نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رئيس التحرير يكتب: العلاقات المصرية الروسية .. تجسيد حى لعصر القوة, اليوم الأحد 25 مايو 2025 12:55 صباحاً
رئيسان يجمعهما الحفاظ على الأمن القومى وتنمية الأوطان ومواجهة الخونة والأعداء وأشرار العصر الحديث
حرص الرئيس بوتين على دعوة الرئيس السيسى لحضور احتفالات أعياد النصر تقدير واعتزاز خاص
"السد العالى" و"الحديد والصلب" و"المراجل البخارية" و"مجمع الألومنيوم" وشركات الكيماويات" علامات بارزة على جذور العلاقات المتميزة بين البلدين
"الضبعة" أكبر مشروع لبناء محطة نووية على كوكب الأرض دليل على الصداقة القوية ودعم موسكو لمصر فى جهود التنمية
من "ميج 21" حتى "ميج 29 " و"كا 18 " وتدريبات "جسور الصداقة".. تستمر العلاقات العسكرية المتميزة بين مصر وروسيا
بقلم/ أحمد سليمان
[email protected]
لا يمكن النظر إلى العلاقات المصرية الروسية الحالية إلا فى إطار رؤية شاملة للأوضاع العالمية والنظام العالمى الجديد الذى يعاد تشكيله بمنتهى السرعة خلال العقد الأخير، والذى زادت وتيرة إعادة صياغته فور تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن تاريخ العلاقات المصرية الروسية يرجع إلى عام 1943 ثم تطورت العلاقات أكثر بعد ثورة 1952 عندما قدم الاتحاد السوفييتى العديد من المساعدات الخاصة بالمشروعات القومية المصرية، وفي مقدمتها دعم بناء وتشييد السد العالى، وإقامة شركة المراجل البخارية وتشييد أفران الحديد والصلب ومجمع الألومنيوم وشركات الكيماويات إلا أن شكل الشراكة المصرية الروسية فى عصرها الحديث مبنى على اﻟﻤﺼالح اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ واﻟﻤﻨﺎﻓﻊ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷوﺳﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم٢٠١٤،واﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻮﻳﻊ مصادر السلاح والصداقة مع جميع دول العالم المحبة للسلام، والندية واﻻﺣﺘﺮام اﻟﻤﺘﺒﺎدل وﻋﺪم اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﺤفاظ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﺣﺘﺮام ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ.
ومصر تجمعها بروسيا صفات مشتركة عديدة ، لعل أهمها أن رئيسى البلدين من القيادات التى لها حضور فى أى تجمعات تضم رؤساء الدول ، ويحظيان بتقدير واحترام قادة دول العالم المتحضر، ولهما خلفية عسكرية استخباراتية ، تعى تماما حجم المخاطر التى يتعرض لها بلداهما، وساعدتهما فى التعامل مع الأعداء الطبيعيين وغير الطبيعيين، ويبذلان من الجهد ما يفوق الوصف للحفاظ على الأمن القومى للبلاد ضد أية تهديدات داخلية أو خارجية، ومواجهة الخونة والأعداء، وأشرار العصر الحديث، وفى الوقت نفسه تنفيذ مشروعات قومية عملاقة تدعم جهود التنمية فى البلدين.
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى عقب توليه المسؤولية بدأ فوراً فى إعادة ترتيب البيت المصرى ، وترميم ما تبقى منه، وكان كل ما يشغله إعادة مؤسسات الدولة الوطنية للعمل بكل قوة وكفاءة حتى يستعيد الوطن مكانته الداخلية فى أعين أبنائه ويستطيع الصمود فى مواجهة الأعداء، ثم كانت المهمة الصعبة وهى إعادة تصحيح الصورة السلبية عن مصر فى الخارج والتى شوهتها جماعة الخراب والدمار والكذب والخيانة ، جماعة الإرهاب المسماة جماعة الإخوان المسلمين.
كانت المهمة شاقة ، ولكن لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ذو خلفية عسكرية، وذاق من قبل مرارة الخيانة ، فكان يعرف تماماً ما يفكر فيه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ويقدر له الجهد الكبير الذى قام به لمحاولة محو تلك الصورة الذهنية السوداء عن مصر فى العالم كله، وفى الوقت نفسه حماية الوطن من الأشرار، سواء أكانوا فى صورة أفراد أو منظمات أو جماعات أو دول.
لذلك رأينا حفاوة الاستقبال للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى من الرئيس الروسى بوتين أثناء زيارته لموسكو لأول مرة كرئيس لجمهورية مصر العربية،وهو ما يعبر عن منتهى التقدير والاعتزاز والاحترام، ويؤكد مكانة مصر بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لدى الرئيس بوتين شخصياً والشعب الروسى بأكمله، وتكررت زيارة السيد الرئيس إلى موسكو وفى كل مرة يلقى الحفاوة نفسها والتقدير نفسه، كما زار الرئيس الروسي بوتين مصر ولاقى كل الترحيب والحفاوة من السيد الرئيس السيسى والحكومة المصرية والشعب المصرى بأكمله.
ولعل اللقاء الذى جمع بين الرئيسين بأحد أدوار برج القاهرة عام 2015 كان أفضل تعبير عن مستوى الصداقة والاحترام والتقدير الذى يلقاه الرئيس الروسى بين أبناء الشعب المصرى رئيسا وحكومة وشعباً، وبالمثل راينا الرئيس بوتين يصطحب السيد الرئيس السيسى فى جولة قائداً سيارته بنفسه فى شوارع موسكو.
ثم توالت المواقف التى أيدت هذا التوجه ، ففى عام 2018 تم الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وفى ذلك إشارة واضحة على أن العلاقات المصرية الروسية يجب ان تختلف عن العلاقات نفسها قبل توقيع هذه الاتفاقية، وبالفعل تم تطوير مستوى العلاقات التى شملت جميع المجالات.
وتأتى العلاقات الدبلوماسية فى مقدمة المجالات التى شهدت تعاونا وتنسيقا غير مسبوق بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المنظورة أمام مجلس الأمن الدولى الذى تحظى روسيا بالعضوية الدائمة فيه، وقد لاقت القضايا المصرية اهتماما وتأييدا ودعماً روسيا فى مجلس الأمن وكل المحافل الدولية الأخرى ، وفى مقدمة هذه القضايا الحفاظ على حصة مصر المائية من نهر النيل، وحق مصر فى محاربة الإرهاب فى أى مكان ما دام يهدد الأمن القومى المصرى، بخلاف تأييد ودعم المبادرة المصرية التى أصبحت إسلامية عربية دولية والخاصة بضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة ورفض التهجير القسرى للفلسطينيين من أرضهم ورفض الممارسات الهمجية لقوات الاحتلال ضد الأشقاء الفلسطينيين، ودعم جهود إعادة إعمار قطاع غزة.
أما المجال العسكرى فيعد أحد أهم مجالات التعاون بين الجانبين، فلا ننسى أن الطيارين المصريين حققوا المعجزة فى حرب أكتوبر عام 1973 باستخدام الطائرة الروسية ميج 21 التى على الرغم من إمكانياتها المتواضعة إلا أن الطيار المصرى بكفاءته وتدريباته الشاقة استطاع تعويض فارق الامكانيات بين الطائرة الروسية "ميج 21" وبين الطائرات الأمريكية والفرنسية الأحدث وقتها، والتى كانت لدى الجانب الآخر، وتمكن بها من إسقاط الطائرة (فانتوم) و"ميراج 5 " الفرنسية.
وفى العصر الحديث لن ننسى صفقة الطائرات المروحية الروسية (كا ـ 18) وهي مروحيات من تصميم روسى تخدم على متن حاملتى الطائرات المصرية السادات وجمال عبد الناصر ، وهى من فئة ميسترال، وتستخدم لتنفيذ مهام الاستطلاع والبحث والإنقاذ، بالإضافة إلى دعم القوات البحرية، والطائرة المقاتلة من الجيل الرابع ميج 29 التى دخلت الخدمة بالقوات الجوية المصرية وهى لا تقل كفاءة عن الطائرة إف 16 الأمريكية، ولعل ذلك تجسيد حى لسياسة تنويع مصادر السلاح التى يتبعها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بوصف ذلك أحد اهم عناصر الحفاظ على الأمن القومى.
يضاف إلى ذلك زيادة معدلات التدريبات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة المصرية بكل أفرعها ، والقوات المسلحة الروسية بكل أفرعها، ولعل أخرها التدريب المشترك "جسر الصداقة" الذي تم تنفيذه بالمياه الإقليمية المصرية بنطاق الأسطول الشمالى بالبحر المتوسط، وتضمن ـ كما قال المتحدث العسكرى للقوات المسلحة ـ تنفيذ عدة تشكيلات بحرية مشتركة ورماية مدفعية بالذخيرة الحية، بالإضافة إلى تمارين للدفاع الجوى عن التشكيلات البحرية، والتدريب على تنفيذ حق الزيارة والتفتيش وأعمال البحث والإنقاذ بالبحر، ومحاضرات عن الإجلاء الطبي والإسعافات الأولية ومجابهة التهديدات غير النمطية والأمن السيبرانى.
ولعل حرص الرئيس الروسي بوتين على حضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى احتفالات أعياد النصر الروسية بالساحة الحمراء بالعاصمة الروسية موسكو بمناسبة العيد الثمانين للانتصار فى الحرب العالمية يؤكد مكانة السيد الرئيس السيسى لدى الرئيس بوتين والشعب الروسى، وهذا العام شارك السيد الرئيس السيسى فى حضور هذه الاحتفالات ، كما شاركت القوات المسلحة المصرية بقوات رمزية فى العرض العسكرى الذى أقيم بهده المناسبة ، وحضره العديد من رؤساء وقادة دول العالم.
ثم يأتى مشروع إقامة محطة الضبعة النووية كدليل على مستوى الصداقة بين مصر وروسيا ، فمحطة الضبعة هى أول محطة طاقة نووية في مصر، تقع في مدينة الضبعة، وستحتوي المحطة على 4 مفاعلات بطاقة 1200 ميجا وات، مما يجعل مصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي لديها مفاعل من الجيل الثالث.
ففى 19 نوفمبر2015 وقعت مصر وروسيا على إتفاق مبدئي، بموجبه ستقوم روسيا ببناء وتمويل أول محطة للطاقة النووية في مصروفي نوفمبر 2017 تم توقيع العقود الأولية لبناء 4 وحدات بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتبلغ تكلفة المشروع 28.75 مليار دولار، وستمول روسيا 85% من المشروع في صورة قرض حكومي بينما ستتكفل مصر بتمويل ال 15% الباقية، وينص الاتفاق على أن القرض يستخدم على مدار ثلاثة عشر عامًا.
أليكسي "ليخاتشوف"، مدير شركة "روس اتوم" قال إن أعمال البناء بمحطة الضبعة النووية في مصر، تسير وفقا للخطة، مؤكدا أنه أكبر مشروع بناء نووى على كوكب الأرض من حيث المساحة الجغرافية، وقال إن محطة الضبعة النووية في مصر بانتظار ميلاد جديد في نوفمبر 2025 عندما يبدأ تركيب وعاء المفاعل فى المحطة.
أما على الجانب الاقتصادى فقد بلغ مستوى التعاون درجة عالية تمثلت فى جانب منها فى الاتفاق على إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وزيادة أعداد السياح الروس القادمين إلى مصر ومقاصدها السياحية المختلفة، كما زاد معدل التعاون فى مجالات الطاقة والأمن الغذائى والتعدين والزراعة والصناعة.
يضاف إلى ذلك وجود مصر مع روسيا والصين فى تجمع "بريكس" مما أثار قلق الكثيرين الذين أزعجهم وجود قوى كبرى فى تجمع واحد كهذا، لما فى ذلك من تهديد لاستمرار سيطرة القطب الأوحد على العالم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، لأن تجمعا كهذا فيه من التهديد ما يكفى لزلزلة الصورة النمطية للقطب الأوحد، ومن شأنه ان يعيد صياغة تركيبة العالم من جديد بشكل أكثر عدلاً واحتراماً واستقلالية، ويحفظ للدول الوطنية سيادتها.
إن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين نجح فى تغيير الصورة الذهنية السلبية عن بلاده فى العالم بعد تطبييق ما سميت بسياسة إعادة البناء "بريسترويكا" التى نفذها آخر رئيس للاتحاد السوفييتى السابق ميخائيل جورباتشوف وأدت إلى تفكك الدولة وانهيارها اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا ، وجاء بوتين ليستكمل الطريق الذى بدأه الرئيس الاسبق بوريس يلتسين، ولكن بوتين استطاع تسريع وتيرة التطوير والتقدم العلمى والاقتصادى والتكنولوجى والعسكرى، واستطاع تضييق الفجوة مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالصناعات العسكرية، تلك الفجوة التى اتسعت لأكثر من عشر سنوات بسبب انهيار الاتحاد السوفييتى السابق.
إن العلاقات المصرية الروسية بقدر ما هى تضرب فى أعماق التاريخ فإنها أخذت مساراً متوازيا يسعى خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى وضع بلديهما فى مكانتهما الصحيحة التى تستحقانها فى عالم لا يعترف بالضعفاء ، لأنه عصر القوة ، القوة الشاملة ، القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية ، وغيرها من أنواع القوى التى تجعل الأمم تصمد أمام التحديات وتنجح فى اختراق المستقبل بكل عزم وإرادة.
إن العلاقات المصرية الروسية تمثل نموذجا للعلاقات المثلى بين الدول فى العصر الحديث ، وفى ظل حرص رئيسى البلدين على تطوير هذه العلاقات بما يعود بالنفع على شعبى البلدين ، فمن المتوقع ان تشهد هذه العلاقات دفعة قوية خلال الفترة المقبلة، فى ظل حالة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى فى العالم، وفى ظل امتلاك البلدين مقومات كثيرة تكفى لإقامة شراكة استراتيجية تجعلهما فى مقدمة دول العالم خلال فترة قصيرة مقبلة.



يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق