اليوم الجديد

عندما يصبح الإعلام رسالة.. لا وظيفة فقط

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما يصبح الإعلام رسالة.. لا وظيفة فقط, اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024 09:49 صباحاً

عندما يصبح الإعلام رسالة.. لا وظيفة فقط

نشر بوساطة عبد الله المحمود في الوكاد يوم 12 - 12 - 2024


الإعلام ليس مهنة أو وظيفة فقط، بل هو رسالة سامية أيضاً تتجاوز حدود العمل التقليدي نحو دور أعمق وأعظم تأثيرًا في المجتمع. من الطبيعي أن يُنظر إلى الإعلام كوظيفة تمثل مسارًا مهنيًا يوفر دخلاً وفرصًا للتقدم الوظيفي، لكن هذا الوصف يغفل ما يحمله الإعلام من مسؤوليات تتجاوز الفوائد المادية أو المكانة الاجتماعية. في جوهره، الإعلام هو وسيلة لإيصال الحقائق، وتشكيل الوعي، وتقديم رسالة تهدف إلى البناء والإصلاح.
عندما نتحدث عن الإعلام كرسالة، فإننا نشير إلى الالتزام بنقل الحقيقة بحرفية وأمانة وصدق. هذا الالتزام لا يقف عند حد نقل الأخبار والمعلومات فحسب، بل يتسع ليشمل تسليط الضوء على القضايا التي تحتاج إلى معالجة، والتأكيد على القيم والمبادئ التي تدعم تماسك المجتمع وتقدمه. إنه عمل نبيل يتطلب تفانيًا مستمرًا، فالإعلامي لا يمكنه أن يختار إرضاء الجمهور على حساب الحقيقة؛ بل عليه أن يحافظ على ضمير حي يفرض عليه البحث والتقصي وتحري الدقة.
الإعلام كرسالة يعكس صورة المجتمع، فهو مرآة تنقل نبض الحياة اليومية وتعبر عن صوت الذين لا صوت لهم. من خلال الإعلام، تُبرز القضايا الإنسانية والاجتماعية، وتُكشف التجاوزات، ويُدعم الضعفاء الذين لا يجدون نصيرًا في عالم تتسارع فيه الأحداث وتزدحم فيه الأصوات. هنا تظهر قوة الإعلام وتأثيره، حيث يمكن لمقال صادق أو تقرير موضوعي أن يحدث تغييرًا هائلًا في الوعي العام.
لكن هذه الرسالة لا تخلو من التحديات. في عالم يتطور فيه الإعلام الرقمي بسرعة، ويزداد فيه الضغط للبحث عن الإثارة والعناوين الرنانة لجذب الانتباه، قد يُغرى الإعلامي بالتنازل عن القيم مقابل السبق الصحفي أو الشهرة المؤقتة. ومع ذلك، يبقى المبدأ الثابت أن الإعلام يجب أن يخدم الصالح العام، لا المصالح الفردية أو الضيقة.
الإعلام كرسالة يعني أيضًا بناء الجسور بين الثقافات المختلفة، وتعزيز التفاهم والحوار بدلاً من تأجيج النزاعات والخلافات. فعندما يُستخدم الإعلام لتعزيز التضامن ونشر المعرفة، يصبح أداة لبناء مجتمع أكثر انسجامًا ووعيًا. وفي عالم يزداد انقسامه، يحتاج المجتمع إلى إعلاميين يحملون رسالة الإصلاح والسلام، بدلًا من التفرقة والإثارة.
من يعمل في الإعلام بهدف أداء رسالة سامية لا ينظر إلى عمله كوسيلة للحصول على الشهرة أو المكانة، بل يجد في عمله نداءً لخدمة وطنه والمجتمع، وإحساسًا بالمسؤولية الوطنية العميقة تجاه المتلقين.
هؤلاء الإعلاميون يؤمنون بأن كلماتهم يمكن أن تلهم وتؤثر، وأنهم يقفون على خط المواجهة بين ما هو حقيقي وما هو زائف، وبين ما هو عادل وما هو ظالم.
علينا أن نتذكر دائمًا أن الإعلام ليس مجرد وظيفة فقط، بل مسؤولية ورسالة تحمل في طياتها معنى أعمق لخدمة الوطن والمجتمع والإنسانية.
وكلما زاد وعي الإعلامي بدوره وتأثيره، زاد عطاؤه وصدى رسالته، ليظل الإعلام نورًا في عالم يعج بالضباب والظلام.

نقلا عن الجزيرة




أخبار متعلقة :