شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا إلى ما دون مستوى 3300 دولار للأوقية، بعد ارتفاع الدولار عقب صدور بيانات اقتصادية أمريكية إيجابية، في وقت استمرت التوقعات طويلة الأجل بشأن الذهب في جذب الاهتمام بسبب حالة عدم اليقين الجيوسياسية والمخاوف الاقتصادية، إذ ارتفع الدولار الأمريكي بقوة نتيجة تعافي مؤشر مديري المشتريات، مما أثر على الأسعار العالمية للذهب.

تراجع أسعار الذهب وتأثير قوة الدولار

انخفضت أسعار الذهب إلى مستوى 3300 دولار للأوقية بعدما سجلت ذروتها عند 3345 دولار خلال التعاملات اليومية في سوق أمريكا الشمالية، وتعزى الأسباب الرئيسية للتراجع إلى الانتعاش القوي في الدولار الأمريكي، حيث أظهرت البيانات الأولية لمؤشر مديري المشتريات لشهر مايو نموًا متسارعًا في القطاع الخاص الأمريكي، إذ ارتفع المؤشر إلى 52.1 مقارنة بـ50.6 في الشهر السابق، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في قطاعات الاقتصاد مثل التصنيع والخدمات.
قوة الدولار جعلت الذهب أقل جاذبية للمستثمرين الذين يتعاملون بالعملات الأخرى، مما دفع الأسعار إلى الهبوط، ومع ذلك، تظل الآفاق المستقبلية للذهب إيجابية، إذ أن المخاوف الجارية بشأن عبء الديون الأمريكية وتوترات الاقتصاد العالمي تعزز الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذًا آمنًا.

دور العوامل الجيوسياسية في دعم أسعار الذهب

بالرغم من تراجع أسعار الذهب، استمرت التوترات الجيوسياسية، مثل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، في دعم الطلب على الذهب كملاذ آمن، إذ أن انعدام التوافق على وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا يزيد من حالة عدم الاستقرار العالمي، وفقًا لتقارير دولية، أكد الرئيس الأمريكي السابق أن روسيا لن تغيّر موقفها بسبب الاعتقاد بتفوقها الميداني، مما يؤثر على الأسواق العالمية بما في ذلك أسعار الذهب.
تساهم هذه المخاوف في إبقاء الدولار الأمريكي والسندات الحكومية تحت الضغوط، مما يعزز دور الذهب كأداة للتحوط وحماية الاستثمارات في ظل تزايد الأزمات الدولية وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

التأثير الاقتصادي للديون الأمريكية والضرائب

كشف مجلس النواب الأمريكي عن مشروع قانون خفض الضرائب المقدم من الرئيس السابق، والذي يُتوقع أن يزيد الدين الوطني بمقدار 3.8 تريليون دولار خلال عشر سنوات، حسب تقرير مكتب الميزانية، ويثير هذا التصعيد المالي المخاوف من دخوله مباشرة في إدارة أزمة العجز، مع تحذيرات من تعرض الاقتصاد الأمريكي لمزيد من الضغوط الناتجة عن التضخم وارتفاع الرسوم الجمركية.
خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني الأمريكي نتيجة التحديات المستمرة في توازن المالية العامة، الأمر الذي يزيد من تكلفة الاستدانة للحكومة الأمريكية، ما يضيف مزيدًا من التقلبات للأسواق المالية، خاصة في ظل تركيز الاحتياطي الفيدرالي على مراقبة واستقرار أسعار الفائدة.

إشارات سوق العمل وتأثيرها على أسعار الذهب

بشكل محدود، جاءت بيانات إعانات البطالة في الولايات المتحدة بمثابة نقطة مضيئة تعكس استقرار سوق العمل، حيث انخفضت الطلبات إلى 227 ألف طلب مقارنة بالتوقعات، مع تسجيل ارتفاع طفيف في متوسط الأسابيع الأربعة إلى 231,500، بينما ارتفع عدد المستفيدين من الإعانات إلى نحو 1.903 مليون فرد، في حين أن التأثيرات الإيجابية لهذه البيانات الاقتصاديّة تدفع الدولار للتعافي، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على أسعار الذهب.

نظرة شاملة على أسعار الذهب

في ظل تضارب العوامل الاقتصادية والسياسية، من المتوقع أن تظل أسعار الذهب تحت ضغوط قصيرة الأجل، مدفوعة بتغيرات الدولار الأمريكي والأزمات العالمية، بينما تبرز التوترات والديون الحكومية كعوامل من شأنها تعزيز الطلب على المعدن النفيس على المدى البعيد.