اليوم الجديد

تفاوت أسعار السلع.. تجار يتلاعبون باحتياجات المستهلك

تحقيق: يمامة بدوان
أثار تفاوت أسعار السلع الغذائية بين منافذ البيع استياء غالبية المستهلكين، حيث ترتفع الأسعار في محلات السوبر ماركت المتوسطة والبقالات بصورة ملحوظة على المنافذ الكبرى، بفارق يصل إلى 10 دراهم أحياناً وبرغم أن فارق السعر في بعض السلع، قد يراه البعض ليس عالياً، إلا أنه يُعد تلاعباً على حساب المستهلك.
ومن قلب منافذ البيع، أجرت «الخليج» جولة ميدانية لرصد هذه الظاهرة ومتابعة حركة الأسعار، كما استطلعت آراء المستهلكين، وأكد غالبيتهم أنهم يضطرون للتسوق من أكثر من مكان وهو أمر مرهق، لكنه يعود عليهم بالتوفير، أما المتخصصون فأوضحوا أن تفاوت الأسعار بين المنافذ الكبرى والمتوسطة، أمر متعارف عليه لكن بنسبة ضئيلة وإذا زادت هذه النسبة يعتبر استغلالاً للمستهلك بغرض التربُّح.


في جولة «الخليج» تباينت الأسعار بين منفذ وآخر، حيث وصل الفرق إلى 11 درهماً في المنتج الواحد، كما هو الحال مثلاً في سعر 450 غراماً من صدور الدجاج، حيث يُباع بالمنافذ الكبرى ب23.50 درهم، بينما يصل سعره بالأماكن المتوسطة إلى 30 درهماً، أما كريمة الطبخ فتباع بالمنافذ الكبرى ب19 درهماً، ويتجاوز سعرها بالأماكن المتوسطة 30 درهماً، مع عدم وجود تسعيرة واضحة على الأرفف، ما يجعل المستهلك على عدم دراية بالسعر إلا عند الوصول لمرحلة الدفع على جهاز «الكاشير»، كذلك الحال لبعض أصناف الخُضر، والتي ظهر تراجع جودتها وارتفاع سعرها في البقالات.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن فارق السعر ليس عالياً، لكنه يُعد تلاعباً على حساب المستهلك، إذ قال مصطفى عبد الخالق، مدرّس: إنه يضطر لشراء احتياجاته اليومية من سوبر ماركت متوسط، بسبب قربه من منزله، لكنه لاحظ ارتفاع الفاتورة الشرائية، مقارنة مع ذاتها عند التسوق من منفذ كبير وهو ما جعله يدقق أكثر في سعر كل منتج، كون الفارق قد يصل إلى 10 دراهم أو أكثر.

إرهاق وتوفير


تضطر خلود حرز الله، ربة منزل، لتسوّق احتياجات منزلها الأسبوعية من أكثر من مكان، ما يعتبر أمراً مرهقاً، لكنها تضطر إلى ذلك من أجل التوفير وأوضحت أنها تشتري منتجات محددة من أماكن بيع كبرى، كونها على دراية باختلاف الأسعار، حيث إنها تبقى على اطّلاع دائم على كل ما توفره أماكن البيع باختلاف حجمها وعروضها.
أما سعد أبو رزق، موظف قطاع خاص فقد قال: إن محلات السوبر ماركت المتوسطة والبقالات، ترفع أسعار السلع على عكس المنافذ والتعاونيات الكبرى، التي تلتزم بالتسعيرة المحددة في المنتجات الأساسية، كالأرز والدجاج والبيض ومنتجات الألبان وغيرها، إلا أن المسؤولية تقع على عاتق المستهلكين، الذين يتسوقون متطلباتهم بأسعار مرتفعة، خاصة في الأحياء السكنية.

تكلفة التشغيل


لمعرفة الرأي الاقتصادي في شأن تباين الأسعار، كانت البداية مع إبراهيم البحر، خبير اقتصادي في سوق التجزئة، حيث أكد أن محلات السوبر ماركت المتوسطة والبقالات، تسعى لاستغلال المستهلكين وتحقيق أعلى معدل ربح.
وأضاف: إن كبار الموردين يعطون منافذ البيع الكبرى سعراً وسعراً آخر للمنافذ المتوسطة والصغرى، لكن الفرق بين السعرين لا يزيد على 5% وهو أمر متعارف عليه في السوق، لأن المنافذ الكبرى تشتري كميات كبيرة جداً وبالتالي فإن كلفة التشغيل، مثل النقل والتوصيل تكون أقل على المورد، مقارنة مع أماكن البيع المتوسطة والصغرى التي تشتري كميات أقل.
ولفت إلى أن تلاعب بعض منافذ البيع المتوسطة والصغرى في الأسعار، يحتاج إلى تدخل الجهات الرقابية لإيقاف استغلال المستهلكين، الذين نوجّه لهم نصيحة بعدم الشراء من هذه الأماكن في حال ثبوت تلاعبها بالأسعار والتوجّه إلى أماكن بديلة، إضافة إلى المتاجر الإلكترونية التي تمتاز بأسعار أقل وتوصيل مجاني للمنازل.

الحصة السوقية


يُعد اختلاف الأسعار في منافذ البيع ظاهرة عالمية في مختلف دول العالم، لكنها تعود إلى عدة أسباب، أوضحها الدكتور أسامة سويدان، أستاذ الاقتصاد المشارك، قسم الاقتصاد والتمويل بجامعة الإمارات، بأنها تدخل ضمن ما يعرف بالاستراتيجية السعرية للمنتجين وهي الخطة التي يتبعها المنتج لتحديد الأسعار التي سيبيع بها وتهدف إلى تحقيق أهداف معينة، مثل زيادة الحصة السوقية، تحسين الربحية، جذب عملاء جدد، أو الحفاظ على العملاء الحاليين ومن ناحية فنية، تتقصد السياسة الاقتصادية السعرية للدولة على ترك هامش سعري مرن للمنتج، تمكنه بذلك من إحداث هذا الاختلاف أو الهامش وتنسجم هذه السياسة مع النظام الاقتصادي الحر أو ما يعرف باسم اقتصاد السوق.
وأوضح أن أسباب اختلاف الأسعار، يشمل عدة 7 عوامل، أبرزها الموقع الجغرافي، حيث تتباين الأسعار بصورة ملحوظة بناءً على تباين الموقع الجغرافي وتميل المحلات ومنافذ البيع في المناطق السياحية أو الأحياء التي يقطنها أصحاب الدخل المرتفع إلى فرض أسعار أعلى مقارنة بالمناطق الأخرى، كذلك التنافس بين المتاجر، حيث ترتفع المنافسة بصورة ملحوظة في المناطق التي يوجد فيها عدد كبير من المتاجر ومنافذ البيع المتنافسة، لذلك، يمكن أن تشهد الأسعار تقلبات وتفاوتاً ويسعى كل متجر لتقديم أسعار مغرية لجذب الزبائن، إلى جانب الكلفة التشغيلية، إذ تُعتبر كلف الإيجار والعمالة والنقل عاملاً حازماً في تفاوت الأسعار بين منافذ البيع، فالمحلات التي تقع في مناطق ذات كلفة تشغيلية مرتفعة كالإيجارات المرتفعة تضطر لرفع الأسعار لتغطية هذه الكلف.
وأضاف: إن من العوامل أيضاً أنواع المنتجات، حيث من المُسلم به أن المنتجات ذات العلامات التجارية العالمية أو الشهيرة تكون أسعارها أعلى مقارنة بالمنتجات المحلية أو الأقل شهرة، ما يسبب تفاوتاً بين الأسعار بين ذات المنتجات، كذلك العروض والتخفيضات، حيث من المتوقع أن تختلف الأسعار بشكل ملحوظ حسب العروض الموسمية أو التخفيضات التي تقدمها بعض منافذ البيع، فضلاً عن الضرائب والرسوم الجمركية، حيث من المؤكد أن الرسوم الجمركية على المنتجات المستوردة تؤثر في الأسعار وتعمل على زيادتها مقارنة مع السلع المنتجة محلياً وهذه تعتبر أحد أشكال الدعم للإنتاج الوطني المحلي وأخيراً فروقات في استراتيجيات التسعير، إذ تتبع منافذ البيع استراتيجية تسعير مختلف بناءً على نوع الزبائن المستهدفين، سواء كانت أسعار مرتفعة للعلامات التجارية الشهيرة أو أسعار تنافسية للمنتجات الأكثر شعبية.

القوى الشرائية


لا يعني اختلاف الأسعار بين منفذ وآخر، وجود تسعيرة ثابتة لأي منتج بالدولة، في ظل وجود سوق مفتوحة وتنافسية لمعظم السلع وهو ما أوضحه فريد علي الشمندي، مورد رئيسي بدبي ولفت إلى وجود عوامل عديدة تتحكم في أسواق التجزئة بشكل خاص والجملة بشكل عام، أبرزها القوى الشرائية لمنفذ البيع، والجودة والتعبئة، خاصة في المواد الغذائية، حيث إن من الصعب مطابقة الجودة لصنفين متشابهين في مكانين مختلفين للبيع، كذلك الخدمة وتشمل التوصيل للمنازل وعرض المنتج بطريق جذابة، بهدف استقطاب الأيدي الشرائية، أو وجود نقاط تشجيعية مع نهاية العام.
وتابع: إنه من العوامل التي تتحكم بالسعر هو الموسم، حيث تطلق معظم الأسواق ومنافذ البيع عروضاً ترويجية في عطلة نهاية الأسبوع، بأسعار تقل عن أيام الأسبوع العادية، بنسبة تتراوح بين 15-20%، في ظل تزايد الإقبال على التسوق، إلا أن تلك العروض يكون مصدرها بالأساس المورّد الرئيسي لسوق التجزئة، الذي بدوره قد يسهم بنسبة محدودة، ما يعتبر سبباً رئيسياً في تفاوت الأسعار من منفذ لآخر لاختلاف الموردين الرئيسين.
وأشار الشمندي إلى أنه من المستحيل الجزم بوجود مورد رئيسي واحد لكل أسواق التجزئة، إلا في حالة «الوكالات الخاصة» للمنتجات، كما أن هناك سلعاً لها موردون رئيسيون يقومون بتوزيعها من خلال موردين فرعيين، الأمر الذي يتسبب بتفاوت الأسعار للمنتج ذاته، إلا أن هذا هو حال السوق المفتوح، لكن للمستهلك حق الاختيار بين منافذ البيع بما يتناسب مع ميزانيته الشرائية.

نصائح للتغلب على تباين الأسعار


قدَّم الدكتور أسامة سويدان، أستاذ الاقتصاد، مجموعة من النصائح للمستهلكين، للتغلب على تباين الأسعار في منافذ البيع وتشمل: البحث والمقارنة بين الأسعار، حيث يمكن للمستهلكين مقارنة الأسعار بين المتاجر المختلفة سواء عبر الإنترنت أو من خلال زيارة المتاجر الفعلية قبل شراء أي منتج، في ظل وجود العديد من المواقع والتطبيقات التي تساعد على مقارنة الأسعار، كذلك استغلال العروض والتخفيضات، مثل تلك التي تُقدم خلال موسم التخفيضات أو مهرجانات التسوق، ويمكن أن توفر للمستهلكين فرصة لشراء المنتجات بأسعار أقل.
وأكد أن هذه العروض من أنجح الاستراتيجيات، لأنها تعمل على تحرير المعلومات ونشرها للمستهلكين، فضلاً عن التخطيط للشراء، إذ من المفيد تجنب الشراء العاطفي أو الفوري والقيام بالتخطيط المسبق للمنتجات التي يرغب المستهلك في شرائها ويمكن تحديد الوقت المناسب للشراء عندما تكون الأسعار أكثر ملاءمة.
وأشار إلى التسوق من المتاجر الإلكترونية، حيث يجد المستهلك أحياناً أن المنتجات بأسعار أقل في مقارنة بالمتاجر التقليدية، كما أن بعض المتاجر الإلكترونية تقدم خصومات أو كوبونات تخفيضية يمكن الاستفادة منها، أيضاً أهمية الاستفادة من برامج الولاء، حيث تقدم العديد من المتاجر برامج ولاء للعملاء والتي يمكن أن توفر خصومات أو نقاطاً مقابل كل عملية شراء، من خلال الانضمام إلى هذه البرامج، يمكن للمستهلكين الحصول على مزايا إضافية.

أخبار متعلقة :