمور على أن التقدم الذي تُحرزه هواوي في مجال الذكاء الاصطناعي قد لا يستند إلى قاعدة تكنولوجية صلبة أو مستدامة، إذ يرتبط إلى حد بعيد بقدرتها على الوصول بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تقنيات أميركية محظورة، وهو أمر لا يمكن ضمان استمراريته في ظل تشديد القيود من جانب واشنطن، مشيراً إلى وجود عيوب جوهرية في منظومة CloudMatrix 384 من هواوي، أبرزها الاستهلاك المرتفع للطاقة والتكاليف التشغيلية العالية، التي تفرضها الحاجة إلى إدارة معقدة ومهندسين متخصصين، فضلاً عن سعرها الباهظ الذي يبلغ نحو 8.2 ملايين دولار، مقارنةً بـ 3 ملايين دولار فقط لمنظومة NVL72 من إنفيديا.
وأضاف حيمور إن منتجات إنفيديا لا تزال تحتفظ بتفوق واضح من حيث الاستقرار، والموثوقية وسهولة الاستخدام والدعم البرمجي، فضلاً عن تفوقها في كفاءة الطاقة وتكامل النظام، كما أن البنية البرمجية والبيئية الواسعة التي بنتها إنفيديا حول شرائحها، تجعلها الخيار المفضل لمعظم مطوري الذكاء الاصطناعي حول العالم، وهو ما يصعّب على هواوي منافستها فعلياً على المستوى العالمي في المستقبل القريب.
0 تعليق