تشهد أسعار الذهب ارتفاعات غير مسبوقة حيث تجاوزت حاجز 3000 دولار للأوقية، ويعود ذلك إلى تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، مما يدفع المستثمرين إلى “الملاذ الآمن” كأحد الخيارات الاستثمارية الرئيسية، ولا يزال الذهب يُنظر إليه كعنصر فعال للتحوط ضد التضخم والمخاطر الاقتصادية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية العالمية.

أسعار الذهب تتجاوز حاجز 3000 دولار للأوقية

ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، حيث شهدت نموًا بنسبة تقترب من 40%، بما في ذلك 16% منذ بداية عام 2025، وعلى الرغم من استخدام الذهب في صناعة المجوهرات وكمواد خام في الإنتاج الصناعي، إلا أن العامل الأساسي وراء هذا الارتفاع يتمثل في الطلب الاستثماري أكثر من الطلب الصناعي، إذ يفضل العديد من المستثمرين اللجوء إلى الذهب كوسيلة للحفاظ على أموالهم في أوقات الأزمات.

لماذا ترتفع أسعار الذهب بهذا الشكل؟

• يُنظر إلى الذهب باعتباره تحوطًا ضد التضخم، خاصة في فترات ارتفاع معدلات التضخم، حيث يقلل التضخم المرتفع من القيمة الحقيقية للأصول الأخرى.
• خلال الأزمات الاقتصادية مثل الانكماشات الاقتصادية أو فترات انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، يتجه المستثمرون إلى الذهب هربًا من الخسائر المحتملة في الأسواق الأخرى.
• زيادة مشتريات البنوك المركزية، حيث تضاعف طلبها على الذهب بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة، مدفوعة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية.

العوامل الاقتصادية المؤثرة على سعر الذهب

من العوامل المؤثرة على أسعار الذهب هو انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، حيث تجعل العوائد المنخفضة للاستثمارات البديلة مثل السندات الذهب خيارًا مغريًا، فعلى سبيل المثال، خلال الفترة 2000-2012 انخفضت أسعار الفائدة طويلة الأجل في الولايات المتحدة، مما أدى إلى رفع أسعار الذهب إلى خمسة أضعاف، كما أن التطورات الجيوسياسية مثل الصراعات العسكرية أو التوترات التجارية تسهم بشكل كبير في زيادة الطلب على الذهب.

التأثير الجيوسياسي على أسعار الذهب

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية بدءًا من الصراع الروسي الأوكراني حتى النزاعات التجارية، لجأت البنوك المركزية والمستثمرون من القطاع الخاص إلى تكثيف شراء الذهب لتأمين أصولهم، وبحسب استطلاعات حديثة أجراها مجلس الذهب العالمي، فإن أكثر من ثلثي البنوك المركزية أشاروا إلى أن تنويع المخاطر الجيوسياسية هو أحد أسباب شرائهم للذهب، حيث تتمتع هذه المادة النادرة بمزايا مثل عدم ارتباطها بسياسات الدول وعدم إمكانية تجميدها كما يحدث مع العملات أو الأصول الأخرى.

كيف ينعكس عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على الذهب؟

تشير البيانات إلى أن مؤشر عدم اليقين الاقتصادي العالمي ارتفع في عام 2024 بشكل كبير، حيث بلغت مستوياته ذروتها في بداية 2025، بسبب السياسات التجارية المتقلبة وفرض تعريفات جمركية عالية من قبل الولايات المتحدة على شركائها التجاريين، ويرتفع الطلب على الذهب بشكل ملحوظ خلال فترات الغموض الاقتصادي، حيث يعتبر المستثمرون الذهب ملاذًا آمنًا يحمي أصولهم من التأثيرات الاقتصادية.

دور صناديق الاستثمار المتداولة في زيادة طلب الذهب

ساهمت صناديق الاستثمار المتداولة في تسهيل شراء وبيع الذهب، مما زاد من توفره للمستثمرين خاصة في القطاع الخاص، إذ مكنت هذه الصناديق المستثمرين من تداول الذهب بسهولة وسرعة مقارنة بالطرق التقليدية، ويقدر خبراء الاقتصاد أن هذه الأدوات كان لها تأثير واضح على تعزيز الطلب الاستثماري على الذهب خلال العقدين الأخيرين.

في النهاية، يمثل الذهب ملاذًا استثماريًا خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة، مدعومًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين إلى جانب تأثره بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية المتغيرة في السوق العالمية.