نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اتفاق أميركا والحوثيين: إيران تفضل المصالح الاقتصادية على التحالفات, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 03:04 صباحاً
يمثل الاتفاق بين الحوثيين والولايات المتحدة بشأن وقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، نقطة تحول محورية في المعادلات الإقليمية للشرق الأوسط. هذا التحول يعكس إعادة ترتيب للأولويات الإيرانية، حيث تبدو طهران أكثر ابتعاداً عن الالتزامات مع حلفائها الإقليميين، بمن فيهم الحوثيون في اليمن. تكشف هذه الخطوة تغييراً في الحسابات الاستراتيجية الإيرانية، فبعد سنوات من دعم الجماعات المسلحة في المنطقة كأدوات لتوسيع نفوذها، تبدو إيران الآن أكثر اهتماماً بتخفيف العقوبات الاقتصادية وتحسين وضعها الدولي. هذا التحول يشير إلى أن المصالح الاقتصادية والدبلوماسية باتت أولوية واكثر أهمية من التحالفات التي نسجتها لسنوات طويلة في المنطقة لترسيخ نفوذها الاقليمي.
يبدو ان خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بدأت تعطي ثمارها، وهو على ما يظهر قادر على الوصول الى اتفاق مع ايران من دون الخوض في معارك وحروب عبثية، والاعتماد فقط على الضغوط الاقتصادية المتزايدة والتي دفعت طهران الى إعادة تقييم موقفها من النزاعات الإقليمية. في الوقت نفسه، تدرك إيران أن استمرار هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية يمكن أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما لا ترغب فيه في الوقت الراهن. يضع هذا الاتفاق الحوثيين في موقف صعب، فهم يجدون أنفسهم الآن في مواجهة خيارات محدودة: إما الالتزام بالاتفاق وبالتالي تقليص نفوذهم ودورهم الإقليمي، أو الاستمرار في هجماتهم ومواجهة خطر العزلة عن الداعم الرئيسي لهم. هذا التحول قد يدفع الحركة نحو مراجعة استراتيجيتها وربما الانخراط بشكل أكثر جدية في عملية السلام اليمنية.
من ناحية أخرى، قد يؤدي هذا الابتعاد الإيراني إلى إضعاف الموقف التفاوضي للحوثيين، وهو من شأنه التأثير على المشهد اليمني، فانحسار الدعم الإيراني قد يقلل من القدرات العسكرية للحوثيين ويحد من طموحاتهم التوسعية، مما قد يفتح الباب أمام تسوية سياسية في اليمن.
يُشكل هذا الاتفاق دفعاً للمفاوضات القائمة بين واشنطن وطهران، وقد يمهد الطريق نحو اتفاق عملي يريح الطرفين، ويمكن القول ان ما حصل مع الحوثيين كان بمثابة بادرة حسن نية من ايران وتعبيراً عن استعدادها للانخراط في حلول دبلوماسية للقضايا الإقليمية. يمثل هذا التحول في الموقف الإيراني مؤشّراً على تغيير في المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط. فبدلاً من نموذج المواجهة والصراع، قد نشهد بداية مرحلة جديدة تتسم باعتماد الحلول الدبلوماسية. ويجب الا ننسى مع ذلك، ان سياسة ترامب التي تعتمد على "الجزرة" الأميركية و"العصا" الإسرائيلية، فاعلة في المنطقة، بدليل ما حصل في اليمن وسوريا ولبنان، اذ ليس من السهل اباحة أجواء الشرق الأوسط بأكمله للطائرات الإسرائيلية التي لا تجد من يوقفها او يهددها، فتفعل ما تريد من دون حسيب او رقيب، وقد ذاق الحوثيون ثمن ذلك بعد تحييد مطار صنعاء عن الخدمة والقضاء على طائراته المدنية.
وما يظهر في الصورة الحالية اننا اصبحنا، بعد هذا الاتفاق، امام بداية لتغيير حقيقي في سياسة إيران الإقليمية من جهة، ولصورة الشرق الأوسط من جهة ثانية، وهو نفسه الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عام 2006، الا ان حصوله تأخر الى العام 2024. ولا بد من ان المرحلة المقبلة ستكون اقل ضبابية، وسنجد انفسنا امام تحالفات جديدة واستراتيجيات لم نعتد عليها سابقاً، وربما خريطة جغرافية وديموغرافية تقلب الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط. ويبقى فقط معرفة المدة التي قد تطول او تقصر لتتأقلم شعوب الدول مع الواقع الجديد، وتتقبله وتتخطى عقود من الشحن السياسي والعقائدي، الى ان يحين الوقت في المدى الطويل للعودة ربما الى السياسات السابقة، وعودة اللاعبين الاقلمييين الى الساحة بقوة اكبر.
أخبار متعلقة :