خبراء “صندوق النقد”: لا مفر من الإصلاحات الهيكلية والسياسات التقشفية لم تعد كافية

البورصة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

أكد عدد من خبراء الاقتصاد المشاركين في المؤتمر البحثي الأول لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المنعقد بالقاهرة، أن الإصلاحات الهيكلية أصبحت ضرورة لا خيارًا أمام الدول ذات المديونية المرتفعة، خاصة في ظل ارتفاع خدمة الدين وتباطؤ النمو واتساع الفجوات الاجتماعية، وشدد الخبراء على أن السياسات التقشفية وحدها لم تعد كافية، داعين إلى تبني استراتيجيات شاملة تعزز الإنتاجية وتدعم الاستثمار وتعيد الثقة إلى الأسواق.

وقال الدكتور آلان أورباخ، أستاذ الاقتصاد والقانون بجامعة كاليفورنيا، في الجلسة الأولى من المؤتمر، إن هناك مجموعة من القضايا الاقتصادية الملحة التي يجب أن تكون موضع نقاش، وفي مقدمتها المفاضلة بين تحقيق الإيرادات وإعادة توزيع الدخل، والاختلاف في التكاليف الاقتصادية الناجمة عن مصادر الإيرادات المختلفة.

وأضاف أن هناك تساؤلات متزايدة عالميًا حول مدى إمكانية إلزام الشركات متعددة الجنسيات بدفع حصة أكبر من الضرائب، مشيرًا إلى أن جهود التعاون الدولي في هذا المجال يمكن أن تمتد أيضًا إلى الأفراد الأثرياء، رغم ما يواجه ذلك من تحديات.

وأوضح أن استخدام الضرائب لتحقيق أهداف متعددة – كتمويل الإنفاق العام، وتخفيض الديون، وتحقيق العدالة الاجتماعية – غالبًا ما يؤدي إلى تضارب في الأهداف، مما يتطلب اختيارات دقيقة، خصوصًا مع تراجع القدرة على زيادة الضرائب دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.

وأكد أورباخ على أهمية البحث عن مصادر إيرادات فعّالة من حيث التكلفة، مشيرًا إلى أن ضرائب الاستهلاك تُعد من أكثر الأدوات كفاءة، إذ يسهل إدارتها، ولا تثبط الادخار، وتُعتبر مصدرًا مستقرًا للإيرادات خصوصًا في المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة السكانية.

وأشار إلى أن ضريبة القيمة المضافة هي النموذج الأوسع انتشارًا عالميًا في هذا المجال، إلا أن فعالية هذه الضريبة غالبًا ما تتقلص بسبب الإعفاءات الممنوحة لبعض السلع الأساسية، ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات وعدم تحقيق الأهداف الاجتماعية المستهدفة بدقة.

وفي سياق السياسات الاجتماعية، دعا أورباخ إلى التفكير الجاد في استخدام أساليب أكثر استهدافًا، مثل التحويلات النقدية المباشرة أو حوافز ضريبية، بدلاً من الإعفاءات الضريبية العامة التي تفيد الفئات غير المستهدفة.

وحول الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، قال أورباخ إن المبادرة الدولية بقيادة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية شهدت تقدمًا في تطبيق “الركيزة الثانية”، والتي تهدف إلى فرض حد أدنى عالمي للضرائب بنسبة 15%، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، وعلى رأسها غياب التوافق السياسي في الولايات المتحدة، مما قد يعقّد تطبيق الاتفاقيات عالميًا.

وأكد أن الحفاظ على التقدم المحرز يتطلب من الدول المشاركة إيجاد سبل لتجاوز العقبات، مثل الإبقاء على الامتيازات الضريبية غير المباشرة، أو مواجهة عودة الضرائب على الخدمات الرقمية، التي كانت من المفترض أن تُلغى بموجب الاتفاقات الجديدة.

وفيما يتعلق بتوسيع نطاق التعاون الدولي ليشمل الأفراد الأثرياء، أشار أورباخ إلى وجود فروق جوهرية بين الشركات والأفراد، إذ يمكن تتبع إقامة الأفراد وفرض ضرائب على انتقال الثروة بشكل أكثر فاعلية مقارنة بالشركات التي تتحرك بحرية أكبر بين البلدان.

وأشار أورباخ إلى المخاطر التي يشكلها الوضع المالي في الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن السياسات المالية الأمريكية أصبحت أقل استجابة لأعباء الدين العام، مما يقلل من ثقة المستثمرين ويزيد من حالة عدم اليقين عالميًا .. وأكد أن ضعف البدائل الاستثمارية الآمنة قد يبدو جيدًا للدول الأخرى على المدى القصير، لكنه يزيد من المخاطر المالية العالمية بشكل عام.

أخبار ذات صلة

0 تعليق