بين التراث والابتكار: فنانون يصنعون حواراً إبداعياً في نيوم

سعورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين التراث والابتكار: فنانون يصنعون حواراً إبداعياً في نيوم, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 04:09 صباحاً

بين التراث والابتكار: فنانون يصنعون حواراً إبداعياً في نيوم

نشر بوساطة لينا الساعد في الرياض يوم 31 - 05 - 2025

alriyadh
منذ طفولتها، اعتادت عهد العمودي مشاهدة والدتها الفنانة وهي تبدع أعمالاً فنية مميزة في منزلهما، حيث كانت تلمح الشغف الذي تبثه والدتها في كل قطعة تنتجها. ترك ذلك أثراً عميقاً في مخيلة الفتاة الصغيرة وذاكرتها. بفضل هذا الشغف، سارت عهد على خُطا والدتها لتصبح اليوم فنانة تشارك بأعمالها في معارض فنية محلية ودولية، وقد قادها هذا الشغف إلى أن تكون واحداً من أربعة فنانين محليين دُعوا للمشاركة في برنامج الإقامة الفنية (AiR) في نيوم.
رأت عهد في البرنامج، الممتد على مدى ثلاثة أشهر، والهادف إلى تطوير التجارب الفنية وتعزيز التعاون بين الجيل الجديد من الفنانين السعوديين، فرصة لاكتشاف واختبار أفكار غير مسبوقة بالتزامن مع إعلان وزارة الثقافة السعودية عام 2025 عاماً للحرف اليدوية.
وتقول عهد: "أتاحت لنا نيوم استكشاف مساحات جديدة للإبداع من خلال الحرف اليدوية، التي تُعد إحدى الركائز المهمة في ثقافتنا المحلية. وقد دفعتنا هذه التجربة إلى ابتكار أشكال ورؤى فنية جديدة، وتطوير حرف يدوية للمستقبل".
وتضيف عهد، التي تواصل حالياً دراستها لنيل درجة الدكتوراه في الكلية الملكية للفنون بالمملكة المتحدة: "من خلال التصميم الدقيق للبرنامج، تحقّق تعاون مثمر بين جميع المشاركين، ما أتاح لنا الاطلاع على آراء متباينة حول مواضيع متشابهة، كما ساعدنا على تكوين رؤية شاملة لكثير من جوانب الحياة التي نختبرها في آن واحد. لقد كانت تجربة فنية تثري بلا شك رحلتي الفنية. وأنا سعيدة وممتنة للوقت الذي قضيته في نيوم".
ومن الحرف اليدوية التي فتحت فضاء الإبداع أمام عهد، إلى الطبيعة التي أطلقت شرارة الابتكار عند أيمن زيداني، وهو فنان سعودي آخر مشارك في برنامج الإقامة الفنية. نشأ أيمن في جبال السروات بمنطقة عسير وقاده شغفه الفني للتعرف على تنوع الطبيعة في جميع مناطق المملكة، من الجبال إلى الصحاري إلى البحار. ورغم تنوّع هذه البيئات وأثرها في أعماله، منحت تجربة نيوم ببيئتها وثقافتها وتاريخها بعدًا فنيًّا إضافيًّا، تتداخل فيه المناظر الطبيعية مع الموروث الثقافي في تناغم فريد بمكان واحد.
واعتبر أيمن مشاركته في برنامج الإقامة الفنية تتويجًا لمسيرته الفنية الشخصية التي بدأها منذ ثلاث سنوات، وخلالها اكتشف المكنونات الفريدة للإرث الحضاري والثقافي والفني لمنطقة شمال المملكة، وأوضح أن هذه المكنونات مهدت له الطريق لمواصلة أبحاثه في هذا المجال، إذ أتيحت له فرصة العمل عن كثب مع فريق قطاع البيئة في نيوم، ومناقشة عمله المتعلق بالثقافة النبطية، وهي واحدة من أقدم وأعرق الثقافات في المنطقة.
يقول زيدان: "عملت مع فريق البيئة في نيوم على محاولة تحديد أنواع الطيور التي استخدمت رموزاً للدلالة على أسرار الكون، وانتهينا إلى احتمال أن يكون النسر الأسود، الذي يستوطن جبال الشراة في الأردن، أحد تلك الرموز. نعم، إنها قطعة من اللغز تم حلها بالنسبة إليّ، إذ إن البحث الذي أعمل عليه حالياً يحمل عنوان (إلى النسور)، ويُعنى بالنسور التي عاشت في مناطق الحجر والحجاز والعلا ومناطق الأنباط بشكل عام".
من جانبه، يشاطر عبدالمحسن آل بن علي، الذي يعمل حالياً في قسم المقتنيات والمجموعات بمتحف العلا، زيدان حبه للطبيعة، مع إيلائه اهتماماً خاصاً بالطيور. وخلال إقامته في نيوم، ضمن برنامج الإقامة الفنية، تركّز عمله الإبداعي على دراسة وتحليل أنماط هجرة الطيور، والفروقات التي تميّز أنواعها في المنطقة عما هو موجود في أماكن أخرى.
ويقول عبدالمحسن: "استلهم في عملي تجارب الطبيعة التي ترويها الأساطير، وكيف نعيش كبشر في بيئاتنا ونتفاعل مع التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية. أسعى إلى التعبير عن ارتباطنا بأرضنا من منظور الفولكلور والخيال والسرد القصصي، لتبسيط فهم علاقتنا بالطبيعة". ويضيف: " كنت مهتماً بالطيور وأنماطها لأن أراضي نيوم تعد نقطة عبور للعديد من الطيور المهاجرة، فهي أشبه بمفترق طرق، وفي الواقع، الطيور التي رأيتها في نيوم رائعة جداً، والكثير منها كانت من الطيور المهاجرة. وما أثار اهتمامي أكثر أن الكثير من الطيور هنا لا تبدي خوفاً من البشر، فالمكان ظل منعزلاً فترة طويلة، ما جعل الطيور أكثر ألفةً وقابليةً للاقتراب، على عكس طيور المدن التي تهرب بمجرّد رؤيتك تقترب. هذا الأمر وجدته جذابًا للغاية".
ويلخص عبدالمحسن رؤيته حول الممارسات الفنية التقليدية وتمايزها عن التجارب الحديثة، مشيراً إلى أن عامل الزمن كفيلٌ بجعل هذه الممارسات الجديدة أصيلة بحدّ ذاتها. ويؤكد أهمية دور الفنانين السعوديين في استكشاف تاريخهم إذا ما أرادوا إرساء مشهد فني معاصر فريد من نوعه في وطنهم.
وبين الأعمال الفنية، والطبيعة، والطيور، يظهر وجه آخر للفن، يتجلى بتعبيرات الجسد، فتتشكّل قصص تروي بسرديتها تاريخ الإنسانية وحضارتها. وفي هذا السياق، يوضح بلال العلاف، المتخصص في الأداء الفني المعاصر، كيف يتكامل الرقص بوصفه فناً متفرداً مع بقية الفنون.
يقول بلال: "نحن جميعنا فنانون، لكن أساليب التعبير الفني في الرقص تختلف كثيراً عن تلك المستخدمة في النحت أو الرسم، وفي النهاية، يستلهم الراقص فنّه من أنماط مختلفة من الفنون، خصوصاً خلال ما يحضّره للأعمال الفنية أو العروض الكبرى، حيث يعمل مع مصممي الإضاءة والمصممين المسرحيين، وجميعهم فنانون يتمتّعون برؤاهم الخاصة في مجال الفنون البصرية والحركية المعاصرة". ويؤكد أن ما تقدمه نيوم في هذه التجربة يعزّز التناغم بين الفنون الجمالية والبصرية، ويدعم حضورها في النسيج الثقافي السعودي، ما يفتح مزيداً من الآفاق الواسعة للإبداع.
ويتعاون بلال مع مؤسسة بينالي الدرعية، كما أنه عرض بعض أعماله في بينالي الفنون الإسلامية الذي أقيم هذه السنة في مدينة جدة، ويشير إلى أنه يسعى إلى الارتقاء بمستوى الأداء الفني المعاصر والرقص في المملكة، ونقله للعالمية، إضافة إلى تمكين المواهب الوطنية الواعدة من خلال تأسيس شركته الخاصة بالرقص. ويضيف: "أعمل حالياً على تأسيس شركتي، بالتوازي مع تكوين فرقة رقص احترافية تضم أشخاصاً من مختلف مدن ومناطق المملكة، ليحظى المهتمّون بهذا الفن بفرصة التدريب اللازم ومنصة لإطلاق مواهبهم. كما أطمح لتأسيس مجتمع مهتم بالرقص والأداء الفني المعاصر، يتعاون فيه الفنانون السعوديون لتقديم أنماط متنوعة من العروض على مختلف مسارح المملكة".
وتأتي هذه التجربة ضمن مجموعة البرامج والمسارات المتخصصة التي تتبناها نيوم، الهادفة إلى تمكين الشباب والمواهب بوصفها مركزاً رائداً للابتكار والثقافة. ومن خلال هذه الجهود المتكاملة، تعمل نيوم على دعم الحراك الثقافي المحلي وتسريعه، وتعزيز التجارب المميزة وصولاً إلى العالمية.
الفنان عبدالمحسن بن علي
الفنانة عهد العمودي
الفنان أيمن زيدان
الفنان بلال العلاف

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق