دعت كبرى شركات صناعة الأدوية الأوروبية الاتحاد الأوروبي إلى السماح بزيادة أسعار الأدوية، محذّرة من أن السياسات الحالية تهدد بزعزعة قدرة القارة على جذب الاستثمارات الحيوية في مجالات البحث والتطوير. وتأتي هذه المطالب في ظل موجة استثمارية كبيرة تشهدها الولايات المتحدة بعد تهديدات بفرض رسوم جمركية، ما يعمّق الفجوة بينها وبين أوروبا. وقال باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذي لشركة “أسترازينيكا”، إن على أوروبا أن تعامل قطاع الصحة بنفس الأولوية التي باتت توليها للدفاع، مضيفًا: “كما عززت أوروبا إنفاقها الدفاعي، يتعين عليها الآن أن تستثمر المزيد لحماية سيادتها الصحية في ظل النظام العالمي المتغير”. يُذكر أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، كانت قد أعلنت في مارس الماضي عن خطط قد تحشد ما يصل إلى 800 مليار يورو (841 مليار دولار) لزيادة الإنفاق الدفاعي. وأكد سوريوت أن أوروبا “تنفق نسبة أقل بكثير من ناتجها المحلي الإجمالي على الأدوية المبتكرة مقارنة بالولايات المتحدة، ما يضعف قدرتها على جذب استثمارات في البحث والتطوير والتصنيع، ويعرّض صحة السكان للخطر”. وجاءت هذه التصريحات عقب رسالة مشتركة نشرتها صحيفة فاينانشال تايمز، ووقّعها الرؤساء التنفيذيون لشركتي “نوفارتيس” السويسرية و”سانوفي” الفرنسية، أكدوا فيها أن السياسات الأوروبية الصارمة في تسعير الأدوية تحدّ من الابتكار وتجعل القارة أقل جاذبية للاستثمار مقارنة بالولايات المتحدة والصين، اللتين تقدّمان حوافز سخية للقطاع. واقترحت الرسالة اعتماد قائمة أسعار أوروبية موحدة للأدوية الجديدة، ضمن نطاق الأسعار الصافية الأمريكية، مع الأخذ في الاعتبار الخصومات، وهو مقترح يتجاوز ما ورد في رسالة سابقة وقّعها أكثر من 30 مديرًا تنفيذيًا من شركات كبرى مثل أسترازينيكا، وباير، وإيلي ليلي، ونوفو نورديسك. ووجّهت هذه الرسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، داعيةً إلى دعم أقوى لقطاع صناعة الأدوية في ظل التهديدات الجمركية الأمريكية. وأشارت الرسالة إلى الحاجة الملحة لمراجعة سياسات التسعير في أوروبا، لكنها لم تقدم تفاصيل كاملة بشأن المقترحات. وتجدر الإشارة إلى أن شركات الأدوية تحدد أسعار منتجاتها قبل احتساب الخصومات، فيما تعكس الأسعار الصافية ما تدفعه فعليًا الحكومات أو شركات التأمين أو مدراء مزايا الصيدلة، لا سيما في السوق الأمريكية. وفيما تفاوض الحكومات الأوروبية الشركات للحصول على أسعار أقل غالبًا ما تكون غير معلنة، تدفع الولايات المتحدة أعلى أسعار للأدوية على مستوى العالم، وقد تصل إلى ثلاثة أضعاف ما تدفعه دول متقدمة أخرى. ويأتي هذا الحراك الأوروبي بالتزامن مع إعلان شركة “روش” السويسرية عن خطة لاستثمار 50 مليار دولار في السوق الأمريكية خلال السنوات الخمس المقبلة، لتنضم بذلك إلى شركات كبرى مثل “إيلي ليلي”، و”جونسون آند جونسون”، و”نوفارتيس”، التي أعلنت مؤخرًا عن نواياها لضخ استثمارات ضخمة في الولايات المتحدة. المصدر: أ ش أ