أطلقت الشمس انفجارين هائلين في وقت مبكر من صباح الأربعاء، بعد يوم واحد فقط من التقاط مرصد تابع لوكالة «ناسا» صورة درامية لانفجار شمسي منفصل.
وشملت هذه الانفجارات المتتالية أقوى توهّج شمسي تم تسجيله حتى الآن هذا العام، وكشفت «ناسا» على موقعها الرسمي، أنها تسببت في انقطاعات في موجات الراديو القصيرة على ما لا يقل عن 5 قارات.
كما أشارت هذه الاندفاعات المتتالية إلى أن الشمس قد تكون في مرحلة تصاعد في نشاطها.
وبلغت ذروة العاصفة الشمسية صباح الأربعاء نحو الساعة 4:25 فجراً، حين أطلقت الشمس توهجاً من الفئة X، وهي الفئة الأقوى بين أنواع التوهجات الشمسية ما أدى إلى قذف كميات هائلة من البلازما والجسيمات المشحونة إلى الفضاء.
ما هي الانفجارات الشمسية ولماذا تحدث؟
التوهج أو الانفجار الشمسي هو انبعاث مفاجئ وقوي للطاقة من سطح الشمس، يحدث عندما تتحرر كميات هائلة من الطاقة المخزنة في الحقل المغناطيسي للشمس.
ويصدر الانفجار موجات كهرومغناطيسية قوية، تشمل الأشعة السينية، والأشعة فوق البنفسجية، إضافة إلى تدفق سريع من الجسيمات المشحونة مثل البروتونات والإلكترونات.
وتم تصنيف هذا التوهج على أنه من الفئة X2.7.
وتدل فئة X على أقوى التوهجات، والرقم يوضح مدى شدته بشكل أدق.
على الرغم من المخاطر، قد تؤدي العواصف الشمسية أحياناً إلى ظواهر جميلة وغير ضارة على الأرض، مثل عروض الشفق القطبي.
وعندما تصطدم الجسيمات المشحونة بالحقل المغناطيسي الأرضي وتتفاعل مع ذرات وجزيئات الغلاف الجوي العلوي، فإنها تكثف من الشفق القطبي وتجعله مرئياً في مناطق أكثر من المعتاد.
وأوضح العلماء، العام الماضي أن الشمس دخلت في مرحلة نشطة ضمن دورتها الطبيعية التي تستمر 11 عاماً.
ومن المتوقع أن تستمر هذه الفترة من النشاط المتزايد، المعروف باسم «الذروة الشمسية»، خلال هذا العام، ما يعني احتمال حدوث مزيد من العواصف الشمسية في الأشهر المقبلة. وتحدث التوهجات أو الانفجارات الشمسية بسبب تفاعلات معقدة في المجال المغناطيسي للشمس.
وذلك لأن الشمس تخزن طاقة مغناطيسية ضخمة داخل بلازمتها، وعندما تنفجر هذه الطاقة فجأة بسبب إعادة اتصال المجال المغناطيسي، نرى الانفجارات والتوهجات الشمسية.
التوقيت المتوقع لوصول الانبعاثات الشمسية إلى الأرض
كتب مسؤولو مركز توقعات الطقس الفضائي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA):«التوهجات بهذه القوة ليست شائعة، ومن المتوقع أن تمتد آثارها على سطح الأرض لبضعة أيام من بعد الأربعاء الماضي».
وتُصنَّف التوهجات الشمسية حسب شدتها إلى خمس فئات رئيسية:
•A: الأضعف
•B
•C
•M
•X: الأقوى على الإطلاق
وكل حرف يمثل زيادة بمقدار عشرة أضعاف في كمية الطاقة التي تطلقها الشمس مقارنة بالفئة السابقة، وفقاً لوكالة «ناسا». إضافة إلى تصنيف الحروف، يستخدم العلماء أيضاً مقياساً من 1 إلى 9 لوصف حدة العاصفة الشمسية داخل كل فئة.
تأثير الانفجارات الشمسية في الأقمار الصناعية والاتصالات
التقط مرصد ديناميكيات الشمس التابع للوكالة، والذي تم إطلاقه في عام 2010، صورة مذهلة تُظهر هذا التوهج الناري من الفئة X وهو يندفع من الشمس على شكل شعلة ملتهبة.
وتُعد العواصف الشمسية القوية خطرة على رواد الفضاء في المدار، وقد تسبب مشكلات في أنظمة GPS والأقمار الصناعية. وعندما تتجه هذه العواصف نحو الأرض، فإنها يمكن أن تؤدي إلى تشويش في الاتصالات الراديوية، أو حتى انقطاع في شبكات الكهرباء نتيجة تدفق الجسيمات المشحونة.
ومنذ يوم الأربعاء، تم الإبلاغ عن انقطاعات في موجات الراديو القصيرة في عدة مناطق من العالم، بما في ذلك أمريكا الشمالية، وأمريكا الجنوبية، وجنوب شرق آسيا، وإفريقيا، والشرق الأوسط، وفقاً لموقع Space Weather الذي يراقب نشاط الشمس يومياً، وقد يستمر ذلك التأثير لعدة أيام بعدها.
قال شون دال، خبير التنبؤات في مركز توقعات الطقس الفضائي التابع لـ NOAA: إن التوهج X2.7 حدث عندما كانت الشمس فوق الشرق الأوسط، وهو ما أسهم في انقطاع إشارات الراديو عالية التردد في المنطقة لنحو 10 دقائق خلال ذروة العاصفة.
ومن المتوقع حدوث انقطاعات في شبكات الكهرباء عندما تصل عواصف جسيمات شمسية قوية إلى الأرض، تتفاعل مع المجال المغناطيسي للأرض وتولد تيارات كهربائية قوية في خطوط النقل الكهربائي.
ويمكن لهذه التيارات أن تتلف المعدات الكهربائية أو تسبب انقطاعات واسعة في التيار الكهربائي، كما حدث في كندا عام 1989 حيث توقفت الكهرباء عن ملايين الناس بسبب عاصفة شمسية.
هل تؤثر التوهجات الشمسية في صحة الإنسان؟
تأثير التوهجات الشمسية في صحة الإنسان بشكل مباشر على سطح الأرض يكون عادة ضئيلاً أو معدوماً بسبب حماية الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض، اللذين يعملان كدرع يمنع وصول معظم الإشعاعات والجسيمات الشمسية الضارة إلى سطحنا.
لكن هناك بعض الحالات التي يمكن أن تؤثر فيها التوهجات الشمسية في الصحة، وهي مرتبطة أكثر بالتالي:
1- رواد الفضاء: لأنهم خارج الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض، فهم معرضون بشكل أكبر للإشعاعات الكونية والتوهجات الشمسية، ما قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض مثل السرطان أو مشاكل في الجهاز العصبي.
2- رحلات الطيران على ارتفاعات عالية: الطيارون والركاب في الرحلات الجوية على ارتفاعات كبيرة وعند خطوط العرض العالية قد يتعرضون لمستويات أعلى من الإشعاع خلال عواصف شمسية قوية، لكن التأثير عادةً ما يكون محدوداً ولا يشكل خطورة كبيرة في معظم الحالات.
3- تأثيرات غير مباشرة في الصحة: بعض الدراسات تشير إلى أن التغيرات في النشاط الشمسي قد تؤثر في إيقاعات النوم أو المزاج لدى بعض الأشخاص، لكن هذه الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولى ولا توجد أدلة قاطعة عليها.
0 تعليق