في معطيات صادمة انتحر 35 جنديا، بين صفوف الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة وحتى نهاية عام 2024، وسط تكتم رسمي شديد من المؤسسة العسكرية ، نقلا عن مصادر عسكرية، تحدثت لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الأحد. ورغم خطورة هذه الأرقام، يرفض الجيش الإسرائيلي الإفصاح عن العدد الدقيق للجنود المنتحرين خلال العام الحالي، في حين تشير المصادر إلى أن العديد من هؤلاء دُفنوا بصمت من دون مراسم عسكرية أو إعلان رسمي. وفي سياق متصل، يعاني آلاف من جنود الاحتياط المشاركين في العمليات بغزة من اضطرابات نفسية حادة، حيث تجاوز عدد من يتلقون علاجا نفسيا منذ بداية الحرب 9,000 جندي، وفق الصحيفة. ومع ذلك، يواصل الجيش تجنيد هؤلاء المصابين في صفوف الاحتياط، نظرا للنقص الكبير في القوى البشرية. ونقلت الصحيفة عن أحد الضباط قوله: "نحن نتجنب التدقيق في الحالة النفسية للجنود، خوفاً من أن نخسر المزيد من العناصر ونُترك من دون قوات كافية". ويشار إلى أن سبعة جنود إسرائيليين أقدموا على الانتحار منذ بداية عام 2025، وسط تأكيدات من مصادر عسكرية بأن استمرار الحرب هو السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة النفسية داخل الجيش. ويصنف الجيش الإسرائيلي جنوده الجرحى في الحرب الحالية وفقا لإصاباتهم، وبذلك يخفي إصابة حوالي عشرة آلاف جندي في المعطيات التي ينشرها، قياسا بمعطيات ينشرها قسم إعادة تأهيل الجنود المصابين التابع لوزارة الأمن. وأعلن قسم إعادة تأهيل الجنود المصابين، خلال اجتماع في الكنيست، في 9 آذار/مارس الماضي، أنه قبل الحرب على غزة كان عدد الجنود الذي اعتنى القسم بهم 62 ألفا، وأن عددهم ارتفع الآن إلى 78 ألفا، ومعظمهم جنود احتياط و51% من المصابين دون سن 30 عاما. ويعني ذلك أن 16 ألف جندي إسرائيلي أصيبوا خلال الحرب الحالية وطلبوا عناية قسم إعادة تأهيل الجنود بهم. في المقابل، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في حينه واستنادا إلى معطيات الجيش الإسرائيلي، أن عدد الجنود الذين أصيبوا منذ بداية الحرب هو 12 ألفا، لكن موقع "واينت" الإلكتروني التابع للصحيفة ذكر لاحقا أن العدد هو 2000 وشطب عشرة آلاف جندي مصاب. وقالت شعبة القوى البشرية أن عدد الجنود المصابين هو حوالي 5900 جريح. والسبب في انخفاض عدد الجنود الجرحى بموجب معطيات الجيش الإسرائيلي نابع من أن الجيش لا يشمل في إحصائيته الجنود الذين يُنقلون إلى المستشفيات "ليس نتيجة حدث عسكري"، ولا يشمل الجنود الذين أصيبوا بجراح طفيفة ومتوسطة أو الذين وصلوا إلى غرفة الطوارئ في المستشفيات ولم يتم تسريرهم، ولذلك فإن المعطيات لا تشمل الإصابات النفسية أيضا، وفق ما ذكر تقرير نشره الموقع الإلكتروني الإسرائيلي اليساري "المكان الأكثر سخونة في جهنم". ولفت التقرير إلى عدم وجود علاقة بين تصنيف الإصابة وبين خطورة الإعاقة التي سيواصل المصاب العيش معها بعد أن يزول الخطر على حياته. فإصابة تؤدي إلى فقدان دماء كثيرة تعتبر إصابة خطيرة لكن المصاب سيشفى منها بعد علاج سريع، بينما إصابة بشظية في العين لا تعتبر إصابة خطيرة لكنها قد تؤدي إلى إعاقة مدى الحياة. ويشمل قسم إعادة تأهيل الجنود جميع الذي يعنى بهم وبغض النظر عن إصاباتهم، وبينهم الذين أصيبوا بصدمة القتال أثناء الحرب أو الذين لم يرقدوا في المستشفيات جراء إصابتهم النفسية أو إصابة ما بعد الصدمة. وفي بداية آذار/مارس الماضي، طلب 6410 جنود الاعتراف بهم كمعاقين جراء إصابتهم بصدمة نفسية، وارتفع عددهم إلى 7300 جنديا في نيسان/أبريل، حسب المعطيات في التقرير. ونقل التقرير عن المؤرخ، د. لي مردخاي، قوله إن الفرق في المعطيات بين الهيئات الرسمية سببه مصالح مختلفة بينها. "فمصلحة الجيش الإسرائيلي هي تقليل عدد الجرحى وبذلك خفض الثمن الذي يدفعه الجمهور بسبب الحرب. وهذا يتلاءم مع سياسة أوسع هدفها منح شرعية للحرب، وأن يكون الجمهور مستعدا لدفع الثمن". وأضاف مردخاي أن "هذا يعزز الاعتقاد أنهم لا يقولون الحقيقة لنا ولا يأخذوننا على محمل الجد. وبالإمكان توجيه أصابع الاتهام إلى المراسلين العسكريين الذين ينشرون معطيات الجيش كما هي ولا يشككون بمصداقية الأعداد. والسبب في أن الناطق العسكري بدأ يكشف عن عدد المصابين هو في تقديري نتيجة لبدء قسم إعادة تأهيل الجنود بتسريب المعلومات وعندما بدأ بالحديث عن عدد الجنود الذين يتوقع أن يعنى بهم في المستقبل". وأشار إلى أن "هذا الموضوع هام كي يدرك الجمهور الثمن الحقيقي للحرب، وكم العدد الحقيقي للأشخاص الذين أصيبوا في الحرب". انتهى تل أبيب-غزة / المشرق نيوز