ألقى التصعيد اليمني المتواصل بظلاله الثقيلة على حركة الطيران الدولي إلى كيان العدو، في ضربة نوعية طالت مطار “بن غوريون” وأربكت قطاعي النقل والسياحة، فيما أُجبرت الولايات المتحدة على التراجع عن عملياتها العسكرية في اليمن بعد فشل تكتيكي وتكلفة مرتفعة لم تُحقق أي من أهدافها.ووفق ما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”, فقد قررت شركات طيران دولية، من بينها الخطوط الجوية البريطانية، تمديد تعليق رحلاتها إلى مطار “بن غوريون” حتى منتصف يونيو المقبل، نتيجة تصاعد التهديدات اليمنية واستهداف المطار بصاروخ بالستي دقيق، اعتُبر بمثابة “إنذار ميداني” على استمرار العدوان على قطاع غزة.الهجوم الصاروخي على المطار كشف هشاشة المنظومة الأمنية لكيان العدو، بحسب المصدر ذاته، حيث انخفض عدد المسافرين عبر المطار من 70 ألفًا يوميًا في أواخر أبريل إلى 40 ألفًا فقط مطلع مايو، أي بنسبة انخفاض تصل إلى 43%.أما صحيفة “معاريف”، فحذّرت من أن استمرار هذا التراجع يُكبّد الاقتصاد الإسرائيلي عشرات الملايين من الشواكل يوميًا، ويرسم سيناريو قد يُحوّل أحد أهم الموانئ الجوية في الكيان إلى منطقة شبه معطلة، بفعل عجز الدفاعات الجوية عن التصدي للضربات اليمنية.اقتصاديًا، سجّلت بورصة يافا (تل أبيب) انخفاضًا في أسهم شركات طيران إسرائيلية، أبرزها شركة “تراكنت” التي فقدت نحو 14% من قيمتها السوقية، وهي المسؤولة عن تشغيل الجسر البري التجاري مع الإمارات. كما تراجعت أسهم شركة “إلعال” بنسبة 0.34%، في مؤشر على قلق المستثمرين من استمرار الحظر الجوي.في السياق ذاته، انعكست المخاوف الأمنية على معرض السياحة الدولي IMTM 2025 المقام في يافا، حيث أُلغيت مشاركة عشرات الدول، وتغيّب ما يقارب 50% من الوفود الدولية، رغم تحضيرات مسبقة وحضور جزئي لدول كاليونان، ما شكّل ضربة إضافية للقطاع السياحي في ظل حالة الشلل الجوي.الردع اليمني يُربك “إسرائيل” استراتيجيًاالضربات اليمنية الأخيرة تعكس تحولاً في قواعد الاشتباك الإقليمي، حيث باتت المطارات والمرافئ الإسرائيلية أهدافًا مباشرة، ضمن استراتيجية تُرغم العدو على دفع كلفة عدوانه على غزة ميدانيًا واقتصاديًا، وتُظهر مدى قدرة اليمن على فرض معادلة ردع فعالة خارج حدوده الجغرافية.ويرى مراقبون أن استهداف المطارات يوازي في تأثيره تعطيل الملاحة في البحر الأحمر، ويؤسس لنقلة نوعية في أدوات الردع اليمني، خصوصًا في ظل تطور القدرات التقنية والهندسية لصنعاء، والتي سمحت بإطلاق صواريخ دقيقة لمسافات طويلة، رغم الحصار المفروض عليها منذ سنوات.في المقابل، شكّل إعلان واشنطن وقف عملياتها العسكرية ضد اليمن اعترافًا صريحًا بفشل عدوانها الأخير، الذي استمر لنحو شهرين دون تحقيق أي نتائج تذكر.ويأتي هذا التراجع بعد تعاظم العمليات اليمنية ضد الملاحة في البحر الأحمر وضد كيان العدو، ما أجبر الولايات المتحدة على إعادة حساباتها وتموضعها في المنطقة، خاصة بعد تعرض قواعدها وسفنها لهجمات متكررة ومكلفة.من أبرز التحولات في ميزان القوة، امتلاك اليمن لصواريخ فرط صوتية بسرعة تصل إلى 16 ماخ، وهي تتجاوز قدرات الاعتراض القصوى لدى أنظمة مثل “ثاد” الأميركية التي لا تتجاوز 8 ماخ.هذا التطور يُضعف فعالية مظلة الدفاع الجوي لدى كيان العدو وحلفائه، ويضعهم أمام تحدٍّ غير مسبوق في التعامل مع القدرات الصاروخية المتقدمة لصنعاء، والتي جمعت بين الدقة والسرعة وقوة التأثير.خلاصة المشهد أن اليمن استطاع تحويل المعركة من مجال الدفاع عن فلسطين إلى أداة ضغط استراتيجي متعددة المسارات، شملت تعطيل الملاحة الجوية والبحرية وضرب العمق الاقتصادي للكيان.كما فرض على واشنطن لغة جديدة قوامها التهدئة وإعادة التقييم، بعد أن ثبت عجز الخيار العسكري، مما يرسّخ معادلة جديدة في المنطقة، تُختصر بعبارة: “من قرار الحرب إلى خطاب الاحترام”. المصدر: موقع المنار