اتخذ البنك المركزي المصري خطوة نحو بدء دورة التيسير النقدى في مصر عبر خفض الفائدة في الاجتماع الأخير بواقع 2.25%، مما أثار التساؤل حول مدى كفاية الخفض لإنعاش القطاع المالي غير المصرفي الذي يعانى تحت وطأة ارتفاع التكاليف التمويلية المرتفعة.
ويرى المتعاملون أن الإقراض غير المصرفي بمختلف أنشطته سيشهد تحسن أدائه مع بدء خفض الفائدة، الذي سيزيد بدوره من قدرة الأفراد والشركات للحصول على التمويلات ليشهد انتعاشة بدوره.
وقرر البنك المركزي المصري، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الثاني لهذا العام، خفض الفائدة لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات من أعلى مستوى تاريخي لها، بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 25% و26% و25.5%، على الترتيب.
غالباً ما تشكل أسعار الفائدة المرتفعة عائقاً أمام الأنشطة المالية غير المصرفية في عمليات الاقتراض والإقراض. إلا أن إجمالي التمويلات الممنوحة من الجهات الخاضعة لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية قفزت إلى نحو 118.5 مليار جنيه بنهاية فبراير الماضي.
التمويل العقاري
وقال محمد الكحكى، العضو المنتدب لشركة تمويلى للتمويل العقارى، إن نمو النشاط العقارى خلال الفترة الماضية يرجع لارتفاع أسعار العقارات والتى بدورها أدت لزيادة قيمة التمويلات الممنوحة، بالإضافة إلى زيادة معدلات التمويلات الممنوحة للمحافظ العقارية.
قفزت قيمة التمويلات العقارية الممنوحة من الشركات تحت مظلة الهيئة العامة للرقابة المالية بنحو 1.3 مرة خلال فبراير الماضي، لتصل إلى 2.8 مليار جنيه، مقابل 1.23 مليار جنيه خلال فبراير من العام الماضي، ليستحوذ النشاط على نحو 2.4% من إجمالي الأنشطة المالية غير المصرفية خلال الفترة.
وأوضح الكحكى لـ”البورصة”، أن خفض الفائدة مؤخراً سيشجع على توجه الأفراد للحصول على تمويلات عقارية من الشركات، مما سيزيد من حجم النشاط، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تتخطى الزيادة المتوقعة في النشاط نحو 20%.
اقرأ أيضا: قفزات فى أرباح شركات الإقراض غير المصرفى رغم الفائدة المرتفعة
ورجح أن تصل الزيادات في حجم النشاط إلى 40% مع تراجع معدلات الفائدة خلال الفترة المقبلة، متوقعا أن تتراجع معدلات الفائدة خلال العام الجارى بنحو 4% على مرحلتين خلال العام الجارى.
ووفقاً للتقرير الصادر عن الهيئة العامة للرقابة المالية، قفز إجمالي قيمة إعادة التمويل العقاري بنحو 262.5% خلال فبراير ليصل إلى 522 مليون جنيه، مقارنة بنحو 144 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الأسبق.
وبلغ عدد عقود التمويل العقاري 1420 عقداً في فبراير من العام الجاري، مقابل 928 عقداً في فبراير 2024، بنسبة ارتفاع بلغت 53%.
المشروعات المتوسطة والصغيرة
وقال عمرو أبوالعزم، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب بشركة إرادة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن ارتفاع أسعار الفائدة أثر بشكل كبير على معدلات الإقراض، ومع بدء تراجع الفائدة سيشهد النشاط رواجاً نظراً لأهميته للاقتصاد المصري في توفير فرص عمل.
وأضاف أبو العزم، أن التأثير سيمتد إلى خفض تكلفة التمويل على الشركات مما يخفف أعباء القاعدة الرأسمالية، ويحسن من قدرة الشركات على اللجوء للاقتراض للتوسع أو إتمام عمليات توريق.
وسجلت قيمة التمويلات المقدمة من نشاط تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال فبراير الماضي 1.05 مليار جنيه، بعدد مستفيدين 0.5 ألف عميل، مقابل 873 مليون جنيه خلال فبراير قبل الماضي بعدد مستفيدين 0.5 ألف عميل.
واقتنص النشاط التجاري نحو 69.09% من إجمالي التمويلات الممنوحة بنهاية فبراير، في حين استحوذ القطاع الخدمي على 16.82% من التمويلات، وتوزعت النسبة الباقية بين 10.91% لصالح الشركات الإنتاجية، و3.19% للشركات الزراعية.
التمويل الاستهلاكي
ومن جانبه يرى أحمد أسامة، الرئيس التنفيذى لشركة درايف للتمويل، أن السوق مازال غير مُشبع بنشاط التمويل الاستهلاكى مما يدفع القطاع لمزيد من النمو، مشيرا إلى أن حجم النشاط حاليا تخطى أحجام أنشطة أخرى أقدم منه.
وتابع أنه مع تراجع الفائدة خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى التراجعات المحتملة خلال العام الجارى والتى من الممكن أن تصل إلى 8% ستدفع النشاط للنمو بنحو بمعدلات قوية خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا: نظرة إيجابية من مراكز البحوث لقطاع التمويل غير المصرفي بـ”إى إف جى القابضة”
ارتفعت عمليات التقسيط من جانب المصريين بنحو 6.4 مليار جنيه من الشركات الخاضعة للهيئة العامة للرقابة المالية، مقابل 3.5 مليار جنيه خلال الشهر المقابل في العام الماضي، مستحوذاً على 5.4% من إجمالي الأنشطة المالية غير المصرفية بنهاية فبراير.
ووفقاً لتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية، ارتفع عدد عملاء التمويل الاستهلاكي إلى أكثر من 753.8 ألف عميل خلال فبراير الماضي، مقارنة بنحو 258.9 ألف عميل خلال الفترة المناظرة من 2024، محققاً نمواً بنسبة 191.2%، وسط تراجع في قيم التمويلات الممنوحة لكل عميل.
التأجير التمويلي
ارتفع نشاط التأجير التمويلي خلال فبراير الماضي بنسبة 76.4%، ليسجل حجم العقود 11 مليار جنيه، مقابل 6.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي، رغم التحديات التي يعاني منها القطاع.
وأضاف تقرير الأنشطة المالية غير المصرفية الصادر عن الهيئة العامة للرقابة المالية أن عدد عملاء القطاع شهد نمواً بنحو 19.4% خلال الفترة نفسها، ليسجل 197 عقداً مقابل 165 عقداً خلال الفترة المقارنة.
وفرض البنك المركزى ضوابط على تمويل شركات التأجير التمويلى، من بينها تحديد الحد الأقصى للتسهيلات الائتمانية المباشرة وغير المباشرة بما لا يتجاوز 1% للشركة و5% من إجمالى محفظة القروض للبنك، واشتراط أن تكون التسهيلات الائتمانية موجهة لغرض محدد ومدعومة بمستندات تؤكد استخدام التمويل في العقود المؤجرة.
كما يواجه قطاع التأجير التمويلي تحديات أخرى منها أزمة التدفقات النقدية الأجنبية وصعوبة الحصول على التمويل بالعملة الأجنبية إلا في حالات استيرادية محددة، مما أدت هذه التحديات المجتمعة إلى تقليص توسعات الشركات في هذا القطاع.
ويرى موفق جامع، العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى للتأجير التمويلى والتخصيم، أن اعتماد المطورين العقاريين بشكل متزايد على نشاط التأجير التمويلى كأحد حلول تمويل العقارات والأراضى، خاصة مع التوسع في إنشاء مدن جديدة ومشروعات تطوير عمراني، كان سبباً آخر لعودة النمو للفطاع، كما ساهمت عودة نشاط الاستيراد، مدفوعاً بتوافر العملة الأجنبية في البنوك، في تعزيز الطلب، حيث أقبلت الشركات على استيراد المعدات والآلات والسيارات التجارية مثل الشاحنات والأساطيل.
وأشار إلى أن نشاط التأجير التمويلى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعدلات الفائدة، موضحاً أن خفض الفائدة بمقدار 2.25% سيدفع النشاط لمزيد من الانتعاش، لاسيما أن قرار التخفيض كان متوقعاً منذ عدة أشهر.
التخصيم
وتوقع جامع أن يشهد التخصيم رواجاً كبيراً خلال الفترة المقبلة نظراً لاتساع قاعدة السوق وحاجته إلى هذا النوع من الخدمات، خاصة أنه مرشح لتحقيق نسب نمو تقترب من معدلات التمويل قصير الأجل بالبنوك، خاصة مع وجود العديد من الشركات التى تعتمد على إصدار فواتير رسمية لتقديم خدماتها.
ارتفع إجمالي قيمة الأوراق المخصمة خلال فبراير الماضي بنسبة 93.8% لتصل إلى 7.9 مليار جنيه، مقابل 4.1 مليار جنيه خلال فبراير 2024، مقتنصاً بذلك 6.67% من إجمالي الأنشطة المالية غير المصرفية.
الضمانات المنقولة
ولفت إلى أن منظومة الضمانات المنقولة ساهمت في تطوير اداء القطاع المالي غير المصرفي، حيث أصبح العمل قائماً على أصول مسجلة رسمياً باسم الشركات الممولة.
وأوضح أن تسجيل الأصول يمنع التلاعب أو محاولة العميل استخدام الأصل ذاته للحصول على تمويل من أكثر من جهة، مما عزز من مصداقية السوق، متوقعاً استمرار الرواج في تسجيل الضمانات خلال الفترة المقبلة.
بلغت قيمة الإشهارات على الأصول المنقولة في سجل الضمانات المنقولة بنهاية فبراير الماضي نحو 3.233 تريليون جنيه، مقابل 2.522 تريليون جنيه خلال الفترة المقارنة من العام السابق، محققةً نمواً بنحو 28%.
ووفقاً لتقرير الأنشطة المالية غير المصرفية الصادر عن الهيئة العامة للرقابة المالية، بلغ عدد الإشهارات خلال نفس الفترة نحو 209 آلاف إشهار، مقابل 163 ألف إشهار خلال الفترة المقارنة، بارتفاع بنسبة 28.3%.
وتوزعت الإشهارات وفقاً لنوع الضمانات إلى 61.3% لصالح المنقولات المادية، و31.7% لصالح الحسابات البنكية، فيما اقتنصت المكونات الداخلة ضمن إنتاج سلعة ومقومات المحل التجاري نسبتي 4.6% و2.4% على الترتيب.
0 تعليق