اليوم الجديد

تعزيز قدرات الجيش: ماذا بعد الاعتراف الاسرائيلي بدوره؟

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تعزيز قدرات الجيش: ماذا بعد الاعتراف الاسرائيلي بدوره؟, اليوم الجمعة 25 أبريل 2025 03:00 صباحاً

في أعقاب التحولات الجذرية التي شهدها لبنان بعد حرب 2024، برزت معادلة أمنية جديدة تستدعي إعادة تقييم شاملة للمشهد العسكري اللبناني. وتتمحور حول ضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني كمؤسسة وطنية قادرة على بسط سيادة الدولة وحماية حدودها، خاصة في ظل تراجع القدرات العسكرية لحزب الله والكلام المتنامي عن وجوب سحب السلاح، كل السلاح، وحصره بالمؤسسة العسكرية، والاعتراف الدولي المتزايد بأهمية الدور الذي يلعبه الجيش، اضافة الى التحديات الخطيرة التي تقبع على الحدود مع سوريا.

ومما لا شك فيه ان قدرات حزب الله العسكرية باتت ضعيفة جداً، مما أثر على معادلة الردع التي كان يتبناها تجاه إسرائيل. ومن جهة أخرى، أثبت الجيش قدرة استثنائية على التعامل مع الأوضاع الأمنية المتدهورة في الجنوب، وهو ما دفع القوى الدولية والإقليمية إلى ترسيخ وتعزيز النظرة الى دوره المحوري. واللافت هذه المرة، ان اسرائيل نفسها اعترفت بأن الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني في الجنوب تجاوزت التوقعات، وهو اعتراف يمثل تحولاً نوعياً في النظرة الإسرائيلية، ولا يجب أن يمر مرور الكرام، بل يجدر البناء عليه لتعزيز مكانة الجيش كضامن أساسي للسيادة اللبنانية.

على المستوى الداخلي، تتزايد الأصوات المطالبة بتعزيز دور الدولة وسحب السلاح من الاراضي اللبنانية من اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء. هذه المطالب، التي كانت تُعتبر خطوطاً حمراء في السابق، باتت اليوم جزءاً من الخطاب السياسي العام في لبنان، في إطار سعي اللبنانيين إلى استعادة هيبة المؤسسات الشرعية واستعادة ثقة المجتمع الدولي. وهنا، تقع على الدول الخارجية مسؤولية الضغط على اسرائيل لوقف "عربدتها" وتهديدها للامن اللبناني وانتهاك السيادة اللبنانية براً وجواً، لانه اذا كان المطلوب سحب الذرائع لاستفزاز اسرائيل، فالمطلوب في المقابل ايضاً سحب الذرائع لاضعاف الجيش ودوره وتقوية مبدأ المقاومة. ولعل التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي اليوم هو تحويل الاعتراف بأهمية دور الجيش اللبناني إلى دعم ملموس وفعال، يتخطى حدود التصريحات الدبلوماسية إلى توفير التمويل والمعدات اللازمة لتمكينه من الاضطلاع بمسؤولياته كاملة.

لكن تعزيز قدرات الجيش اللبناني لا يمكن أن يتم بمعزل عن استراتيجية متكاملة تشمل: تطوير القدرات التكنولوجية خاصة في مجالات الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة، وتعزيز العلاقة مع المجتمع باعتبارها ركيزة أساسية لنجاح أي استراتيجية أمنية، وتنويع مصادر التسليح والدعم العسكري بما يضمن استقلالية القرار العسكري اللبناني.

إن تعزيز قدرات الجيش في هذه المرحلة الحرجة ليس خياراً، بل ضرورة استراتيجية لضمان أمن لبنان واستقراره. والفرصة اليوم سانحة أكثر من أي وقت مضى للبناء على ما تحقق من اعتراف دولي بدور الجيش، والاستفادة من التحولات الإقليمية لتكريس سيادة الدولة اللبنانية على كامل ترابها. والمعادلة المطروحة والمطلوبة بسيطة: جيش قوي يعني دولة قوية، ودولة قوية تعني فرض استقرار قادر على مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة به على المستويين الداخلي والخارجي. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يدركها اللبنانيون أولاً والمجتمع الدولي ثانياً، وأن يعملوا معاً لتحقيقها. وكما يقال، فإن العبرة في التنفيذ، وسيكون الجميع في انتظار تنفيذ الكلام المعسول الذي يغدق على الجيش من قبل المسؤولين الدوليين وفي مقدمهم الادارة الاميركية، ومنع اسرائيل من تهديد لبنان كلما شاءت والدفع لارغامه على التطبيع في وقت سريع، لان استيعاب التغييرات التي شهدتها المنطقة يحتاج الى وقت بالنسبة الى اللبنانيين، وليس من السهل الطلب اليهم التأقلم مع هذه المتغيرات بعد ان اعتادوا على نمط معيّن رافقهم لعقود طويلة من الزمن.

أخبار متعلقة :