من التقليدية إلى المنصات الإلكترونية

من التقليدية إلى المنصات الإلكترونية

نشر بوساطة حمود الضويحي في الرياض يوم 09 - 05 - 2025

يظل البحث عن العمل والحصول على الوظيفة الشغل الشاغل لكل شاب في مقتبل العمر، فما أن يتم تعليمه الجامعي أو الدبلوم أو أي محطة تعليمية إلاّ وتجده يسعى حثيثاً في الحصول على وظيفة تضمن له دخلاً جيداً يعينه على متطلبات الحياة، ليبدأ رحلة تكوين نفسه بالاعتماد عليها والاستغناء عن دعم الوالدين المادي كي يبعد عنهما عناء الصرف عليه، ليتفرغوا لاحتياجاتهما أو لبقية الأبناء الصغار حتى يكبروا ويشقوا طريقهم في الحياة، والمتأمل لحال شباب الأمس وشباب اليوم في الحصول على الوظيفة يجد البون شاسعاً، فمنذ عقود من الزمن وبعد توحيد المملكة وهذا الكيان الكبير على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– بدأ الناس يعرفون الوظائف الرسمية بعد أن كانوا يعتمدون على العمل الحر في كسب قوتهم كالعمل في الزراعة أو النجارة أو الحدادة أو في البناء، أو في التجارة وغيرها من المهن والحرف، وبعد اكتشاف النفط بكميات تجارية استقطبت شركات البترول العمالة من كافة مناطق المملكة للعمل فيها، ومن ثم بدأت الوظائف الحكومية بعد تأسيس عدد من المصالح الحكومية والوزارات، وبعد انتشار التعليم والحصول على الشهادات الدراسية الابتدائية والمتوسطة استقطبت الوظائف الحكومية العديد من الخريجين للعمل بها، بينما استمر التوسع في التعليم بافتتاح المعاهد الثانوية ومن ثم الثانويات العامة والكليات.
مؤهلات وأوراق
وكان البحث عن الوظائف منذ عقود قليلة من الزمن ميسراً وسهلاً، حيث يجد من يريد الالتحاق بالوظيفة عدة خيارات للعمل في عدد من الوزارات والمصالح الحكومية، إضافةً إلى وظائف القطاع الخاص، ومع تقدم الزمن وازدياد الكثافة السكانية بدأ أمر الحصول على الوظيفة المطلوبة يتطلب جهداً للبحث عن أفضل الخيارات للوظيفة المناسبة، وبات من يسعى للحصول على الوظيفة البحث بنفسه حاملاً معه مؤهلاته وأوراقه الثبوتية وما يثبت حصوله على دورات تدريبية أو سابق خبرة في أي عمل ويضعها في ملف يسمى «ملف علاّق»، وعادةً ما يكون لونه أخضر، وبعد انتشار التقنية والاعتماد عليها في جميع مناحي الحياة فقد بات من يسعى إلى وظيفة في وقتنا الحاضر يقوم بالبحث عنها في المواقع الإلكترونية الحكومية أو الأهلية الموثوقة التي تعلن عن حاجتها إلى موظفين، كما يقوم بالدخول إلى عالم الانترنت لمتابعة المؤسسات الحكومية والشركات والمؤسسات الأهلية التي تعلن بين الحين والآخر عن رغبتها بطرح العديد من الوظائف للجنسين.
تطور نوعي
وفي بداية معرفة الناس للوظائف الرسمية التي يتقاضون فيها رواتب شهرية ثابتة كان مرجع الموظف الإدارة التي يعمل فيها، فلم يكن هناك إدارة لشؤون الموظفين، وفي عام 1358ه /1939م، ظهر إلى حيز الوجود إدارة مركزية لشؤون الموظفين ضمن تشكيلات وزارة المالية أطلق عليها مسمى «ديوان المأمورين والعوائد المقررة»، تلا ذلك تطور نوعي في مجال شؤون الموظفين حيث صدر في عام 1364ه/1945م أول نظام خاص بموظفي الحكومة سمي «نظام الموظفين العام»، كما غير اسم «ديوان المأمورين والعوائد المقررة» إلى «ديوان الموظفين والتقاعد»، أمّا في عام 1373ه/1953م فقد شهد الوضع الإداري بالمملكة تحولاً كبيراً، حيث أنشئ مجلس الوزراء الذي جاء في أحد أحكام نظامه «أن ديوان الموظفين العام مسؤول عن مراقبة تطبيق الأنظمة والتعليمات المتعلقة بشؤون الموظفين بصفته جهة مختصة».
مجالات واختصاصات
ولتفعيل دور الديوان بشكل أفضل صدر نظام الموظفين وتم إلحاق ديوان الموظفين العام برئاسة مجلس الوزراء بدلاً من وزارة المالية، حيث أصدر مجلس الوزراء عام 1383ه/1963م- قراراً يقضي بتطوير الديوان وتحديد المجالات العامة لاختصاصاته ورفع مرتبة رئيسه إلى مرتبة وزير وارتباطه مباشرة برئيس مجلس الوزراء، تلى ذلك صدور أمر سامٍ عام 1385ه/1965م بتحويل الديوان مسؤولية الإشراف على المؤسسات العامة ومراجعة أمورها الوظيفية، واستمرت المراحل التطويرية لديوان الموظفين إلى أن صدر الأمر السامي رقم 6 /12 /1389ه بالموافقة على قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري في 20 /1 /1389ه الخاص بالهيكل التنظيمي الجديد للديوان كجهاز يتولى الإشراف على شؤون العاملين بالخدمة المدنية بجميع الأجهزة الحكومية، وتولى ديوان الخدمة المدنية استقبال طالبي التوظيف وتعيينهم حسب شهاداتهم وخبراتهم في مختلف الوظائف الحكومية، وقد تأسست أول دائرة للعمل تنفيذاً لأحكام قانون العمل رقم 21 عام 1960م، حيث أضيف تسمية العمل إلى وزارة الشؤون الاجتماعية منذ تأسيسها عام 1380ه، ولم تقف حركة التطوير في مجال الخدمة المدنية عند هذا الحد، فقد حدثت قفزة تطويرية مهمة في هذا المجال عام 1397ه/1977م بصدور المرسوم الملكي الكريم القاضي بإحداث «مجلس الخدمة المدنية»، والموافقة على نظامه.
جهاز تشريعي
وبذلك أصبح للخدمة المدنية جهاز تشريعي مستقل يرأسه رئيس مجلس الوزراء، ويعنى برسم السياسة العامة للخدمة المدنية ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، وإصدار اللوائح التنفيذية المتعلقة بشؤون العاملين بالخدمة المدنية، وقد صاحب ذلك تعديل اسم ديوان الموظفين إلى «الديوان العام للخدمة المدنية»، كما صدر إلى جانبه مرسوم ملكي آخر يقضي بالموافقة على نظام جديد يحمل اسم «نظام الخدمة المدنية»، تلى ذلك صدور قرار مجلس الوزراء عام 1398ه /1978م- يقضي بتطبيق قواعد نظام الخدمة المدنية على موظفي معظم المؤسسات العامة، وبتاريخ 1 /3 /1420ه صدر الأمر الملكي بإنشاء وزارة الخدمة المدنية لتحل محل «الديوان العام للخدمة المدنية» صدر الأمر الملكي بفصلهما في عام 1425ه، ثم أعيد دمجهما بمسمى «وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية» عام 1436ه، وفي 25 فبراير 2020م الموافق 1 رجب 1441ه صدر أمر ملكي بضم وزارة الخدمة المدنية إليها، وتعديل مسمى الوزارة لتصبح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
تنمية اجتماعية
وتمكينًا للمواطنين وتحقيقًا لرؤية المملكة 2030 أطلق القطاع الحكومي عدداً من المبادرات لتأهيل وتدريب السعوديين والسعوديات بحسب احتياجات سوق العمل لتعزيز قدراتهم وتطويرها، وتحقيقًا لرؤية 2030، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامج العمل الحر لتمكين الطاقات الوطنية ودعم الباحثين عن فرص دخل إضافية والعاملين لحسابهم الخاص، ويُقدّم البرنامج وثيقةً معتمدة من الوزارة للمتخصصين في عدد من النشاطات، وتتيح لهم فرصة العمل في مجال تخصصهم بشكل مستقل، كما تمنحهم عدداً من المميزات فور إصدارهم وثيقة العمل الحر، وتحظى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدعم لا محدود من القيادة الرشيدة، نظير اتساع نطاقات إشرافها ومجالات عملها، ودورها المهم في تحقيق مستهدفات التحول الوطني وأهداف رؤية المملكة 2030، فهي تمتلك اليوم عدداً من الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز كفاءة وفاعلية وجاذبية سوق العمل السعودي وتعزيز شبكة الأمان والحماية الاجتماعية وزيادة مساهمة القطاع غير الربحي في الاقتصاد الوطني، وتحقيق تنمية اجتماعية مستدامة، ورفع مستوى إنتاجية القطاع العام وتطوير أنظمته وزيادة مرونتها بما يعزز من أدواره في دعم إجمالي الناتج المحلي.
منصات إلكترونية
وفي عصرنا الحاضر -عصر الثورة التكنولوجية والإلكترونية- بات البحث عن العمل عن طريق التقدم عبر منصات التوظيف المعتمدة دون الحاجة إلى البحث عن العمل في وزارة الموارد البشرية أو في المصالح الحكومية أو الشركات والمؤسسات الخاصة كما كان الوضع سابقاً، فما على من يبحث عن العمل في وقتنا الحاضر إلاّ التقديم عبر المنصات الإلكترونية وتعبئة الحقول المطلوبة والسيرة الذاتية بما تحتويه من شهادات وخبرات، ومن ثم الانتظار إلى أن يتم استدعاء المتقدم وإجراء المقابلات الشخصية ومن ثم توجيهه إلى العمل بما يتناسب وشهاداته وخبراته، حيث تسعى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إلى استقطاب أفضل الموارد البشرية من كلا الجنسين لتحقيق رؤية الوزارة وتمكين الفرد والمجتمع والمؤسسات، والارتقاء بسوق العمل من خلال تطوير السياسات والتشريعات، وتمكين منسوبي الوزارة من تقديم تجربة مميزة للمستفيدين، حيث فتحت المجال للجميع ذكوراً وإناثاً للتقدم لفرص العمل المتاحة إيماناً منها بأهمية توفير أفضل الممارسات التي تكفل مشاركة الجميع في العمل وتحقيقاً لمبدأ المساواة بين الجنسين، كما تسعى الوزارة لتحقيق أهدافها من خلال التكامل بين الموارد البشرية المؤهلة وبرامج التحول الرقمي الداعمة في ظل بيئة عمل محفزة، كما يمكن لطالبي العمل من المواطنين السعوديين تسجيل بياناتهم الشخصية، ومؤهلاتهم، وخبراتهم العملية، مع إرفاق الوثائق اللازمة إلكترونيًّا، وذلك عن طريق المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف «جدارات»، حيث تتيح لهم المنصة الاطلاع على فرص العمل في القطاعين العام والخاص، والتقديم عليها حسب التواريخ المحددة.
قديمًا كان الناس يعتمدون على العمل الحر كالزراعة أو التجارة أو البناء وغيرها
قبل سنوات كان الشاب يحمل ملفا علاّقا بداخله مؤهلاته للتقديم على الوظائف
إعداد: حمود الضويحي

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.