تشهد مصر تغيرات جوهرية في استراتيجياتها المتعلقة بالطاقة، خاصة ملف الغاز الطبيعي، تزامنًا مع قيام إسرائيل برفع أسعار الغاز وتخفيض الكميات المصدرة، دفع هذا الوضع القاهرة إلى تكثيف الجهود لتأمين بدائل موثوقة عبر التحالف مع دول كبرى مثل قطر والسعودية، إذ تهدف هذه التحركات إلى الحفاظ على استقرار الإمدادات وضمان توفير الكهرباء خلال أوقات الذروة الصيفية.

تصدير الغاز من إسرائيل ومحاولة السيطرة على السوق

أعلنت إسرائيل مؤخرًا زيادة ملحوظة في أسعار الغاز المصدر إلى مصر بنسبة تصل إلى 25%، ما رفع السعر إلى 9.4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، كما قلصت الكميات اليومية المصدرة بمقدار 500 مليون قدم مكعبة، هذا الإجراء تسبب في ضغط كبير على منظومة الطاقة المصرية، وخاصة مع تزايد استهلاك الكهرباء في الصيف، وفقًا لتقارير، تعكس هذه التحركات مساعي تل أبيب لتعظيم عوائدها الاقتصادية في ظل تقلبات سعرية عالمية متزايدة.

تحالف مصري قطري لاستيراد الغاز الطبيعي

ضمن جهودها لتجاوز الأزمة، بادرت القاهرة إلى فتح قنوات تواصل مع قطر بهدف استيراد الغاز الطبيعي المسال بعقود طويلة الأجل، وتشير المصادر إلى أن هذه الاتفاقيات تشمل توريد الغاز لفترات ممتدة؛ ما يعزز من أمن الطاقة المصري ويمنع الوقوع في فخ الاعتماد على مصدر واحد، تعد قطر لاعبًا رئيسيًا في سوق الغاز العالمي لقدرتها العالية على تلبية الطلب، وتوفر البنية التحتية المتقدمة لديها مرونة وسرعة في تلبية احتياجات مصر المتزايدة.

شراكة استراتيجية مع السعودية لدعم احتياجات الطاقة

لم تقتصر الجهود المصرية فقط على قطر، بل تمددت نحو المملكة العربية السعودية، حيث تسعى القاهرة للتفاوض مع “أرامكو” وغيرها من الشركات العالمية الكبرى مثل “فيتول” و”ترافيجورا” لتأمين كميات كافية تصل إلى 60 شحنة غاز طبيعي مسال، هذه الخطوة تأتي ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تنويع الشركاء وتحقيق التوازن في سوق الطاقة في مصر، تحاول الحكومة من خلال ذلك الحد من الاعتماد على الغاز الإسرائيلي الذي أصبح اليوم مصدرًا غير مستقر نتيجة لعدة عوامل، من بينها الضغوط السياسية والاقتصادية.

التحديات الإنشائية لاستيراد الغاز

رغم الجهود المبذولة، تواجه هذه المبادرات تحديات عدة، إذ إن استيراد الغاز المسال يتطلب استثمارات كبيرة في بنى تحتية مثل محطات إعادة التغويز، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف مقارنة بنقل الغاز عبر خطوط الأنابيب، لكن الحكومة المصرية تنظر إلى هذه التكاليف كاستثمار طويل المدى لتعزيز استقرار سوق الطاقة المحلي والحفاظ على الأمن الوطني ضد الأزمات المحتملة، خاصة أن الاعتماد على مصدر واحد أظهر مخاطره.

تنويع مصادر الغاز لتحقيق الاستدامة

تحمل الخطوات المصرية نحو تنويع الشراكات واعتماد مصادر متعددة لاستيراد الغاز الطبيعي رؤية واضحة تعتمد على التأقلم السريع مع المستجدات السياسية والاقتصادية، كما أن الاستثمار في البنى التحتية الضرورية لاستيراد الغاز المسال يعد حجر الزاوية الذي يضمن استقرار الإمدادات على المدى الطويل، في ظل زيادة الطلب المحلي الموسمي وارتفاع التهديدات العالمية المتعلقة بمصادر الطاقة.