نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي: من يملك الفضاء، يفرض كلمته على الأرض!, اليوم السبت 19 أبريل 2025 10:22 مساءً هل أصبح الفضاء الخارجي ساحة الصراع الجديدة بين الصين وأمريكا وما هو تأثيره على منطقتنا في الشرق الأوسط "؟ أتذكر في زمن سابق حيث كان الحديث عن الفضاء مرتبطاً بالخيال العلمي وأحلام استكشاف الكواكب، أما اليوم فقد تحوّل الفضاء إلى ساحة تنافس دولي محتدم بين القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فأصبح هذا الصراع لا يدور حول من يصل أولاً إلى القمر أو المريخ فقط، بل يتعلق بمن يسيطر على مفاتيح القوة الجديدة والتي تكمن في امتلاك الأقمار الصناعية، والإنترنت الفضائي، وأنظمة الملاحة، والتكنولوجيا العسكرية الفضائية.وكما شاهدنا من أفلام الخيال العلمي التي كانت دائماً صناعة الولايات المتحدة الأمريكية كزعيمة الفضاء القديمة وتمتلك تاريخاً طويلاً في الفضاء، بدأ بإطلاق أول رائد إلى القمر عام 1969، واليوم تعود بقوة عبر برنامج "أرتميس" الذي يهدف لإعادة الإنسان إلى القمر، وإنشاء قاعدة دائمة هناك.لكن ما يميز أمريكا اليوم هو شراكتها مع شركات القطاع الخاص مثل SpaceX وBlue Origin، التي أحدثت ثورة في صناعة الفضاء من حيث التكنولوجيا والتكلفة، بالإضافة لذلك مشروع "ستارلينك" الذي ينشر آلاف الأقمار الصناعية لتوفير الإنترنت عالي السرعة حول العالم، حيث من المتلاحظ أمريكا لم تكتف بالجانب المدني، بل أنشأت عام 2019 "قوة فضائية" كفرع مستقل في الجيش، مما يؤكد توجهها نحو عسكرة الفضاء وتحويله إلى ساحة نفوذ إستراتيجي.- أما الصين وهي النجم الصاعد بقوةوالتي دخلت سباق الفضاء متأخرة، لكنها تسير بسرعة وثقة، بعدما استطاعت أن تطلق محطة فضاء خاصة بها "تيانقونغ"، بعدما تم منعها من المشاركة في المحطة الدولية التي تقودها أمريكا، كما تعمل الصين على إرسال بعثات للقمر والمريخ، وتخطط لبناء قاعدة مأهولة على القمر بالتعاون مع روسيا. ولديها نظام ملاحة خاص بها (BeiDou) ينافس نظام GPS الأمريكي.والصين تلعب على ورقة الشراكات الدولية، خصوصاً مع دول نامية في آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، لتكوين "تحالف فضائي" يضعها في موقع القوة الناعمة والتأثير العالمي.وفي ظل هذا التوتر ومع الصراع الصيني الأمريكي على امتلاك الفضاء الخارجي كان لابد من أن نتسال أين الدور المصري في الفضاء الخارجي؟!تلاحظ بأن الدولة المصرية ليست بعيدة عن سباق الفضاء، بل بدأت تتحرك بخطى ثابتة خلال السنوات الأخيرة نحو بناء قدرات فضائية خاصة بها، ومن أبرز ملامح الدور المصري:عندما قامت بإنشاء وكالة الفضاء المصرية عام 2018 كمؤسسة وطنية معنية بوضع استراتيجية فضائية للدولة، بالإضافة لإطلاق أقمار صناعية مثل "نايل سات"، و"EgyptSat 2"، و"نارسكيوب" لأغراض الاتصالات والاستشعار عن بُعد، وأيضاً افتتاح مدينة الفضاء المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تُعد منصة لتدريب الكوادر وإنشاء مراكز أبحاث وتجميع الأقمار الصناعية، وتوقيع اتفاقيات تعاون مع أطراف متعددة مثل الصين وروسيا وفرنسا، مما يُظهر حرص مصر على تبنّي سياسة توازن ذكي في علاقاتها الفضائية.- ومن الواضح في ظل التنافس الدولي الحاد، قد تتمكن مصر من لعب دور الوسيط أو الشريك المتوازن، ما يمنحها فرصاً حقيقية لتعزيز سيادتها الفضائية، وتحقيق عائد علمي واقتصادي قوي خلال السنوات القادمة، وذلك من خلال الاستفادة من هذا الصراع القائم، كتعزيز الشراكات مع الطرفين، خاصة في مجالات الاتصالات، الصور الفضائية، وأنظمة الملاحة لنقل التكنولوجيا، وبناء كوادر وطنية مصر بدأت بالفعل بتدريب مهندسين وعلماء شباب في مجالات الفضاء والتصنيع الفضائي، وبفضل موقع مصر الجغرافي وقدراتها العلمية المتنامية يعزز من مكانة مصر على أن تكون مركز إقليمي في أفريقيا والشرق الأوسط لخدمات الفضاء.بعدما أصبح الفضاء لم يعد بعيداً ، بل أصبح قريباً من حسابات السياسة والاقتصاد و الأمن بينما تتنافس الصين و أميركا على السماء على الدول العربية أن تنظر للأعلى، ليس فقط كمتفرّج، بل كلاعب محتمل يعرف كيف يستفيد من صراع العمالقة… لصالح مستقبله. ومن الذكاء أن تتعامل الدول العربية مع الطرفين، دون الانحياز الكامل لأي جهة، والسعي نحو إنشاء تحالف عربي فضائي، يوحّد الجهود ويقلل من التبعية، ويعزز من القدرة التفاوضية في المستقبل، للحفاظ على التوازن فعلينا أن نستثمر في الإنسان وتأسيس برامج تعليمية وأكاديمية متخصصة في علوم الفضاء والذكاء الاصطناعي في إطار الدبلوماسية الفضائية.