بين اتهامات ونفي، عادت مصادر ربحية البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري، لتطفو على السطح.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، جدلا بشأن مصادر ربحية البنوك، إذ أكد البعض أن أغلب تلك الأرباح المليارية، جاءت نتيجة “إقراض مدخرات العملاء للدولة”، أي في شكل أوراق مالية وأذون خزانة.
في المقابل، استنكر رؤساء كبرى البنوك والمصادر المصرفية تلك الاتهامات، مؤكدين أن البنوك تتوسع في تمويلات المشروعات والشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بشكل يضمن قدرتها على سداد أقساط القروض، بهدف تحجيم نسب التعثر والاحتفاظ بأموال المودعين.
واعتبر محمد علي الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي – مصر، فى منشور على مواقع التواصل الاجتماعى، أن الاتهامات بمثابة ظلم لجهود كافة العاملين داخل القطاع المصرفي الذين يسارعون في إيجاد فرص تمويل وإقراض متاحة في السوق سواء للأفراد أو الشركات بمختلف أحجامها.
وأضاف أن نسب التمويل خاصة بالعملة المحلية ترتبط بظروف السوق ومدى توافر السيولة، بجانب قدرة العملاء على السداد.
اقرأ أيضا: كيف ستتفاعل أسهم البنوك مع خفض الفائدة خلال 2025؟
وتحسنت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض، إذ تراجعت إلى 2.3% بنهاية ديسمبر الماضي، مقابل 3% بختام 2023، بحسب تقرير مؤشرات السلامة المالية الصادر عن البنك المركزي، ما يعكس إتاحة فرص لمزيد من الإقراض.
واستنكر علي، رفض البنوك طلبات القروض طالما كان المشروع الموجة له التمويل مدروسًا جيدًا ويخدم البيع المحلي أو التصدير.
وكشف أن نسبة توظيف التمويل إلى الودائع لدى مصرف أبوظبي الإسلامي – مصر تصل إلى نحو 67%، مع احتفاظ المصرف بنسبة السيولة الإجبارية والتي تبلغ 25%، بخلاف الاحتياطي الإلزامي، بهدف حماية مدخرات المودعين.
وأعاد هشام عز العرب الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي – مصر، مشاركة منشور على مواقع التواصل الاجتماعي ، مؤكدًا أهمية تسليط الضوء على ما يحويه منشور الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي – مصر، ألا وهو “أن البنوك تُسرع و تتنافس على تقديم تمويلات في مختلف المجالات”.
شوقي: تمويلات وقروض البنوك أعلى من استثماراتها في أذون الخزانة
من جانبه، نفى الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، أن تكون أرباح البنوك الحالية بسبب إقراض الدولة فقط .
أضاف لـ”البورصة”، أن قيمة محفظة التمويلات في القطاع المصرفي تجاوزت إجمالي استثماراتها في الأوراق المالية وأذون الخزانة.
وبلغ إجمالي أرصدة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك نحو 8.38 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر الماضي، مُوزعة على تمويلات موجهة للحكومة بقيمة 4.35 تريليون جنيه، ونحو 4.03 تريليون جنيه لغير الحكومة، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزي.
فيما بلغت استثمارات البنوك في أذون الخزانة والأوراق المالية نحو 6.66 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، بحسب قائمة المركز المالي للجهاز المصرفي الصادر عن البنك المركزي.
لفت شوقي، إلى ارتفاع نسبة توظيف القروض إلى الودائع لدى البنوك، ما يعكس حُسن توظيف السيولة بشكل يدعم ربحيتها.
ووصل إجمالي الودائع إلى نحو 13.6 تريليون جنيه بنهاية العام الماضي 2024، فيما بلغت الودائع الحكومية نحو 2.94 تريليون جنيه، مقابل ودائع غير حكومية سجلت نحو 10.66 تريليون جنيه، بحسب النشرة الشهرية للبنك المركزي.
وارتفعت نسبة توظيف القروض إلى الودائع لنحو 62.5% بنهاية ديسمبر الماضي، مقابل 54% بختام العام السابق 2023، بحسب تقرير مؤشرات السلامة المالية للجهاز المصرفي الصادر عن البنك المركزي المصري.
سليمان: التسهيلات وعمولات الاستيراد ورسوم المدفوعات الإلكترونية .. أبرز المصادر
وقال أيمن سليمان المسئول بقطاع الائتمان في بنك مصر، إنه رغم أن الاستثمار في أذون الخزانة يعد آمنًا ويحقق عوائد مرتفعة ومرضية للبنوك، إلا أنها تعمل على تنويع مصادر أرباحها.
وأوضح لـ”البورصة”، أن أرباح البنوك تتحقق من خلال التوسع في التسهيلات الائتمانية الممنوحة بمختلف أنواعها والشرائح المقدمة لها، فضلًا عن عمولات الاستيراد ورسوم المدفوعات الإلكترونية وغيرها على مختلف العمليات البنكية.
ناجي: البنوك في مختلف الدول تمول الأفراد وشركات القطاعين العام والخاص والدولة
وأكد وليد ناجي، الخبير المصرفي، أن أرباح البنوك تتحقق من مورد آخر بخلاف إقراض الدولة، ألا وهو العمولات، والتي تشكل النسبة الأكبر.
وأوضح أن الربحية من العمولات تتحقق من رسوم فتح الحسابات البنكية، والرسوم السنوية، ورسوم التحويل، ورسوم خطابات الضمان .
أضاف ناجي لـ”البورصة”، أن نسبة توظيف الودائع إلى القروض في القطاع المصرفي ، تعد آمنة، مشيرًا إلى أن البنوك عليها أن تحافظ على أموال المودعين من خلال الإقراض الآمن بعد دراسة جيدة للعميل، لضمان عدم تعثره والتأكد من توليده أرباحًا حقيقية تمكنه من سداد أقساط القرض.
وأكد أن القطاع المصرفي المصري ليس بمعزل عن غيره في الدول الأخرى، إذ تعمل البنوك في مختلف البلدان على تمويل الأفراد وشركات القطاعين العام والخاص والدولة، كما هو الحال في مصر.
فهمي: التوجه للاستثمار في أذون الخزانة يأتي نتيجة ضعف الطلب على الاقتراض
وأرجع ماجد فهمي رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية الأسبق، توجيه البنوك نسبا كبيرة من ودائعها نحو الاستثمار في أذون الخزانة على حساب الإقراض، إلى محددات يفرضها السوق.
وأوضح أن الطلب على الاقتراض تضاءل خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن البنوك لم تعرقل عمليات منح القروض والتسهيلات لمختلف الأنشطة الإنتاجية، نظرًا لعوائدها المرتفعة، ورغبة في استقرار السوق المحلي وتنشيط عجلة الاستثمار.
وتابع: “البنوك تتجه إلى الاستثمار في أذون الخزانة لتعويض نقص طلب الشركات على القروض والتسهيلات الائتمانية، لإحلال مصادر بديلة مربحة، مما يعكس حسن توظيف البنوك للسيولة النقدية لديها”.
وأكد فهمي، أهمية تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية المختلفة وتمكين القطاع الخاص، لتنشيط الطلب على الاقتراض من البنوك، ما يُفسح المجال لها في تنويع موارد أرباحها.
0 تعليق