تعالت أصوات حقوقية خلال الأيام الأخيرة مطالبة بفتح تحقيق شامل وعاجل في قضية "الاتجار في الماستر" التي تفجّرت داخل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة ابن زهر بأكادير، وذلك على خلفية اعتقال أستاذ جامعي يُشتبه تورطه في تسهيل الحصول على شهادات عليا مقابل مبالغ مالية، في واحدة من أخطر القضايا التي هزت مصداقية التعليم العالي بالمغرب. واعتبرت هذه الأصوات أن الاقتصار على اعتقال الأستاذ المتهم خطوة أولى لا بد منها، لكنها تظل غير كافية في حال لم تتبعها إجراءات أعمق تمس جذور الأزمة، من خلال تفكيك شبكات الزبونية والفساد التي قد تكون متغلغلة في هياكل بعض المؤسسات الجامعية. كما شددت على أن المحاسبة يجب أن تشمل جميع المتورطين، بمن فيهم المستفيدون من هذه الشهادات الممنوحة بطرق مشبوهة، خاصة أولئك الذين استعملوها للحصول على مناصب وظيفية أو ترقيات إدارية. في سياق متصل، أبرزت الفعاليات الحقوقية أن استمرار التغاضي عن هذا النوع من التجاوزات يشكل خطرًا مباشرًا على مبدأ تكافؤ الفرص، ويضرب في العمق قيمة الاستحقاق والجدارة، مما يستوجب سحب الشهادات المشبوهة، وتجريد من حصلوا بموجبها على امتيازات وظيفية من مناصبهم، باعتبارهم شركاء في الفساد، وليسوا مجرد ضحايا له. كما طالبت هذه الجهات بإجراء جرد شامل لكل الشهادات التي أُصدرت تحت إشراف الأستاذ المعتقل، من أجل تحديد حجم الضرر الذي لحق بمؤسسة من المفترض أن تكون حامية للمعرفة، لا ساحة للمتاجرة فيها. كما تساءلت بعض الأطراف الحقوقية عن الكيفية التي استطاع بها هذا الأستاذ المضي قُدمًا في نشاطه المشبوه لسنوات طوال دون رقيب أو حسيب، مما يثير الشكوك حول احتمال وجود تواطؤ داخلي أو صمت مريب من بعض الأطراف داخل المؤسسة نفسها. وأكدت أن الإصلاح الحقيقي يقتضي مراجعة شاملة لأنظمة المراقبة والتتبع داخل الجامعات، وتفعيل آليات النزاهة والشفافية، بما يضمن قطع الطريق أمام من يحاولون تحويل المؤسسات الجامعية إلى بوابات للريع والابتزاز. وفي السياق ذاته، دعت هذه الأصوات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى تحمل مسؤوليتها كاملة في هذه القضية، والعمل على إصدار عقوبات إدارية وقانونية مشددة بحق كل من يثبت تورطه، دون أي تهاون أو اعتبارات سياسية أو نقابية، لأن سمعة الجامعة المغربية على المحك، ولأن الأمل في المستقبل رهين بإصلاح شامل للمنظومة التعليمية. واختتمت الفعاليات الحقوقية مواقفها بالتشديد على أن محاكمة أستاذ واحد، رغم رمزيتها، لا يمكن أن تكون سوى "ضمادة على جُرح غائر" إذا لم تُرافقها إرادة سياسية حقيقية لاجتثاث الفساد من جذوره، وتجفيف منابع الزبونية التي تُهدد مستقبل الجامعة وتُصيب الثقة في الدولة في مقتل.