غصن الزيتون الأمريكي.. هكذا توقفت الهجمات الإسرائيلية على سوريا

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في تصريح لافت أبدى مبعوث الرئيس الأمريكي إلى سوريا توماس باراك بالخطوات الجادة التي اتخذتها الإدارة السورية فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب، وكذلك العلاقات مع إسرائيل، ما يشير إلى تطورات لافتة بدأت ملامحها تتضح شيئاً فشيئاً عقب لقاء دونالد ترامب ونظيره السوري أحمد الشرع في الرياض خلال جولة خليجية.

ومن الملاحظ أن الغارات الإسرائيلية توقفت تقريباً، منذ لقاء الشرع وترامب، بينما بلغت خلال الأشهر التي تلت الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار أكثر من 700 هجوم، تمثل أحدها في غارة على بعد أقدام قليلة من القصر الرئاسي في دمشق.

ترامب يقلب عقوداً من السياسة الأمريكية

لكن بعد أيام قليلة من الغارة الجوية الإسرائيلية في 2 مايو/ أيار قرب القصر الرئاسي السوري، قلب ترامب عقوداً من السياسة الخارجية الأمريكية رأساً على عقب باجتماعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وإعلانه عن خطط لرفع جميع العقوبات المفروضة على البلاد. وقال الرئيس الأمريكي: إن لدى الشرع «فرصة حقيقية لاستعادة توازن سوريا، بعد حرب مدمرة دامت قرابة 14 عاماً.

ويقول مراقبون: إنه لقاء ترامب والشرع في 14 مايو/ أيار، قوّض مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المتشددة لاستغلال حالة عدم الاستقرار في سوريا. وقبل اللقاء كان نتنياهو وكبار مساعديه في إسرائيل عازمين على حرمان الحكومة السورية الجديدة من الوصول إلى مجموعة واسعة من الأسلحة الثقيلة التي تعود لفترة حكم الأسد.

فرصة للسلام

وتؤكد كارميت فالنسي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي، أن «الجزء الأكبر من الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا خلال الأشهر الأربعة الماضية كان يستهدف أسلحة استراتيجية كانت بحوزة الجيش السوري السابق»، مضيفة أن الحكومة الإسرائيلية تبدو الآن وكأنها بدأت في إيجاد طرق لتجنب المزيد من المواجهة.

وأضافت أن «كل هذا يشير إلى مسعى لتجنب الصراع والتصعيد، بل الاستعداد لفتح حوار مع الإدارة السورية الجديدة».

وبحسب عدد من الخبراء، فإن «غصن الزيتون» الذي قدمه ترامب للإدارة السورية من شأنه أن يعقد الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، ويمثل أحدث مثال على كيفية إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط.

ويقول يعقوب أميدرور، وهو مستشار سابق لنتنياهو: «ما لا نريده في سوريا هو نسخة أخرى من الحوثيين»، لكن الرئيس الشرع أكد مراراً أن بلاده سئمت الحروب، ويريد أن يرأس نظاماً مستقراً وأن يكون شريكاً موثوقاً به للدول الغربية.

تنديد بالهجمات الإسرائيلية

الحجم الهائل ونطاق الهجمات الإسرائيلية على سوريا أثار انتقادات من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى الشرع في منتصف مايو/ أيار. وقال ماكرون عن إسرائيل: «لا يمكنكم ضمان أمن بلدكم من خلال انتهاك السلامة الإقليمية لجيرانكم».

وحتى إن بعضهم داخل إسرائيل يقولون: إن الحملة العسكرية المنظمة لن تكون مفيدة لإسرائيل على المدى الطويل. وأشار تمير هايمان، رئيس الاستخبارات السابق في الجيش الإسرائيلي، إنه يشعر بالقلق من أن تؤدي الضربات إلى خلق التطرف الذي تريد إسرائيل ردعه. وأضاف: «يجب علينا إعادة النظر في كل تلك المهام التي نقوم بها».

مبررات إسرائيل للهجمات على سوريا


وفي العلن، برر المسؤولون الإسرائيليون هجماتهم على سوريا، بعدة عوامل، في مقدمتها الدفاع عن الأقلية الدرزية بعد هجمات من قبل مسلحين، حيث لديها ارتباطات بالدروز في إسرائيل والبالغ عددهم نحو 150 ألف درزي، كما أنهم يخدمون في الجيش الإسرائيلي ويشاركون في الحياة السياسية.

ويتمركز الدروز السوريين في منطقة السويداء ذات الموقع الاستراتيجي في الجنوب الغربي السوري بالقرب من إسرائيل، ومؤخراً قامت وفود منهم بزيارات إلى إسرائيل. وفي أواخر شهر إبريل/ نيسان، عندما اندلعت اشتباكات طائفية عنيفة، عرضت إسرائيل تقديم المساعدة للدروز، واعتبر بعض المراقبين أن الغارة قرب القصر الرئاسي بدمشق كانت بمنزلة رسالة لضرورة حمايتهم.

لكن يرى مراقبون أن الدوافع وراء مئات الضربات الإسرائيلية على سوريا خلال الأشهر الأخيرة تتجاوز ملف الدروز، حيث أدت الهجمات إلى تدمير البحرية السورية، والطائرات المقاتلة، والطائرات من دون طيار، والدبابات، وأنظمة الدفاع الجوي، ومصانع الأسلحة، ومجموعة واسعة من الصواريخ والقذائف في جميع أنحاء البلاد.

ويقول خبراء عسكريون: إن جزءاً من الدافع وراء الضربات الإسرائيلية كان رغبة نتنياهو في تأمين الأجزاء من جنوب غرب سوريا الأقرب إلى مرتفعات الجولان، وهي هضبة استراتيجية احتلتها إسرائيل عام 1967 ثم ضمتها لاحقاً. وبعد سقوط نظام الأسد، سيطرت القوات الإسرائيلية أيضاً على المزيد من الأراضي السورية إضافة إلى خلافات تركية إسرائيلية بشأن الملف السوري.

ولكن ربما تكون جهود الولايات المتحدة للتقارب مع سوريا هي التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إحباط الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في سوريا. وقال ترامب خلال جولته الخليجية الشهر الجاري: إنه يأمل أن تنجح الحكومة السورية الجديدة في تحقيق الاستقرار والحفاظ على السلام. وأضاف: «لقد نالوا نصيبهم من المآسي والحروب والقتل. ولهذا السبب اتخذت إدارتي بالفعل الخطوات الأولى نحو استعادة العلاقات الطبيعية».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق