هل تفتح مفاوضات أميركية مع حماس بوابة سياسة غير معلنة؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تفتح مفاوضات أميركية مع حماس بوابة سياسة غير معلنة؟, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 06:15 صباحاً

لم تكن هذه العملية مجرد نجاح دبلوماسي فحسب، بل بدا وكأنها مقدمة مدروسة لإعادة تموضع أميركي جديد في المنطقة، تتداخل فيه حسابات السياسة الداخلية، وقواعد التحالفات، وأولويات الأمن القومي، مع طموحات ترامب الشخصية والفكر الاستعراضي الذي يرافق كل خطوة يخطوها.

خلفية الحدث: ما وراء سطور الصفقة

عملية الإفراج عن ألكسندر لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت بعد سلسلة تفاهمات غير معلنة شاركت فيها أطراف دولية عدة، أبرزها الصليب الأحمر، وتوقف غير معتاد للأنشطة العسكرية الإسرائيلية في القطاع. عملية التسليم جرت في نقطة متفق عليها شمال خان يونس، وسط صمت أمني مريب من الطرفين، ما يوحي بوجود تفاهمات دقيقة، وموافقة ضمنية من تل أبيب التي لطالما أعلنت رفضها لأي حوار مباشر مع حماس.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف كان حاضراً في قاعدة "رعيم" لاستقبال الرهينة، في مشهد رمزي حمل أكثر من دلالة، أبرزها أن واشنطن أصبحت قادرة على التعامل مع كافة الأطراف المؤثرة في المنطقة، بمن فيهم أولئك المصنفون على قوائم الإرهاب الأميركية.

ترامب واستراتيجية "الإثارة السياسية"

خلال حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، رسم المحلل موفق حرب لوحة متكاملة لطبيعة الخط السياسي الذي يتبعه ترامب، قائلاً: "الرئيس ترامب في أحلى حالاته... سيطر على الإعلام العالمي"، مشيراً إلى أن توقيت الإفراج عن الرهينة قبل دقائق من إقلاع طائرة ترامب إلى الرياض لم يكن محض صدفة، بل جزء من حبكة إعلامية متقنة هدفها رفع سقف الزخم السياسي قبيل الزيارة.

وفق حرب، فإن ترامب يدير السياسة الخارجية كمدير ترويج تلفزيوني، لا يتحرك إلا وفق مشهدية مدروسة تعزز صورته القيادية في الداخل والخارج. وأضاف: "لو لم يحقق هذا الإنجاز، كان سيظهر بصورة باهتة في الخليج".

لكن الأهم من ذلك، أن موفق حرب يرى في هذه الخطوة تحوّلاً في أولويات ترامب، الذي بات يرى في الخليج فرصة لتحقيق أجندته "أميركا أولاً" على حساب التحالفات التقليدية، ومنها العلاقة المعقدة مع إسرائيل.

بين ترامب ونتنياهو: شدّ وجذب دون قطيعة

التصريحات المتبادلة بين نتنياهو وترامب بعد إطلاق الرهينة كشفت عن توازن دقيق بين المصالح والضغوط. نتنياهو حاول نسب النجاح للضغط العسكري الإسرائيلي، لكنه ما لبث أن أقر بدور الضغط السياسي الأميركي، في خطوة بدت كأنها رسالة شكر معلّبة لتفادي أي تصعيد شخصي من ترامب المعروف بتقلباته وردود فعله المفاجئة.

موفق حرب أشار بوضوح إلى أن نتنياهو يدرك حساسية العلاقة مع ترامب، ولا يستطيع مجابهته علنًا.

بل أضاف أن "نتنياهو يخشى ترامب"، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي "ليس مدينًا للوبي الإسرائيلي" في واشنطن، وأنه على استعداد لتغليب مصلحة أميركا حتى لو تعارضت مع مصالح تل أبيب.

الخليج أولاً: الخليج بوابة ترامب إلى الداخل الأميركي

زيارة ترامب للسعودية، الإمارات، وقطر، تأتي في سياق مكمّل لعملية الإفراج، لا كحدث منفصل عنها. وفق تحليل موفق حرب، فإن ترامب يرى في دول الخليج نماذج للنجاح الاقتصادي والأمني، تعزز رسالته الانتخابية بالعودة إلى "أميركا القوية والغنية".

ويضيف حرب: "يحلم ترامب أن تكون بالم بيتش مثل دبي... الخليج هو حلمه في الداخل الأميركي".

ويستشف من هذا الطرح أن ترامب يروّج لجولته الخارجية بوصفها انعكاسًا لرؤيته المحلية: ثروة، أمن، ونظام. كما أنه يستثمر نجاحه في هذه العملية لتأكيد قدرته على إحداث اختراقات دبلوماسية في الملفات الشائكة.

الصفقة والرسائل الإقليمية: حماس ليست إيران

بين تفاهمات مع الحوثيين، ومفاوضات متقطعة مع إيران، وانتقال إلى حماس، يبدو أن إدارة ترامب تتبع استراتيجية واقعية تتجاوز الحواجز الأيديولوجية.

فالمشهد الإقليمي الذي يهيمن عليه تصاعد الصراعات في غزة، والتوترات مع إيران، والانقسامات العربية، يفرض مقاربة براجماتية تتعامل مع "الوقائع" أكثر من "الثوابت".

وإذا كان الحديث مع حماس عبر وسطاء أو بشكل مباشر تجاوزًا للخطوط الإسرائيلية الحمراء، فإن هذا التفاوض يوجّه رسالة مزدوجة: الأولى لحماس بأن الباب مفتوح أمام صفقات أخرى، والثانية لإسرائيل بأن واشنطن لن تنتظر ضوءًا أخضر دائمًا لمبادراتها في المنطقة.

الرؤية الأميركية الجديدة: من إسرائيل إلى مصلحة أميركا

التقييم الذي قدمه موفق حرب يوضح أن السياسة الأميركية، تحت إدارة ترامب، لم تعد محكومة بالعلاقة التقليدية "الصلبة" مع إسرائيل، بل بمبدأ "أميركا أولاً"..

ويُشير حرب إلى أن البيت الأبيض الحالي يحتوي على أجنحة مختلفة التوجهات، إلا أن القرار النهائي يظل بيد ترامب وحده. هذا ما يجعل كل خطوة، مثل صفقة الإفراج عن الرهينة، محكومة بميزان الداخل الأمريكي، أكثر من توازنات الشرق الأوسط.

ما بعد الإفراج... شرق أوسط بنكهة ترامب؟

عملية الإفراج عن عيدان أليكسندر قد تكون خطوة أولى في مسار جديد لإدارة ترامب في الشرق الأوسط، مسار عنوانه "الاختراق لا الاصطفاف"، وهدفه ليس السلام بالمعنى التقليدي، بل إعادة تعريف النفوذ الأميركي من خلال أدوات تفاوض غير معتادة، وأطراف لطالما اعتُبرت خارج المعادلة.

لكن السؤال يبقى: هل ما جرى هو مجرد عرض ترويجي لجولة خليجية أراد ترامب أن يدشّنها بمشهدية لامعة؟ أم أنه مؤشر حقيقي على تحول في السياسات الأميركية تجاه إسرائيل والفصائل الفلسطينية؟

في الحالتين، يبدو أن ترامب عاد إلى المنطقة بنسخة أكثر براغماتية وواقعية، ولكنها لا تقل عن نسخته الأولى في حبها للإثارة والسيطرة على العناوين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق