أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، الليلة الماضية، أنه سيلتزم بقرار الجمعية الوطنية (البرلمان) رفع الأحكام العرفية التي فرضها في وقت سابق أمس، ما تسبب بأزمة نددت بها المعارضة وأثارت قلقاً دولياً خصوصاً لدى حليفته الولايات المتحدة.
وقال يون في خطاب متلفز: «كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية».
وقوبل الإعلان بفرحة في أوساط متظاهرين نزلوا إلى الشوارع احتجاجاً على فرض الأحكام العرفية، خصوصاً عند البرلمان. وكانت الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة، سارعت إلى التصويت على رفع الأحكام. لكن الجيش أكد أنه لن يقوم بذلك دون قرار من الرئيس.
وأغلق مبنى البرلمان بعد فرض الأحكام العرفية، وحطت مروحيات على سقفه. وتولى قائد الجيش الكوري الجنوبي الجنرال بارك آن-سو مسؤولية تنفيذ قانون الأحكام العرفية، وأصدر مرسوماً بحظر «كل النشاطات السياسية». ودخل جنود ملثمون إلى البرلمان لفترة وجيزة، بينما تواجه المئات خارجه مع قوات الأمن المكلفة حماية المبنى وهم يهتفون «أوقفوا يون سوك يول». وقال المتظاهر لين جين-هوا (48 عاماً): «بعدما شاهدت التقارير عن دخول الجنود مبنى الجمعية، كان علي القدوم إلى هنا لحماية ديمقراطيتنا».
وتعد كوريا الجنوبية ذات النظام السياسي الديمقراطي حليفاً رئيسياً في آسيا للولايات المتحدة التي تنشر آلاف الجنود على أراضيها.
وأتى الإعلان المفاجئ عن فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاماً، في خضم أزمة سياسية بين الرئيس والمعارضة تتمحور حول الميزانية العامة.
وقال يون في خطاب متلفز للأمة: «من أجل حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثّلها القوات الشيوعية، والقضاء على العناصر المناهضة للدولة التي تنهب حرية الناس وسعادتهم، أعلن بموجب هذا الأحكام العرفية الطارئة». ولا تزال كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية المسلحة نووياً، في حالة حرب رسمياً منذ نهاية النزاع في شبه الجزيرة الكورية عام 1953.
وأضاف «من دون أي اعتبار لحياة الناس، قام حزب المعارضة بشلّ الحكم»، مشدداً على أن «جمعيتنا الوطنية أصبحت ملاذاً للمجرمين، ووكراً للديكتاتورية التشريعية التي تسعى إلى شلّ النظم القضائية والإدارية وقلب نظامنا الديمقراطي الليبرالي». وكان زعيم المعارضة لي جاي-ميونغ، اعتبر أن فرض الأحكام العرفية خطوة «غير دستورية وباطلة وغير قانونية».
وتمكن نحو 190 نائباً (من أصل 300) من دخول البرلمان وصوّتوا بالإجماع لرفع الأحكام العرفية.
وقبل إعلان يون احترامه التصويت البرلماني، دعت الولايات المتحدة السلطات إلى الالتزام به.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل للصحفيين: «بالطبع ما نأمله ونتوقعه هو أن يتم التزام القوانين والقواعد المرعية في بلد ما. هذا يشمل تصويت الجمعية الوطنية» في كوريا الجنوبية. وأكد البيت الأبيض، أنه لم يكن على علم مسبقاً بفرض الأحكام العرفية. بدورها، حضت الصين الحليفة لكوريا الشمالية، مواطنيها على التزام أقصى درجات الحيطة والحذر.
وكان القلق سمة طاغية في أغلبية المواقف الدولية، إذ قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: إن «الوضع مقلق. نحن نتابعه عن كثب»، بينما أكد متحدث باسم الأمين للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن الأخير يتابع الوضع الذي «يتطور بشكل سريع».
وكان قائد الجيش الكوري الجنوبي أعلن في بيان بعد قرار الرئيس، حظر كل النشاطات السياسية، على أن تصبح كل وسائل الإعلام تحت مراقبة الحكومة. وتتمتع المعارضة بالأغلبية في مجلس النواب المؤلف من 300 مقعد. وقد اعتبرها الرئيس يون «قوى مناهضة للدولة عازمة على قلب النظام».
وشدد الرئيس على أن فرض قانون الأحكام العرفية كان «لا مفر منه لضمان استمرارية كوريا الجنوبية الليبرالية»، مؤكداً أن هذه الخطوة لن تؤثر في السياسة الخارجية للبلاد.
وأضاف، «سأعيد البلاد إلى وضعها الطبيعي من خلال التخلص من القوى المناهضة للدولة في أقرب وقت ممكن»، من دون أن يعلن إجراءات سوى الأحكام العرفية.
واعتبر أن البلاد بلغت «شفير الانهيار، مع جمعية وطنية تتصرف كوحش عازم على إسقاط الديمقراطية الليبرالية».
واتهم يون، وهو مدعٍ عام سابق، نواب المعارضة باقتطاع «كل الميزانيات الضرورية لوظائف الدولة الأساسية، مثل مكافحة جرائم المخدرات والحفاظ على السلامة العامة» وبالتالي «تحويل البلاد إلى ملاذ آمن للمخدرات وحالة من الفوضى في السلامة العامة».
وأتى فرض الأحكام العرفية بعدما تراجعت شعبية يون إلى 19 في المئة فقط في أحدث استطلاع لمعهد غالوب الأسبوع الماضي. (وكالات)
أخبار متعلقة :