اليوم الجديد

قراءة في التحولات السياسية بعد انتخابات جبل لبنان: بين ثبات التيار وأوهام القوات

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قراءة في التحولات السياسية بعد انتخابات جبل لبنان: بين ثبات التيار وأوهام القوات, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 04:04 صباحاً

شهدت انتخابات بلديات جبل لبنان لعام 2025 تنافسًا حادًا بين القوى السياسية، خاصة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مما يعكس تحولات في المزاج الشعبي المسيحي، وكانت النتائج غير مفاجئة بشكل عام ما عدا بعض القرى والبلدات، ليكون السؤال الأساسي هل يمكن إسقاط نتائج البلديات على الإستحقاق النيابي المنتظر بعد عام؟.

حافظ التيار الوطني الحر على وجوده في بعض المناطق، وكان له تقدم في مناطق أخرى، حيث فازت لوائح مدعومة منه في بلدات مثل الزلقا وجل الديب والكحالة وسوق الغرب. كما فازت لائحته في يحشوش والمنصورية، مما يشير إلى استمرار قاعدة التيار في بعض المناطق رغم التحديات الجمّة التي تواجهه منذ العام 2019 حتى اليوم، بينما سجلت القوات اللبنانية من جانبها، تقدمًا في عدة مناطق، ففي بلدة العقيبة، التي تُعتبر معقلًا تقليديًا للتيار الوطني الحر، فازت لائحة مدعومة من القوات الّتي حققت انتصارات في بلدات أخرى، مثل جونية التي يمكن اعتبارها مثالاً واضحاً حول طبيعة الإنتخابات البلدية.

في جونية كان التيار حاضراً في البلديات الماضية، ولكنه في هذه البلدية لم يتمكن من بناء تحالف جدي يمكنه من الحفاظ على موقعه، فقرر دعم سيلفيو شيحا كمستقل، بوجه تكتل يضم كل القوى السياسية في المنطقة، وكل العائلات السياسية الفاعلة كالخازن والبون وافرام.

صحيح أن التيار خسر جونية، لكن المنافسة جاءت لتقول عدة رسائل أبرزها أن الإنتخابات البلدية هي مزيج من السياسة والعائلات، وهي بواقعها وتحالفاتها مختلفة تماماً عن الانتخابات النيابية، ففي الاستحقاق النيابي لا يمكن تحت أي ظرف جمع القوى السياسية التي تحالفت في لائحة واحدة في جونية، بسبب الخلاف السياسي وطبيعة القانون الإنتخابي.

كذلك في دير القمر على سبيل المثال خسر نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان أمام تحالف التيار والأحرار، وهو ما قد يكون صعب التحقق في الانتخابات النيابية، علماً أن في كثير من القرى اكتفت الأحزاب قبل الإنتخابات بالتأكيد على أن المعارك عائلية، ولكنها بعد صدور النتائج بدأت تتبنى الفائزين وتتحدث عن انتصار سياسي لها.

يجب الحذر في تعميم نتائج الانتخابات البلدية على الانتخابات النيابية، نظرًا لاختلاف الديناميكيات والتحالفات السياسية بين الاستحقاقين، حيث يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن هذه الإنتخابات أكدت على حضور الاطراف المسيحية في الشارع المسيحي، فلم تكتسح القوات، ولم يتراجع التيار، واستمر حضور الكتائب، وحضور آل المرّ في المتن، مشيراً في حديثه لـ"النشرة" إلى أن هذه النتائج ليست مؤشراً للإنتخابات النيابية لسببين هما، أولاً أن الانتخاب البلدي ينطلق من العائلات وفق النظام الأكثري، بينما في الإنتخابات النيابية هو سياسي وفق النظام النسبي، والسبب الثاني هو أنه لا يزال أمامنا سنة كاملة قبل الإستحقاق النيابي.

ويضيف: "على سبيل المثال في دائرة كسروان جبيل، يمكن لحزب معين أن يحصل في الإنتخابات البلدية على 67 ألف صوت، ويفوز بكل البلديات، مقابل حصول حزب آخر على 53 ألف صوت ولا يربح أي بلدية، بينما في الإنتخابات النيابية سيحصل الحزب الأول على 4 مقاعد نيابية، وسيحصل الحزب الثاني على 4 مقاعد نيابية أيضاً.

في الخلاصة البلدية، تعكس نتائج انتخابات بلديات جبل لبنان توازنًا دقيقًا بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فالكل يمكنه أن يقول أنه ربح، وتؤكد أن ما تروجه القوات عن انتهاء التيار هو أمر غير صحيح، علماً أن القواتيين كانوا مقتنعين بهذه الخلاصة، وهو ما سيُعيدون النظر بشأنه قبل التحضير للإنتخابات النيابية بكل تأكيد، هذا دون الحديث عن قوى أخرى صاعدة ستأكل من الصحن المسيحي في أيار المقبل.

أخبار متعلقة :