مع الشروق : منظومة التّعليم العموميّ أنتجت أمّية الفرد والمجتمع

تورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : منظومة التّعليم العموميّ أنتجت أمّية الفرد والمجتمع, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 11:28 مساءً

مع الشروق : منظومة التّعليم العموميّ أنتجت أمّية الفرد والمجتمع

نشر في الشروق يوم 23 - 05 - 2025

2354534
لا حديث هذه الأيّام إلا عن نتائج التّعداد العام للسّكان والسّكنى وما جاء به من بعض النّسب الصادمة من بينها بلوغ نسبة الأمّية في تونس17.3 %، أي ما يقدّر بمليون و776 ألف أمّي. والأمّية حسب تعريف الأمم المتّحدة هي عدم القدرة على قراءة جُمل بسيطة وكتابتها وانعدام التمكّن من أساسيات القراءة والكتابة ، دون اعتبار الأمّية الرّقمية والأمّية التكنولوجية .
فنحن في هذا المجال نتحدّث عن أمّية أبجدية تمنع الشّخص من القراءة والكتابة بسلاسة ومرونة. لكنّها تقود مباشرة إلى أمّية جديدة تواجهها المجتمعات النّاميّة حتّى لدى المتعلّمين، باعتبارها مجتمعات مستهلكة للتّكنولوجيا وغير مصنّعة لها ، فيكون من يشكو من محدودية القدرات التّعليمية حلقة ضعيفة غير قادرة على التعامل مع الأدوات التكنولوجيّة أو فهم مبادئ عملها مثل استخدام الحاسوب والمحامل الذكيّة ،وهذه الأمّية التكنولوجيّة تستدعي بدورها أمّية رقميّة تمنع هؤلاء أيضا من استخدام برمجيّات الحاسوب والولوج إلى محرّكات البحث على الإنترنت، والمشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعّال.
ربّما لو تمّ احتساب الأمّية الرّقمية والتكنولوجيّة لكانت النّسب أرفع بكثير ، لأنّ انتشار استعمال الهواتف الذّكية وارتفاع نسب وساعات الإبحار على الانترنات وتوسّع رقعة جمهور شبكات التواصل الاجتماعيّ لا يعني بالضرورة أنّ هؤلاء انخرطوا في المجتمع الرّقميّ بنجاح ، كما لا يمكن أن يعكس هذا الانتشار ارتفاع مؤشّر المعرفة في المجتمع التونسيّ ، ذلك أنّ 9.96 مليون مستخدم للإنترنت ، وهو ما يعادل 79.6 % من السّكان ، لم تبدّد أمّية حوالي مليوني أمّي بالبلاد !.
وبالتّالي ،فإنّ تفكيك نسبة الأمّية المرتفعة لدولة راهنت على التّعليم منذ سبعين سنة لرفع الجهل، يحيلنا مباشرة إلى عطب ما في هذه المنظومة التّعليميّة العموميّة باعتبارها المسؤولة بدرجة أولى عن تبديد ظلمة العقول. ولكونها باتت تشتغل بطريقة عكسيّة ، وبدل أن تنتج المعرفة فهي تُسجّل ردّة إلى الجهالة ، علينا أن نذهب مباشرة إلى خلل هيكليّ داخل المنظومة نفسها جعلها تُفرّخ الأمّية بطريقة عكسيّة وتُكرّس انعدام القدرة على امتلاك مهارات القراءة والكتابة لدى شريحة واسعة من أبناء الجيل الجديد دون اعتبار أمّية من هم فوق الستّين سنة.
لا يخفى على أحد أنّ منظومة التّعليم العموميّ تراجعت ، بل انهارت ، أفرزت أكثر من مائة ألف منقطع عن الدّراسة في السّنة الواحدة على امتداد عشريّة كاملة ، بل أدّت وفق أحد وزراء التربية السّابقين إلى تسجيل 300 منقطع عن التّعليم في اليوم ! . ونحن في قراءتنا لهذه الأرقام المفزعة، نذهب إلى ما هو أخطر ، ذلك أنّ نسبة هامّة من المنقطعين عن المدارس يغادرون في السّنوات الأولى من مرحلة الإعدادي لاصطدامهم بمشاكل عديدة تدفعهم إلى التّسريع بالعزوف عن مقاعد الدّراسة والتخلّي نهائيا عن ارتياد المؤسّسة التّربويّة فيجدون ملاذهم في الشّارع والانحراف والمهن الهشّة.
هؤلاء طبعا ليسوا من المُتميزين والنّجباء ، بل ينتمون إلى شريحة من التّلاميذ تشكو من صعوبات في الفهم والتّركيز والاستيعاب والتّعلُّم ، فشلت المنظومة التّعلميّة في مواصلة احتضانهم وتمكينهم من مُكتسبات معرفيّة مثل التّلميذ في وضع طبيعيّ ، فيكون الانقطاع المُبكّر الحلّ الأيسر والأقرب لهؤلاء دون أن تتابع وزارة التّربية أسباب تخلّيهم ولا مسارهم ما بعد الانقطاع وهو ما يراكم أمّية الفرد وأمّية المجتمع معا.
وباعتبارنا اليوم نتحدّث عن أمّية أبجدية ، الجّهل بالقراءة والكتابة بطرق سليمة ، فإنّ المعضلة الكبرى تكمن في المنظومة التّعليمية الّتي حادت عن أهدافها وهي تبديد الجّهل وصناعة الوعي ، بما يدفع إلى التّفكير وبجدّية في الإصلاح التّربويّ خارج الحسابات والشّعارات حتّى تكون المدرسة التونسيّة منتجة للمعرفة لا العكس.
وحيدة المي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق