«تحولات جديدة» التجارة الأمريكية مع أوروبا كيف تغير خارطة الاقتصاد العالمي

في ظل التصاعد المستمر للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، برزت التهديدات الجديدة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على جميع الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 1 يونيو المقبل. هذه الخطوة المحتملة تثير القلق نظراً للتداعيات الاقتصادية التي قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأوروبي، لا سيما أن الولايات المتحدة تُعد الشريك التجاري الرئيسي للاتحاد الأوروبي.

التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة

لطالما شابت العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عدد من الأزمات، ومع التهديدات الجديدة، فإن الوضع قد يتفاقم بشكل كبير. حالياً تخضع الواردات الأوروبية لتعريفة موحدة تبلغ 10%، إلا أن الإعلان الأخير بفرض تعرفة بنسبة 50% يعكس تحولاً جذرياً في النهج التجاري الأمريكي، وهو ما قد يتسبب في تقليص صادرات الاتحاد الأوروبي وحجم نمو اقتصاده بشكل عام. عند النظر إلى الأرقام، فإن الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة بلغت عام 2024 أكثر من 530 مليار يورو، ما يمثل حوالي 20% من إجمالي صادرات الاتحاد، وهو ما يجعل الشراكة التجارية بين الطرفين ذات أهمية محورية.

القطاعات الأكثر تأثراً بالرسوم الجمركية

إذا تم تطبيق الرسوم الجمركية بنسب تصل إلى 50%، فإن العديد من القطاعات الأساسية في الاتحاد الأوروبي ستتعرض لضغوط هائلة. القطاعات الأكثر تصديراً تشمل الأدوية، الآلات، المنتجات الكيماوية، المركبات، والمعدات الكهربائية. على سبيل المثال؛ تصدرت الأدوية قائمة الصادرات بقيمة بلغت 127 مليار دولار عام 2024، يليها الآلات بقيمة 89.8 مليار دولار. مع ارتفاع الرسوم الجمركية، قد تواجه هذه القطاعات تحديات في الوصول للأسواق الأمريكية. وفقاً لتقديرات المفوضية الأوروبية، فإن هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي للتكتل بنسبة تصل إلى 0.50%.

الدول الأكثر انكشافاً على الصادرات الأمريكية

بين دول الاتحاد الأوروبي، تُعد ألمانيا وأيرلندا وإيطاليا الأكثر اعتماداً على السوق الأمريكية في صادراتها. على سبيل المثال، تُصدّر ألمانيا ما قيمته 160.4 مليار دولار، بينما بلغت صادرات أيرلندا وأمريكا 103.29 مليار دولار و76.37 مليار دولار على التوالي. من هنا، أي رفع للرسوم الجمركية سيضع هذه الدول في موقف حرج؛ إذ تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على العوائد التجارية من الولايات المتحدة، خاصة بالنسبة لقطاع التكنولوجيا وصناعة الأدوية الذي يشكل محوراً مهماً للتبادل التجاري.

الآفاق المستقبلية للتوترات التجارية

لا يزال هناك غموض كبير في ما يخص تطبيق الرسوم الجمركية، حيث لم يتم تحديد ما إذا كانت ستشمل كافة القطاعات. إذا تم فرض رسوم بقيمة 50% على قطاعات رئيسية، مثل السيارات التي تواجه بالفعل نسبة 25%، فإن ذلك سيشكل ضربة كبيرة للتجارة بين الجانبين. بالإضافة إلى ذلك، قد يضطر الاتحاد الأوروبي إلى تعديل استراتيجياته وتنويع شراكاته التجارية مع أسواق بديلة مثل الصين وأسواق الشرق الأوسط لضمان تحقيق استقرار أكبر في اقتصاده. يبدو أن السياسات الاقتصادية الحمائية قد تعيد رسم خارطة التجارة العالمية بأكملها في حال تطبيق هذه الإجراءات.