حضور القصّاص في زمن التابعين

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حضور القصّاص في زمن التابعين, اليوم الجمعة 13 ديسمبر 2024 12:49 صباحاً

حضور القصّاص في زمن التابعين

نشر بوساطة سوسن العتيبي في الرياض يوم 13 - 12 - 2024

2108639
كان حضور القصّاص امتداداً لحضورهم في زمن الصحابة رضي الله عنهم، ولم يختلف في أصله عن دلالة الوعظ فيما بين أيدينا من آثار عن زمن الصحابة، ولكن يظهر أن فئة القُصّاص (فئة من المذكّرين) تضخّمت، وضخَّمت جانب القصص، فكانوا يواظبون على القصص والأشعار، التي صاحبت مجالس التذكير، حتى غابت ملامح المجالس التذكيرية الأولى، وبدت ملامح مجالس القصص، وما فيها من أخطاء، وما يُستنكر، مع قوة النفاذ إلى الناس بتأثير لون الخِطاب القصصيّ.
ومن وظائف القاصّ الرئيسة: تلاوة القرآن على الناس، ويُعنى القصاص -بشكل كبير- بنوعين من الآيات: آيات الوعد والوعيد (الترغيب والترهيب)، وآيات القصص، وأخبار الأمم السابقة؛ لما لها من أثر في استمالة الحاضرين وجلب انتباههم. ويحتاج القاصّ عند مروره بهذه الآيات إلى بيانها، فيخطئ في فهمها، بسبب تفسيرها بالروايات الباطلة، والقصص المختلفة، وقد يستشهد ببعض الآيات، ويخطئ في تنزيلها، لقصد وعظيّ.
وكان للتابعين وجوه نقد لهذه المجالس بعامة، لما خالطها من أمور تُنكر، منها: التحذير؛ فقد جاء عن مسلم أنّ عاصماً قال: كنا نأتي أبا عبدالرحمن السلمي [وهو غير أبو عبدالرحمن السلميّ في القرن الخامس الهجري]، ونحن غلمة أيفاع، فكان يقول لنا: «لا تجالسوا القصّاص غير أبي الأحوص، وإياكم وشقيقاً»، قال: «وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج، وليس بأبي وائل». وقد يصل إنكارهم إلى معاقبة من يجالسهم، فقد جاء في الأثر عن الضحاك، قال: «رأيت عمر بن عبدالعزيز يسجن القُصّاص ومن يجلس إليهم» (ابن وضاح). وكذا التصريح بمخالفتهم للسنة في باب التعبّد، فقد بوّب ابن خزيمة في صحيحة: «باب استحباب تخفيف الركعتين قبل الفجر اقتداء بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، إذ اتباع السنّة أفضل من الابتداع؛ على ما يأمر به القصاص من تطويل الركعتين قبل الفجر».
ولعل أهم نقد للقصّاص كان في مجال تأويلهم لكتاب الله سبحانه، انتقاداً لتفسيرهم القرآن بلا دليل مُسند، أو فقه التفسير من ناسخ ومنسوخ ونحوه، أو انتقادهم من جهة تأويل الآيات على نحو يرغّب الناس في مجالسهم، ومن ذلك ما جاء عن مجاهد قال: «صليتُ الصبح مع سعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدر الناسُ القاصَّ، فقال سعيد: ما أسرعهم إلى هذا المجلس! قال مجاهد: فقلت: يتأوّلون ما قال الله تعالى، قال: وما قال؟ قلت: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الكهف:28]، قال: وفي هذا ذا؟ إنما ذلك في الصلاة التي انصرفنا عنها الآن، إنما ذاك في الصلاة!». كذا استنكار تشديدهم على الناس، وإكثار المواعظ وآيات الوعيد والترهيب، ومن ذلك ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه دخل المسجد، فإذا بقاصٍ يذكر النار والأغلال، فجاء حتى قام على رأسه، فقال: «يا مذكر أتقنط الناس؟ (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ) [الزمر: 53]».




أخبار ذات صلة

0 تعليق