نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بقرات جوزيف, اليوم الخميس 22 مايو 2025 02:37 صباحاً
نشر بوساطة بدر بن سعود في الرياض يوم 22 - 05 - 2025
تيار تغيير الهوية أو "الغربنة" يستقطب على وجه التحديد فئات عمرية معينة، أو من تتراوح أعمارهم ما بين ستة أعوام وخمسة عشر عامًا، لأن التلاعب بهوياتهم ليس صعبًا، وشخصياتهم لم يكتمل تكوينها، وأدلجة الهوية تمثل إشكالية كبيرة وتؤدي إلى شحن الأشخاص ضد مجتمعاتهم..
كشفت دراسة نشرتها جامعة الملك سعود في 2024 عن زيادة اهتمام الجمهور الدولي بمتابعة الثقافة المحلية، ومعها نمط الحياة للمجتمع السعودي، وأشارت إلى الدور الحكومي الحيوي، وتحديداً في تقديم صورة إيجابية وجاذبة عن هوية المملكة التنافسية، وبالأخص على المنصات الرقمية، ومشكلة الهويات أكبر مما نتصور، لأنها قابلة للاشتعال وإثارة الخلافات بدرجة عالية، إذا كانت بين المختلفين في مرجعياتهم الثقافية، وقد تستخدم كأدة للإكراه الثقافي، ومن الشواهد، ما فعلته فرنسا مع مواطنيها من العرب والمسلمين عندما أعطتهم فرصة لمدة أربعة أشهر لا أكثر للتسليم بنموذجها اللائكي العلماني والقبول به دون مناقشة.. والمطلوب في هذا العالم الذي تتنازعه هويات متباينة حماية الهوية الوطنية أو الثقافية لكل دولة، حتى لا تتعرض للذوبان أو الاستلاب والتهجين، ويستمر ارتباطها بالجذور عند انفتاحها على الآخر، وألا تتأثر بخطاب الفكر ما بعد الحداثي، ومحاولاته محو الهوية الوطنية، وتشكيل الناس على هوية عالمية واحدة، ولأغراض استهلاكية ورأسمالية في المقام الأول، ولعل السوشال ميديا تمثل وسيلته الأكثر فاعلية في ذلك.
ما سبق جعل الهوية الوطنية في المملكة تعمل على تعزيز الثقافات الإيجابية داخل المجتمع، في إطار الثقافة العامة للدولة، وعلى تحييد وإلغاء الثقافات الفرعية المتطرفة أو الشاذة، وقطاعا السياحة والترفيه يقومان بوظيفة مهمة في مجال رسم تفاصيل الهوية المحلية، وفي تصديرها واستثمارها في الداخل والخارج، بخلاف أن مركز الحرب الفكرية للتطرف في وزارة الدفاع، ومركز اعتدال في وزارة الداخلية، يقومان بمجهودات احترافية لمعالجة المخاطر التي تواجه الهوية السعودية، من الناحيتين الأمنية والثقافية معاً.
تيار تغيير الهوية أو "الغربنة" يستقطب على وجه التحديد فئات عمرية معينة، أو من تتراوح أعمارهم ما بين ستة أعوام وخمسة عشر عامًا، لأن التلاعب بهوياتهم ليس صعبًا، وشخصياتهم لم يكتمل تكوينها، وأدلجة الهوية تمثل إشكالية كبيرة وتؤدي إلى شحن الأشخاص ضد مجتمعاتهم، وفي بعض الدول العربية يتم إقصاء غير العرب والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، وأحيانا يشطبون من قوائم المواطنة لأسباب غير مفهومة، وفي بعض الدول الإسلامية لا يتم الاعتراف بهوية بعض مواطنيها وحقوقهم ولغتهم رغم أن أعدادهم تقدر بالملايين.
في المقابل دون الخليج الصغيرة مرتبكة ديموغرافيا، ونسبة الأجانب فيها تتجاوز 75 %، بحسب التقديرات المتفائلة، ولدرجة أن بعض المدن يقيم أهلها خارجها، وأصبحت لا تبتعد في تركيبتها السكانية عن دول كسنغافورة وهونغ كونغ، وقد حذر علماء السكان منذ بداية الطفرة النفطية في السبعينات الميلادية من هذا الواقع ولكنه لم يمنع حدوثه، واللافت مع ما قيل هو صلابة الثقافة الخليجية في مواجهة المتغيرات، والدليل عدم نجاح الحملات التبشيرية التي أرسلت للخليج، رغم أنها بقيت لمدة لا تقل عن خمسين عاماً، ما يعني أن الشخصية الخليجية متدينة بطبعها، ولديها ممانعة ذاتية، ضد قبول ثقافة الآخر غير المتغلب عليها من الناحية الاقتصادية، حتى أن الخادمات الآسيويات لم يؤثرن على الأطفال الخليجيين في مسألة التربية.
يعتبر الكيني جوزيف ليكوتون من بين الشخصيات التي تعلمت وتفوقت في المجتمع الغربي، ولكنها لم تتنازل عن ارتباطها بالوطن، ومسؤوليتها في النهوض به وتطويره، فقد حصل على منحة إلى أميركا لتفوقه بعد أن باعت والدته بقرة لتمكينه من إتمام تعليمه العام، ودرس في جامعة سانت لويس بولاية نيويورك الأميركية، ومن ثم أكمل دراساته العليا في التاريخ بجامعة هارفارد، وألف كتابا نشرته منظمة ناشونال جيوغرافيك، والسابق لم يمنعه من العودة إلى دولته وتوظيف ما تعلمه خارجها، في إيجاد حلول لقضاياها، والاستغناء عن المساعدات الخارجية، وقد ساهم في تسوية بعض النزاعات العرقية فيها، وعمل على تطوير التعليم ومكافحة الجفاف، وأعطى والدته خمسين بقرة بدل البقرة التي باعتها لتعليمه، ونحتاج لنماذج سعودية وخليجية مشابهة.
الهوية السعودية، في الوقت الحالي، تهتم بالشخصية الوطنية وبالموروث الثقافي والديني المتوازن، وتقوم بتصدير نموذجها السياحي والثقافي لبقية دول العالم، وتتعايش مع غيرها بلا استلاب أو انهزامية أو تنازلات، ومجموعة من الممارسات الحكومية والخاصة تركز على ذلك، ومن الشواهد، السجاد الأحمر الذي بدأه البابليون في القرن الخامس قبل الميلاد، واعتمد في المراسم الدولية والداخلية، من قبل معظم دول العالم، فقد استبدله السعوديون في مايو 2021 بالسجاد الذي يأخذ لون زهرة الخزامي وبحياكة السدو المحلية، في تعبير عن الهوية الوطنية.. وفيلم هوبال السعودي ونقله للهوية الثقافية بشكل مقبول نسبياً، وتفوقه في شباك التذاكر السعودي، على أفلام عالمية معروفة، وهذه سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ السينما، والدورة الحادية عشرة لمهرجان أفلام السعودية في أبريل 2025 خصصت لسينما الهوية، وكلها مؤشرات على أننا نسير في الطريق الصحيح.
انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
أخبار متعلقة :