مجالس القصّ في زمن الصحابة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مجالس القصّ في زمن الصحابة, اليوم الخميس 5 ديسمبر 2024 11:51 مساءً

مجالس القصّ في زمن الصحابة

نشر بوساطة سوسن العتيبي في الرياض يوم 06 - 12 - 2024

2107592
ظهر لون القصّ مع القصّاص، بعدّهم فئة تخصَّصت في القصّ والتذكير، في زمن الصحابة، على فترتين: فترة الجذور في زمن كبار الصحابة رضي الله عنهم، كتميم الداري أوّل من قصّ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أذِن له عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد أن ألحّ على عمر. فالقصّ هنا لون مخالط من فئة مخصوصة في الفترة الأولى من زمن الصحابة، ولم تعقد لهم المجالس تخصيصاً. أمّا في زمن صغار الصحابة فقد برز تحوّل نحو عقد مجالس للقصّ والوعظ، في زمن كانت المجالس تعقد للقرآن والعلم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتخللها الوعظ كما ذُكر عن ابن مسعود رضي الله. فاستحثّ هذا الطارئ الاستنكار، استنكاراً لأمر غير معتاد، فيروى عن ابن عمر رضي الله عنهما: «لم يقصّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر ولا عمر، ولكنه شيء أحدثوه بعد عثمان» (مسند أحمد)، وهذا الأثر يدل على أن المقصود من سماح عمر رضي الله عنه لتميم الداري بالقصّ لا يعني تخصيص الداريّ بهذه المهمة فقط، ولا عقد المجالس، إنما هو أمر ضمن أمور، وخطاب ضمن خطابات في مجالس.
إذاً، ظهرت جماعة القصّاص، إن في لون خطابهم، أو مصادره عن اليهود وغيرهم، في زمن الصحابة رضي الله عنهم، ومن زمن صغار الصحابة شاع تخصص «القصّ والوعظ»، فكان نشوء القصص في بدايته مرتبطاً بالواعظ والوعظ كظاهرة يختص بها قوم يُعرفون بها (ومجرّد الوعظ أو القصّ لا شيء فيه، إنما السلوك، والاجتماع له)، ومنذ ظهورها ظهر تمايز بين خطابين: خطاب الوعظ، وخطاب العلم والفقه، مما جعل بعض الصحابة رضي الله عنهم يعلنون النكير على الوعاظ. وزاد أن داخلت تلك المجالس منافذ لأهل الأهواء والمبتدعات، فظهر الخط المنحرف البيّن انحرافه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، ولذلك «يرد عن بعض السلف أن الذي أحدث القصص أهل البدع، وجاء عن بعضهم أن الذي أحدثها الحرورية، ومرادهم -والله أعلم- اشتهار القصص وكثرتها وظهورها بصورة مخالفة لما عليه الصدر الأول»، ومنهم شقيق الضبّي من قدماء الخوارج، ومن القصّاص. ونقل ابن الجوزي في «القصّاص والمذكرين»: «عن ابن سيرين أنه قال: « أول من قصّ الحرورية، أو قال: «الخوارج». إنما أشار ابن سيرين إلى اشتهار القصص وكثرتها، وإلا فقد روينا أن عمر أذن لتميم الداري في القصص».
وردّ بعضهم أنَّ كراهية ابن عمر لتفسير القرآن كانت من أجل القصّاص الذين يقصّون على العامّة، و»كان لا يتسامح معهم، ولو حسُنت أغراض عملهم؛ وهؤلاء المفسرون لا يقف خيالهم عند حد، قد مدّوا أيضاً من ناحية المغازي والحروب إلى ما يتعلق بالإسلام في مستقبله، وشرحوا ذلك بالقرآن في سبيل التنبؤ». ومن الآثار المنكرة من قبل صغار الصحابة رضي الله عنهم: جاء عند ابن وضاح: «أن قاصّاً دخل فجلس قريباً من ابن عمر، فقال له ابن عمر: « قم» فأبى أن يقوم، فأرسل إليه شرُط فأقامه»، وقول ابن مسعود عندما وقف على عمرو بن زُرارة وهو يقص قال له: «يا عمرو لقد ابتدعت بدعة ضلالة، أو أنك لأهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه»!
إذاً، القصّاص في زمن الصحابة رضي الله عنهم، أحدثوا لوناً خطابياً خاصّاً، وعقدوا المجالس، واستعانوا بمصادر أخرى غير الكتاب والسنّة، وراموا استمالة القلوب ووعظها، وأُنكِر عليهم من صغار الصحابة رضي الله عنهم. فهذه أول تشكلات الخطاب القصصيّ المتخصص.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق