تكلفة التمويل ترسم ملامح الاستحواذات.. والمستثمرون العرب يترقبون الفرص

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

يترقب سوق المال قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الخميس المقبل بشأن معدلات الفائدة، وسط توقعات بأن يُمهّد أي خفض مرتقب الطريق أمام موجة جديدة من صفقات الاندماجات والاستحواذات، بدعم من تحسّن بيئة التمويل وعودة شهية المستثمرين العرب إلى السوق المحلى مجددًا.

وتراجعت قيمة صفقات الاندماجات والاستحواذات في مصر خلال عام 2024 بنحو 14.2% لتصل إلى 3.5 مليار دولار، في حين ارتفع عددها بنسبة 27.3%، بحسب تقرير صادر عن شركة المحاماة العالمية “بيكر أند ماكينزي”.

قال أيمن أبو هند، العضو المنتدب لشركة سيجنيفيكا فينشرز لرأس المال المخاطر، إن انخفاض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة من شأنه أن يُقلّص من فجوة التقييم بين البائعين المحليين والمشترين الأجانب، ويُحفّز نشاط الاستحواذات.

وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تباينًا في تقييم الشركات المستهدفة، نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة والتكلفة المرتبطة بالتخصيم، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى نحو 40%، مما أثّر سلبًا على قيمة الشراء التي يعرضها المستثمرون الأجانب.

وأضاف أنه مع تراجع الفائدة ستنخفض معدلات التخصيم، وبالتالي سترتفع القيم العادلة للشركات المستهدفة من وجهة نظر البائعين، ما يُعزز من جدية المفاوضات ويدفعهم للانخراط بشكل أكبر في الصفقات.

وأشار إلى أن المستثمرين الخليجيين، خاصةً من السعودية والإمارات وقطر والكويت، لا يزال لديهم رغبة قوية في الاستحواذ على الشركات المرتبطة بسلاسل التوريد والتصنيع، ضمن خطط بناء القيمة الوطنية، ومصر تُعد وجهة مفضلة لتلك الاستثمارات نظرًا لقربها الجغرافي وتوافر العمالة منخفضة التكلفة.

اقرأ أيضا: تراجع عدد صفقات الدمج والاستحواذ العالمية لأدنى مستوياتها في 20 عامًا

وحدد أبو هند عددًا من القطاعات التي ستشهد رواجًا في الفترة المقبلة، منها الصناعات الدوائية، والأغذية، والمنتجات الاستهلاكية سريعة الدوران، والنقل والشحن والخدمات اللوجستية.

ولفت إلى أن بعض الشركات التي كانت تلقى رواجًا سابقًا بفضل عوائدها الدولارية فقط قد تتراجع جاذبيتها، في ظل تراجع أسعار الفائدة وتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين، وهو ما سيدعم أداء القطاعات الأخرى، خاصةً مع استقرار سعر الصرف.

وأكد أبو هند على أهمية تشكيل لجان تسويقية متخصصة لكل قطاع واعد، تضم ممثلين عن بنوك استثمار وخبراء في ذلك القطاع، بهدف الترويج له في الأسواق المستهدفة.

وأفاد أن كل منطقة جغرافية لديها تفضيلات مختلفة، فالدول الأوروبية تركز على الطاقة، بينما تهتم الدول الآسيوية بقطاعات الشحن والتوريد، وتنجذب الولايات المتحدة إلى القطاع التكنولوجي، لافتًا إلى أنه على الأقل يجب أن تبدأ الحكومة بثلاثة قطاعات واعدة، مع لجان مخصصة لكل منها.

الألفي: تكلفة الاقتراض تلعب دورًا فى إنعاش صفقات الدين وترفع التقييمات

وقال عمرو الألفي، رئيس قطاع الاستراتيجيات بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن اتجاه البنك المركزي نحو التيسير النقدي خلال العام الجاري، وتراجع أسعار الفائدة، من شأنه أن ينعش نشاط الاندماجات والاستحواذات بالسوق.

وأوضح أن انخفاض تكلفة الاقتراض سيعزز قدرة الشركات على تمويل صفقات الاستحواذ عبر الديون، مما يسهم في تحريك النشاط خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن التراجع في معدلات الخصم سيرفع من تقييمات الشركات المستهدفة، ويدفع العديد من الكيانات لإعادة النظر في أصولها، وهو ما قد يشجعها على الدخول في صفقات اندماج أو استحواذ.

وأشار إلى أن الشركات ذات الرافعة المالية المرتفعة ستستفيد من تراجع تكلفة التمويل، مما يُحسن من مستويات التدفقات النقدية لديها ويجعلها أكثر جاذبية لصفقات الاستحواذ.

اقرأ أيضا: مصر تسجل أعلى نمو في صفقات الدمج والاستحواذ بالشرق الأوسط خلال 2024

وتوقّع الألفي تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، مع خفض إجمالي للفائدة بواقع 400 نقطة أساس خلال النصف الثاني من العام.

واتفق معه هيثم قباني، العضو المنتدب لشركة بيتا كابيتال للاستشارات المالية، في أن المركزي قد يُثبت الفائدة في الاجتماع المقبل، على أن يبدأ خفض تدريجي يصل إلى 400 نقطة أساس بنهاية العام الجارى، في ظل انحسار معدلات التضخم وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى مستويات تتراوح بين 49 و50 جنيهًا.

وأوضح أن القطاعات المالية، ستكون من أكثر القطاعات تأثرًا سلبيًا بتراجع معدلات الفائدة، نتيجة ارتباطها المباشر بهوامش العائد على أدوات الدين والتمويل.

وأشار قباني إلى أن انخفاض تكلفة الأموال سيدعم نشاط الاندماجات والاستحواذات بالسوق، خاصة في قطاعات الأغذية والعقارات، مع تحسن بيئة التمويل وعودة شهية المستثمرين نحو التوسع.

ورغم الاتجاه العام نحو التيسير النقدي وتراجع الفائدة، لا يزال السوق بحاجة إلى محفزات أوسع نطاقًا لدعم النشاط الاقتصادي وتنشيط القطاعات الحيوية، خاصة في ظل التباطؤ العالمي والحروب التجارية بين القوى الكبرى، التي فرضت ضغوطًا على حركة رؤوس الأموال وتوجهات الاستثمار المباشر.

عوني: الشركات العقارية والتمويلية المستفيد الأكبر من خفض الفائدة

وأوضح سيف عوني، العضو المنتدب لشركة إيليت للاستشارات المالية، أن المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترات الماضية كان المشتري في صفقات الدمج والاستحواذ، نتيجة تراجع التقييمات السوقية للشركات المستهدفة، ما أتاح له تنفيذ صفقات عند مستويات سعرية أقل من القيم العادلة.

وأضاف أن تأثير خفض الفائدة على صفقات الدمج والاستحواذ يختلف من قطاع لآخر، والقطاعات التي تعتمد على التمويل عبر الاقتراض، مثل الخدمات المالية غير المصرفية والعقارات، ستكون من أكبر المستفيدين، حيث تنخفض تكلفة التمويل، ما يرفع من فرص التوسع والنمو.

ولفت مكتب محاماة “برايس ووترهاوس كوبرز” في تقريره الأخير، إلى أن التحديات الحالية المرتبطة بأسعار الفائدة المرتفعة والتضخم العالمي، تزيد من تعقيد عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بالصفقات.

وأوضح التقرير أن هناك ثلاثة اتجاهات رئيسية من المتوقع أن تعزز نشاط الدمج والاستحواذ في عام 2025؛ أولًا، تركيز الشركات على النمو والتحول من خلال استخدام عمليات الدمج والاستحواذ كأداة لتوسيع أسواقها وزيادة قدراتها، ثانيًا، يعد الذكاء الاصطناعي محركًا رئيسيًا للتغيير، حيث تسعى العديد من الشركات إلى دمج هذه التقنيات في عملياتها للحصول على ميزة تنافسية.

ومن جانبه، توقع ياسر عمارة، الرئيس التنفيذي لشركة إيجل للاستشارات المالية، أن يشهد السوق المصرى صفقات اندماج واستحواذ خلال الفترة المقبلة، ولكن ليس بنفس الزخم الذي شهده العام الماضي.

أشار إلى أن التوترات الاقتصادية العالمية قد تلعب دورًا في تعزيز جاذبية السوق المصرية، التي باتت أكثر استقرارًا نسبيًا مقارنة بعدد من الأسواق الناشئة الأخرى.

وقال محمد عبد الحكيم، رئيس قسم البحوث بشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، إن هناك عدة أنماط من صفقات الدمج والاستحواذ، إلا أن النوع الأكثر استفادة من تراجع أسعار الفائدة هو الاستحواذ الممول بالدين، حيث يُسهم انخفاض الفائدة في تعزيز قدرة الشركات على الاقتراض، ومن ثم التوسع في تنفيذ الصفقات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق